لمناسبة اليوم الوطني لجمهورية مصر العربية، أقام السفير المصري نزيه النجاري وعقيلته حفل استقبال، مساء اليوم الثلاثاء، في دار السكن في دوحة الحص، بحضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير العدل البيرت سرحان، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب ايوب حميّد، ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وزيرة الداخلية ريّا الحسن، الرئيسان أمين الجميل وميشال سليمان، وحشد من الوزراء والنواب والسفراء المعتمدين في لبنان، إضافةً إلى شخصيات عسكرية وأمنية وقضائية وإعلامية ودينية وفنية واجتماعية، وعدد كبير من أبناء الجالية المصرية في لبنان.
وأكّد النجاري في كلمة ألقاها في المناسبة أنّ "العلاقات المصرية - اللبنانية تتقدم بخطى ثابتة"، وقال: "شهد العامان الأخيران حركة مكثفة في التواصل بين مسؤولي البلدين تُوجت بعقد أعمال اللجنة العليا المشتركة مرتين بعد طول غياب برئاسة رئيسي الحكومتين سعد الحريري والدكتور مصطفي مدبولي، وذلك بالتزامن مع استقرار حجم التبادل التجاري بين البلدين عند حوالي 700 مليون دولار، وتنامي حجم الاستثمارات اللبنانية في مصر إلى مليارين ونصف المليار دولار أميركي".
وجاء في نص كلمة النجاري التالي:
حضرة النائب أيوب حميد ممثلاً دولة الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب،
معالي وزيرة الداخلية ريا الحسن ممثلة دولة الرئيس سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء،
ضيوفنا الكرام من المسؤولين والسياسيين الأشقاء اللبنانيين،
السادة السفراء والقناصل والدبلوماسيون المعتمدون في لبنان،
السيدات والسادة أبناء مصر الكرام المقيمون في لبنان الشقيق،
أرحب بكم جميعاً اليوم في بيت مصر في لبنان ويسعدني تشريفكم لمشاركتنا الاحتفال بذكرى ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 في لقاء متجدد نستحضر فيه معاً ذكرى أيام فارقة في تاريخ مصر والأمة العربية كلها، وبداية حقبة من النضال العربي للتحرر والاستقلال الهم الملايين من شعوب العالم وسجل صفحات خالدة في تاريخنا العربي الحديث، متوجهين من قلب لبنان الحبيب بتحية احترام وتقدير لرجال ثورة يوليو يتقدمهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الراحل محمد نجيب والرئيس الشهيد أنور السادات، وأيضاً لكل من ضحى من أجل القيم النبيلة التي رفعتها ثورة يوليو من استقلال القرار وإنهاء الاستعمار وتحقيق العدالة الاجتماعية لأبناء الشعب العربي.
إن الظرف التاريخي الدقيق الذي يحيط بوطننا العربي وما يشهده من صراعات مدمرة كنتيجة لتدخلات إقليمية ودولية يحتم علينا وقفة حقيقية وعاجلة مع النفس لنبذ الفرقة والعودة إلى منطق الدولة الوطنية ومتطلبات تماسكها واستمرارها إنهاءً لهذا الواقع المأزوم والذي سمته الرئيسية محاولة تقسيم مجتمعاتنا العربية بين طوائف وأعراق وعلى أساس مشروع هوية دينية تخلط بين الدين والسياسة وتنشئ تضاداً مفتعلاً بين العقيدة من ناحية والهوية الوطنية والقومية من ناحية أخرى ساعية إلى تقويض ذلك الانتماء المبني على المواطنة الكاملة في الوطن الواحد.
ولا شك أن هذه هي الرؤية التي عبرت مصر عنها ولا تزال في كافة الاستحقاقات انطلاقاً من أنها السبيل الوحيد لتحصين أمتنا العربية مرة أخرى، والتي في إطارها تواصل مصر جهودها الدؤوبة للدفع نحو تسوية الأزمات التي تعصف بالمنطقة في ظل التزام السياسة المصرية بتغليب مبدأ الحلول السياسية ودعم مؤسسات الدولة الوطنية، ولعل شعوبنا العربية قد بدأت تدرك أن ملجأنا وخلاصنا الوحيدين سيكونان في نبذ كل طائفية وتطرف يصدر لنا العناصر والتنظيمات الإرهابية بأنواعها والتي تعمل لإهدار مفهوم الدولة ونشر الفوضى على حساب الأمن والاستقرار برعاية من قوى تقع داخل و خارج حدودنا العربية. وهنا يجب أن أحيي الدور الكبير الذي يضطلع به جيش مصر الباسل وجيش لبنان المقدام في التصدي لتلك التنظيمات الإرهابية وهي المعركة التي يذود فيها رجالنا عنا، فيستشهدون من أجل الوطن، فتحية كبيرة منا جميعاً لهم ولعائلاتهم.
