دوكان في بيروت
وتنعقد طاولة الحوار بالتزامن مع زيارة الموفد الفرنسي الخاص بمتابعة مؤتمر "سيدر"، بيار دوكان، لبيروت.
وتأتي زيارة الموفد الفرنسي في وقت أبدت فيه فرنسا قلقها من الوضع الاقتصادي والمالي الهش في لبنان.
وتأتي زيارة السفير دوكين لتحذير اللبنانيين، كما أوضح مصدر ديبلوماسي لـ"النهار"، من مغبة عدم السير في أسرع ما يمكن بالإصلاحات المطلوبة دولياً، المالية والاقتصادية والبنيوية، للإفادة من مقررات مؤتمر "سيدر" التي تخطت الـ11 مليار دولار كقروض ميسرة لتنفيذ مشاريع لإعادة اعمار البنى التحتية اللبنانية. فصبر المستثمرين بدأ ينفد، كما ان الدول قد تخصص هذه التسهيلات لدول أخرى.
ورأى المصدر ان السلطات اللبنانية تأخرت كثيراً في اقرار الاصلاحات الضرورية، وان دولاً عدة قدمت هذه القروض بدأت تفقد الامل في سير لبنان بخطة اصلاحية بنّاءة تعيد الثقة الى المستثمرين. أضف ان مؤتمرات باريس السابقة لمساعدة لبنان تركت لدى العديد من الدول تساؤلات حول صحة اعتزام السلطات اللبنانية القيام بهذه الاصلاحات.
ولفت المصدر الى أن الحكومات الغربية هي اليوم أمام صعوبات أكبر لتأمين التسهيلات المالية لدول اخرى، فهناك محاسبات من السلطات التشريعية لم تكن قائمة من قبل. وضرب مثلاً على ذلك ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لا يمكنه ان يقدم اليوم، ما قدمه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الى لبنان في المؤتمرات السابقة، كون المساعدات تخضع للمراقبة من السلطات التشريعية.
وفيما كان دوكان قد عبّر في زيارة سابقة عن استيائه من عدم جدية الأطراف اللبنانية في تنفيذ الشروط المطلوبة من دائني "سيدر"، واحتمال عدم قدرة لبنان على الوفاء بما وعد به من "إصلاحات والتزامات"، قالت مصادر سياسية لـ"الأخبار" إن "المبعوث المكلف بمتابعة تنفيذ مقررات المؤتمر يأتي الى لبنان من أجل الاطلاع على آخر المستجدات الاقتصادية والمالية في ضوء الحوار الذي يستضيفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون".
ويمكن ان يعرض دوكين مع السلطات اللبنانية الاولويات بالنسبة الى الاصلاحات الضرورية، ومنها مثلاً تطوير قطاع الكهرباء، خصوصاً ان موازنة 2019 لم تلحظ أي اصلاحات بنيوية للقطاع. وهو يأمل في ان تلحظ موازنة 2020 هذه الاصلاحات التي وعدت السلطات اللبنانية بالقيام بها في مؤتمر "سيدر" ربيع العام الماضي، كما بإصلاحات اخرى تعيد الثقة الى المستثمرين.
الاّ أن الأنظار تبقى متجهة الى القصر الجمهوري، وتحديداً الى الاجتماع المقرّر لممثلي الكتل البرلمانية، وهو الذي يمكن وصفه بـهيئة "حوار وطني اقتصادي".
وقالت أوساط وزارية لـ"اللواء" ان فريق رئيس الجمهورية اعد أكثر من ورقة اقتصادية للاجتماع، بعضها يتعارض مع بعض، وكشفت ان رئيس الجمهورية طلب من هذا الفريق جمعها في ورقة واحدة.
وعلمت "اللواء" ان فريق رئيس الحكومة أعدّ ورقة اقتصادية اتسمت بالواقعية، تراعي الأوضاع على الأرض، وتأخذ بعين الاعتبار الظروف المعيشية والاجتماعية.
وتجري مشاورات مع الفعاليات الاقتصادية لاستمزاج رأيها في الاقتراحات المطروحة لمعالجة الوضع الاقتصادي..
وفي الوقت، الذي تواجه فيه الهيئات الاقتصادية بالرفض لأية محاولة لفرض ضرائب جديدة، أو رفع ضريبة الأرباح على الفوائد المصرفية، وقد تدعو إلى تحركات، بانتظار صدور الإجراءات التي وصفت بالقاسية، كذلك الأمر بالنسبة للهيئات النقابية وروابط المتقاعدين، وحراك العسكريين.
علم ان الآجتماع الذي دعا اليه الرئيس عون الأثنين المقبل في قصر بعبدا ويعقد برعايته يحضره رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية في مجلس النواب.
وأوضحت مصادر مقربة من قصر بعبدا لـ"اللواء" ان الاجتماع مخصص للقيادات السياسية من اجل مواكبة الإجراءات المنوي اتخاذها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية.
