لطالما كان التوافق على البيان الوزاري للحكومات في لبنان محطة مفصلية تقارب بصعوبتها مصاعب تشكيل الحكومات، على الرغم من الانطباع العام المبني على التجارب والذي يبين ان ما من حكومة التزمت بتنفيذ البيان الذي حازت ثقة مجلس النواب بالاستناد اليه.
وتجنبا لمثل هذه المصاعب، تقرر اعتماد البيان الوزاري للحكومة الحريرية السابقة عبر استنساخ فقرة «النأي بالنفس» لإرضاء الرئيس سعد الحريري والمجتمع الدولي والأميركي خصوصا، واعتبرت الفقرة ذاتها بالنسبة لفقرة «المقاومة»، حيث ينص على حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، بدلا من ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» التي كان يطالب بها حزب الله قبل موافقته على الصيغة الجديدة، وتبقى الاستراتيجية الدفاعية التي تحدث الرئيس ميشال عون عن فتح ملفها قد تثير بعض الاشكالات في حال طرحها على بساط النقاش في جلسة لجنة صياغة البيان الوزاري التي تعقد برئاسة رئيس الحكومة اليوم ومثلها المسائل المالية المتصلة باعتمادات مؤتمر «سيدر»، لكن مع وجود اكثرية في اللجنة كما في الحكومة لصالح تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر تصبح اتجاهات البيان الوزاري واضحة سلفا.
على ان الصحو السياسي الذي واكب ومهّد لولادة حكومة الوحدة الوطنية سرعان ما وقع تحت غيمة خيّمت في الاجواء خصوصا بين من يفترض انهم حلفاء، كما بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط او بين الوزير جبران باسيل وبعض الحلفاء، لاسيما في اللقاء التشاوري، على ما قاله النائب فيصل كرامي الذي اتهم جبران باسيل بأنه منح لنفسه حق ممارسة دور مجلس الوزراء مجتمعا، والقوات اللبنانية التي ساءها اعتبار تنازلها عن حقيبة الثقافة واستبدالها بالتنمية الادارية ضعفا، فيما هي تعتبرها تضحية، اذ لولا موافقة د.سمير جعجع على هذه المقايضة لما كان اعلان الحكومة مساء الجمعة الماضي.
ولاحظت مصادر متابعة لـ”الأنباء الكويتية” ان شعار «لا غالب ولا مغلوب» الذي وصفت به الحكومة الحريرية او حكومة «المعادلات والتفاهمات» كما وصفها التيار الحر لا يتطابق مع التوصيف الاعلامي من جانب منابر هذا التيار، خصوصا قناة «OTV» التي رأت في مقدمة نشرتها المسائية مساء السبت الماضي «ان الواقعية تفترض الاقرار بأن جهات اخفقت وجهات حققت، ومن دون افتراء او اطراء، يمكن القول ان حزب الله والتيار الوطني الحر ضربا عدة عصافير بـ «المنجانيق» وليس بحجر واحد، كتوزير حليف سُني ودعم الحلفاء في وجه الزعامة الجنبلاطية والحد من اندفاعة القوات اللبنانية التي كان لموقفها انعكاس ايجابي على ولادة الحكومة في الساعات الاخيرة».
الاوساط عينها قرأت في هذا التقييم لمرحلة تشكيل الحكومة ما يمهد لمناكفات وليس لتفاهمات، وكانت البداية مع وليد جنبلاط الذي انتزع التيار الوطني الحر وزيرا منه للمهجرين من بلدة المختارة (غسان عطالله) واضيف الى لجنة صياغة البيان الوزاري وزير درزي من الخط الآخر (كامل الغريب) اضافة الى الوزير الجنبلاطي، رغم ان الطوائف الاخرى تمثلت بعضو واحد في اللجنة، واضافة الى المسألة العالقة مع احد الضباط المحسوبين على جنبلاط ستكون هناك مواجهة مع جنبلاط في مسألة اختيار رئيس الاركان العامة في الجيش الذي دائما يكون لجنبلاط رأي فيه لكونه من طائفة الموحدين الدروز، مما يخشى معه جنبلاط من تفرد الفريق الدرزي الآخر بالموقع استقواء بحكومة تضم 18 وزيرا يمون عليهم حزب الله، ما يجعل صلاحيات رئيس الحكومة مقتصرة على اعداد جدول الاعمال وتوجيه الدعوة لاجتماع مجلس الوزراء، كما يقول الوزير السابق ألبير منصور.
وبسبب هذه المستجدات، اجتمعت كتلة اللقاء الديموقراطي بحضور وليد جنبلاط في دارته في بيروت غروب امس الأحد للبحث في تداعيات هذا الوضع.