ويهمني في هذا السياق أن أتوجه بتحية إجلال وتقدير إلى الشعب الفلسطيني المناضل الذي يظل رافعاً لواء قضيته العادلة مدافعاً عنها رغم ما يواجه من صعاب، وأن أؤكد على تمسك مصر ودفاعها الراسخ عن حقوق الشعب الفلسطيني وهو الموقف الذي يتبناه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح في كل المحافل، عندما يؤكد على أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يتم وفق ثوابت المرجعيات الدولية وحل الدولتين والمبادرة العربية للسلام، وعلى نحو يضمن حقوق وآمال الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ذات الموقف الذي يدحض أيضاً أية مزاعم خبيثة تطرحها بعض المنابر والأقلام أحياناً للإيحاء زوراً بتراجع الدعم المصري والعربي للقضية الفلسطينية التي ستظل دائماً قضية العرب المركزية.
ولا تنقطع مصر لحظة عن دورها الفاعل في السعي نحو مصالحة وطنية فلسطينية تنهي الانقسام باعتبارها شرطاً اساسياً للحفاظ على الحقوق الفلسطينية وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، مع رفضنا لأية ممارسات أحادية تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني وتمس بالوضع الراهن بما يتعارض مع القانون الدولي ويمثل عائقاً أمام السلام.
الحضور الكريم، إنّ الإحتفال بذكرى ثورة يوليو من لبنان يكتسب عادة طابعاً خاصاً في ظل العلاقات التاريخية المميزة التي تجمع البلدين الشقيقين، ولعل الاحتفال هذا العام يكتسب طابعاً أكثر تميزاً إذ يأتي في مرحلة تشهد طفرة كبيرة في ارتقاء العلاقات بين البلدين في إطار اهتمام مصر بتوثيق علاقاتها العربية وفق رؤية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأقول بكل ثقة واعتزاز إن العلاقات المصرية - اللبنانية تتقدم بخطى ثابتة، فقد شهد العامان الأخيران حركة مكثفة في التواصل بين مسؤولي البلدين تُوجت بعقد اعمال اللجنة العليا المشتركة مرتين بعد طول غياب برئاسة رئيسي الحكومتين الشيخ سعد الحريري والدكتور مصطفي مدبولي، وذلك بالتزامن مع استقرار حجم التبادل التجاري بين البلدين عند حوالي 700 مليون دولار، وتنامي حجم الاستثمارات اللبنانية في مصر إلى مليارين ونصف المليار دولار أمريكي.
ولقد مثلت أعمال اللجنة المشتركة الأخيرة في بيروت انطلاقة مهمة للتعاون في عدة مجالات واعدة يأتي في مقدمتها قطاع الطاقة الذي يشهد اتصالات مكثفة في الفترة الحالية بين الوزراء المعنيين بالغاز والكهرباء في البلدين، وهو القطاع الذي تملك فيه مصر إمكانات كبيرة حيث نجحت خلال أعوام قليلة في مضاعفة انتاجها من الكهرباء من 24 ألف ميجا وات إلى ما يقارب الـخمسين ألفاً تزامناً مع اكتشافات الغاز الضخمة في حوض البحر المتوسط والتي نسعى من خلالها إلى التحول مركزاً اقليمياً للطاقة والغاز.
وغني عن البيان، أن تفعيل نتائج اللجنة المشتركة لتحقيق تكامل بين اقتصادي البلدين يستفيد منه المواطن في مصر ولبنان، يتطلب وجود الإرادة اللازمة، ونحن من جانبنا جاهزون لتقديم كل ما يحتاجه لبنان سواء في مجال الطاقة والكهرباء أو غيره من المجالات في إطار أولوية التعاون على الصعيد العربي.
وقد كان آخر ما أنجزناه سوياً في سياق العلاقات الثنائية خطوة أرى لها رمزية خاصة، وهي افتتاح مكتبة الهيئة العامة المصرية للكتاب في حي الحمرا بقلب بيروت، بحضور وزيري ثقافة البلدين، وهو الحدث الذي يأتي تجسيداً للعطاء الثقافي الطويل للقاهرة وبيروت باعتبارهما من أهم روافد الفكر والثقافة والتنوير في العالم العربي، ونتطلع إلى أن تصبح المكتبة مركزاً ثقافياً مصرياً يساهم في اثراء الواقع الثقافي المشترك للشعبين الشقيقين.
ضيوفنا الكرام،
يظل لبنان وشعبه عزيزاً على قلوب جميع المصريين الذين تكثفت العام الماضي زياراتهم السياحية، وقد حرصت مصر طوال الأعوام الاخيرة على دعم لبنان ضمن ثوابت الحفاظ على وفاقه الوطني تحت مظلة اتفاق الطائف الذي يمثل الضمانة الحقيقة لاستقرار البلد وتوازنه ونمائه في خضم ظروف إقليمية ودولية بالغة الصعوبة.
السادة الحضور،
ختاماً وإذ أجدد ترحيبي وشكري حضوركم الكريم في بيت مصر، فإنني أعبر عن خالص تمنياتي لشعبينا الكريمين بالرخاء ودوام الأمن والاستقرار، وأدعو الله أن يحفظ أمتنا العربية الكريمة في ظل ما تواجهه من تحديات. وكل عام وأنتم بخير".