ولفتت الى ان هناك ورقة عمل رئاسية ستقدم الى المجتمعين وتضم افكارا لمعالجة الأوضاع وسيقوم نقاش حولها مع القيادات كي تكون هناك مواكبة سياسية للإجراءات الاقتصادية والاصطلاحات التي تتخذ انطلاقا من الاجتماع المالي الذي عقد في قصر بعبدا وتم فيه وضع ورقة اقتصادية قبيل اجتماع المصارحة والمصالحة.
وكررت المصادر نفسها التأكيد ان الاجتماع سيواكب سياسيا الإجراءات الاقتصادية المنتظر اتخاذها سواء في موازنة 2020 او "سيدر" او "ماكينزي". وقالت ان هناك نقاشا على ورقة العمل التي يقترحها الرئيس عون اي بحثها بندا بندا على ان تتخذ التوصيات المناسبة.
وعلم ان أبرز الحضور: الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير جبران باسيل، النواب طلال ارسلان، أسعد حردان، محمد رعد، هاغوب بقرا دونيان، سامي الجميل، جهاد الصمد عن اللقاء التشاوري، النائبان السابقان وليد جنبلاط وسليمان فرنجيه ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
الى الضرائب درّ
وبحسب صحيفة "الديار" فان رئيس الجمهورية اعدّ ورقة عمل بعد سلسلة اجتماعات عقدها في الايام الماضية، وان رئيس الحكومة يملك ايضا تصورا مستندا الى الورقة التي كان اعدها في مناقشة موازنة العام 2019 والتي لم يؤخذ بالعديد من نقاطها، كذلك فإن الرئيس بري يحمل الى الاجتماع سلسلة من الافكار والاقتراحات الاقتصادية والمالية، مع التأكيد على عدم تحميل الفئات الفقيرة والمحدودة الداخل اعباء اضافية.
وحسب ما تردد في اليومين الماضيين خصوصا بعد تأكيد المسؤولين على وجوب الاخذ بعين الاعتبار الوضع الصعب واتخاذ قرارات قاسية فإن هناك اقتراحات ستكون موضع نقاش طويل، خصوصا انها لا تحظى بموافقة اطراف عديدة ومنها:
زيادة سعر البنزين بين ثلاثة آلاف وخمسة الاف ليرة للصفيحة زيادة ضريبة الـ T.v.A 2% تجميد الدرجات والعلاوات في القطاع العام لثلاث سنوات وربما تخفيض الرواتب بين 5 و10% لثلاث سنوات زيادة ضريبة الدخل على معاشات المتقاعدين مرة اخرى بنسبة واحد او اثنين بالمئة.
قال مصدر نيابي اقتصادي مطلع ان الاجتماع الاثنين يهدف الى تحقيق اجماع سياسي على الاجراءات المطلوبة لمواجهة الوضع الاقتصادي والمالي.
واضاف "ان المطلوب ليس فرض ضرائب جديدة، المطلوب، اكثر من وضع مثل هذه الضرائب جهد اصلاحي حقيقي بحيث نستعيد من خلاله ثقة الناس ونعطي انطباعا حقيقيا بتغيير المسار التعطيلي الذي شهدناه ونشهده. فمثلا المطلوب تعيين نواب حاكم مصرف لبنان في اسرع وقت لاكتمال واجتماع المجلس المركزي حيث نحتاج الى ذلك في حالات كثيرة ومنها على سبيل المثال حالة وضع "جمال ترست بنك" على جدول العقوبات الأميركية".
اضاف المصدر "المطلوب ايضا على سبيل المثال لا الحصر تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع النفط، وتعيين مجلس ادارة الكهرباء الذي تعهدوا بتأليفه عند اقرار قانون الكهرباء.
وهناك ايضا حاجة ملحة لتشكيل الهيئات الناظمة للمطار والاتصالات. فمفتاح المعالجة يبدأ بهذه الاجراءات الاصلاحية الضرورية لتوفير الثقة وكبح الفساد، كذلك المطلوب استكمال العناصر الاصلاحية التي وردت في موازنة العام 2019 ومنها وضع دراسة كاملة لهيكلة القطاع العام، وتوفير الامكانيات البشرية والمادية لديوان المحاسبة للقيام يواجه مسؤولياته".
وختم المصدر بالقول: "ان القرارات الحقيقية المطلوبة هي القرارات الاصلاحية والبدء بمعالجة الثغرات بالكفاءات وليس بالمحسوبيات لاستعادة ثقة الناس والاّ عبثا نبحث عن تحسين في ميزان المدفوعات وزيادة الودائع في المصارف. بعض الاجراءات الضريبية قد تكون مطلوبة لكنها غير كافية من دون الاجراءات الاصلاحية الجدية فالاكتفاء بالقرارات او الاجراءات الضريبية كمن يضع الماء في قربة مثقوبة".