خبر

ثورة 17 تشرين لم تنطفئ: الأحدب يغرق 'ساحة النور' بالدم.. ونداءات باسيل والحريري لا مستجيب لها!

لم تعد طرابلس، صوت الزعماء، والتيارات، والأحزاب، فبعد "عقصة" الانتخابات النيابية، والتهميش الذي طالها، أعلنت هذه المدينة ثورتها على نفسها وسياسيها وصورهم!
في التحركات الأخيرة، انخرطت طرابلس تحت لواء الثورة، خرج أهلها بعدما ارتدوا عباءة الأحزاب منذ العام 2005 واعتكفوا منذ حينها عن الساحات إلا بطلب من الزعيم، انسابوا إلى الشوارع، رفعوا الصوت وأعلام الوطن، شتموا، غضبوا... ليأتي المشهد بأكلمه صباح اليوم!
نساء طرابلس كنّ أوّل من احتشد عند ساحة النور، الآلاف من المواطنين تركوا أعمالهم، أغلقوا محلاتهم، ورفعوا صوت الوطن بحثاً عن صورة وطن يحميهم.

"كلن يعني كلن"

لم يضيّع متظاهرو طرابلس البوصلة، فعلى خطى جيرانهم بالوطن، المطالب أتت واضحة "كلن يعني كلن"، وأن يسقط الجميع، حكومة ومجلساً وقصراً.. فالشعب ضاق ذرعه. المتظاهرون كانوا واضحين مع أنفسهم منسجمين مع قناعاتهم مزقوا الصور، جميع الصور، دون استثناء، وأعلنوا انتهاء المهل والفرص، فهذه الطبقة لم يعد يعوّل عليها وهي على حد قولهم طبقة من "الفاسدين"!
المحتشدون الذين أصرّوا على رحيل الجميع، طالبوا أولاً بمحاسبتهم، باسترجاع الأموال المنهوبة، بإعادة للدولة حقه وللشعب حقه.

تظاهرة طرابلس التي لم يخفت صوتها رغم الغياب الإعلامي، الذي بررته قناة "الجديد" لاحقاً، بالطرقات المقطوعة، أخذت مساحتها من بعد عصر اليوم على شاشة تحسين خيّاط في ظلّ عدم إيفاد باقي القنوات مراسلين إليها.
على الشاشة أيضاً نساء المدينة كنّ في المقدمة، وامتلأت الساحة بالشبان والشابات والأطفال والعجزة.

بروباغندا "الأحدب" الدموية
مشهد ساحة النور، انقلب في لحظة دموياً، وذلك بعد إطلاق مرافقي النائب السابق مصباح الأحدب النار على المتظاهرين بأسلوب همجي، وذلك من باب الغضب عليهم لرفضهم حضور الأحدب وإلقائه كلمة ورشقه بقناني البلاستيك الفارغة.
محاولة الأحدب في تسّلق المشهد وتقديم نفسه كمعارضة، لم تفشل فقط، وإنّما أظهرته على صورته، متحصناً ببعض المسلحين الذي لا يعرفون جاراً ولا شقيقاً لأجل الزعيم..

الأحدب الذي غادر الساحة تاركاً خلفه جرحى، بعضهم في حالة حرجة، أخرج المتظاهرون عن طورهم، فأحرقوا كاراجه على التل، وتوّجهوا بعدها إلى منزله، حيث احتشدوا وأحرقوا إحدى سيارات موكبه.

"ميقاتي" يستوعب الحراك ويستمع لمطالبهم
على الرغم من أنّ لبنان مطبق عليه من رباعية "تيار المستقبل - حزب الله - التيار الوطني الحر - حركة أمل"، غير أنّ التظاهرات لم تقف عند هذا الكبّاش الرباعي للسلطة ولصفقاتها، فشهدت منازل السياسيين ولاسيما في طرابلس تحرّكات عديدة أمامها، من بينها منزل النائب فيصل كرامي، ومنزل رئيس كتلة "الوسط المستقبل" دولة الرئيس نجيب ميقاتي.
ومع أنّ بعض وسائل الإعلام عملت على الإضاءة بشكل مبالغ على حدّة التظاهرة، غير أنّ ما كان على أرض الواقع كان مغايراً وإيجابياً، فالرئيس ميقاتي تفّهم وجع المتظاهرين ومطالبهم وطلب منهم تأليف لجنة مؤلفة من 5 أشخاص كي تجتمع به وتناقشه بكل هواجسها، وهذا ما حدث، وعلى إثر ذلك انتهى الاعتصام أمام دارته "سليماً" من دون أيّ احتكاك لفظي أو جسدي مع المتظاهرين، ومع التشديد الكامل من قبل دولته على احترام صوت المواطنين وحقهم في التعبير.

اللبنانيون يحطمون الطائفية و"الرموز"
التحركات التي امتدت من الشمال إلى الجنوب، مروراً ببيروت وجونية وجبيل، حملت صرخة عابرة للمناطق وللطوائف، هذا التحرك الذي منع السلطة من تجييره طائفياً عبر التصويب على "الجميع"، وعدم الانحياز لأي شخصية.
ثورة 17 تشرين، كانت الأصدق، من حيث الوجع، فجميع المواطنين توّجعوا إلى قياداتهم بالسؤال والمحاسبة، صور والنبطية حاسبت رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الضاحية سألت أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن وعوده، البترون أعربت عن خيبتها بالتيار الوطني الحر، والشمال وبيروت طالبا رئيس الحكومة سعد الحريري بتقديم الاستقالة.

باسيل يتفهم المتظاهرين.. والحريري يطلب 72 ساعة
السلطة التي صمتت أمس، نطقت اليوم جمعاً، فأكّد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من بعبدا تفهمه للتحركات، معتبراً " أن ما يحصل "يجب أن يقوّي موقف الرئيس وموقفنا وموقف كل الإصلاحيين"، ومتهماً "بعض الداخل" بأنه "يشن الحرب الاقتصادية على لبنان ويدعو لإسقاط العهد، وهو يمتطي موجة شعبية صادقة ويحاول حرفها عن أهدافها المحقة".
من جهته أعلن الرئيس الحريري في كلمته التي انتظرها اللبنانيون، أنّ ما يحصل في الشارع جعله ينظر إلى الأمور بعين أخرى وليس من باب الندم على التسوية الرئاسية، مضيفاً "ما حصل بالأمس جعلني أنظر إلى الأمور بعين أخرى وليس من باب الندم على التسوية الرئاسية".
وختم الحريري قائلاً "مهلة قصيرة جداً أعطيها لنفسي مدتها 72 ساعة وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع".

المتظاهرون: الشارع أو الاستقالة
كلام الحريري وباسيل لم يغيّر من الواقع شيئاً.. حماسة المتظاهرين بالشارع لم تتراجع، وأيّ تسوية مع هذه السلطة لم تطرح، فالتحرك قائم حتى إسقاط النظام.