تقاسم المشهد اللبناني الإثنين عنوانان، أوّلهما قمة تونس العربية وما خلصتْ إليه من بيانٍ ختامي وقراراتٍ تعكس «حال» المنطقة واتجاهاتها وانعكاساتها المحتملة على «بلاد الأرز»، والثاني معاودةُ إدارة «محركات» المساعي الداخلية الرامية لإخراج حصان الإصلاحات المالية – الاقتصادية من «الحظيرة» قبل أن يقع لبنان «في المحظور» الذي تتصاعد التحذيرات من بلوغه في حال جرى تفويت فرصة الاستفادة من مقرّرات «مؤتمر سيدر» ومساعداته وقروضه الميسّرة (أكثر من 11 مليار دولار).
ومن هنا تكتسب عودة التركيز على مسار الإصلاحات المالية، بعد استئناف رئيس الحكومة سعد الحريري أمس نشاطه، أهميةً كبيرة، في ضوء الأولوية التي تركّز عليها الدول المانحة لجهة إطلاق مسيرة معالجة ملف الكهرباء الذي يكبّد الخزينة أعباء هائلة وإقرار الموازنة بأرقام تقشفية تثبت جدية التزام لبنان بخفض العجز بنسبة 5 بالمئة على خمس سنوات (بمعدل واحد في المئة سنوياً أي بأكثر من نصف مليار دولار بالسنة).
وفيما ترأس الحريري أمس اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة مناقشة خطّة الكهرباء على وقع السجالات بين فريقيْ «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، تكثر علامات الاستفهام حول مدى قدرة القوى السياسية على تحييد عنوان النهوض المالي – الاقتصادي عن «حقل التجاذب» السياسي ولا سيما مع ارتفاع المزيد من الأصوات الدولية الداعية الى إجراءاتٍ مؤلمة تفادياً لأخرى أكثر إيلاماً بحال المزيد من المماطلة.
وكان الحريري أطلق رسائل لافتة، داعياً إلى العمل دون التلهي «بالمهاترات وتبادل الاتهامات التي لا توصل الى نتيجة»، لافتاً إلى أن «هناك قرارات صعبة في ما يخص الموازنة والإصلاحات، وعلى الجميع أن يتشاركوا بمسؤولية اتخاذها».