خبر

طريق تأليف الحكومة “سالكة”

هل بات تَصاعُد «الدخان الأبيض» من ملف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان وشيكاً أم أنّ «علبة المفاجآت» السلبية ما زالت تحتوي على «أرانب تعطيلية» من شأنها تأجيل الولادة المنتظَرة منذ نحو سبعة أشهر الى الـ2019؟

سؤالٌ تضجّ به بيروت هذه الأيام مع المناخ المستجدّ الذي استعاد «هبات التفاؤل» التي راوحت بين «الحد الأقصى» الذي أطلق ترجيحاتٍ بتأليف الحكومة خلال الساعات الـ48 أو الـ72 المقبلة، و«الحدّ الأدنى» الذي تحدّث عن أن التشكيل صار على سكةِ حلٍ قد يتطلّب وقتاً إضافياً لإنضاج إخراجه على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».

ورغم محاذرة أوساط متابعة الإفراط في التفاؤل بإمكان إنهاء الأزمة الحكومية بحلول الأعياد مستحضرةً تجارب سابقة كانت «لقمة الحلّ» وصلت فيها «الى الفم» قبل ان تُسحب في اللحظات الأخيرة، إلا أن مصادر سياسية بدت أكثر ميلاً الى ترجيح كفة التفاؤل الجدّي مستندة الى ان «قطار» التسوية – الصفقة لعقدة إصرار «حزب الله» على توزير أحد النواب السنّة الستة الموالين له انطلق ويتولى دفّته المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في إطارِ «مهمّةٍ» من ضمن مبادرة الرئيس العماد ميشال عون الراغب في وقف استنزاف عهده بفراغٍ حكومي بات وقْعُه وتداعياته توازي «الكارثة» على مختلف المستويات لا سيما المالية – الاقتصادية.

وتبلْورت في الساعات الماضية ملامح ما يشبه «إعلان النيات» المضمر بين «مثلث الحلّ» بالاستعداد المبدئي لكل من فريق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري وسنّة 8 مارس لتنازُلٍ من ضمن سلّةٍ متكاملة ومتوازية ومتزامنة يعمل اللواء ابراهيم على ربْط حلقاتها التسلسلية «على الورقة والقلم» على طريقة «صفقات التبادل» التي اعتاد أن يرعاها.

وبات معلوماً ان الحلّ «المثلث الضلع» يرتكز على أن يتراجع فريق عون عن الاحتفاظ بالثلث المعطّل في الحكومة فيكون تمثيل «مجموعة الستة» عبر وزير يُقتطع من حصته، وأن يقبل سنّة 8 مارس بأن يدخلوا الحكومة عبر شخصية من خارجهم تمثّلهم ويختارها عون والحريري من بين لائحة أسماء يقدّمها هؤلاء، وأن يوافق الحريري على لقائهم كمجموعة أفرزتْها نتائج الانتخابات النيابية.

ومن شأن هذا المَخْرج أن يجعل الجميع «خاسرين ورابحين» في الوقت عينه، فالنواب الستة ينتزعون بتوزير مَن يمثّلهم الاعترافَ بهم كـ«مكوّن سني» من دون أن يتمكنوا من فرْض إشراك أحدهم مباشرة في الحكومة، والحريري الذي اضطر للتسليم بتمثيل هؤلاء يكون نجح في تجنُّب توزير شخصية من «مجموعة الستة» أو ممثّل لهم «مستفزّ»، فيما عون الذي لم يتمكّن من الاحتفاظ بالثلث المعطّل يكون ضَمَن ولادة الحكومة من بوابة مبادرته وتفادى تالياً تعريض موقعه ورصيده كما عهده لانتكاسة مؤلمة.

أما «حزب الله» فسيُعتبر صاحب «الربح الصافي» إذ يكون حقق هدفه الثلاثي البُعد: بإحباط إمساك فريق عون بالثلث المعطّل، مع ما يعنيه ذلك على مستوى التوازنات في الحكومة والنظام، وبالدخول «شريكاً» مع الحريري على الساحة السنية، وبالتحوّل صاحب قرار بتشكيل الحكومة بالتوازي مع رئيسيْ الجمهورية والحكومة.

واذ يسود الترقب لزيارة اللواء ابراهيم اليوم، لسنّة 8 مارس في سياق محاولة تدوير زوايا الإخراج خصوصاً لمسألتيْ آلية تسمية ممثّل لهؤلاء من خارجهم (ضمن لائحة مع توافق مسبق على عدد الأسماء فيها ليختار منها عون والحريري) كما «طقوس» اجتماعهم بالرئيس المكلف، أين وكيف ومتى و«تحت أي سقف»، وهي العناصر التي سيكون بتّها بمثابة فاتحة الطريق أمام بدء ترجمة «الاتفاق المتكامل»، علماً أن الأنظار بقيت شاخصة على اللقاء المنتظر بين عون والحريري لتكريس المناخات الإيجابية.

وفي موازاة ذلك، لم تستبعد المصادر السياسية أن يكون ملف الأنفاق وعبور اسرائيل من خلاله الى مجلس الأمن غداً، حيث ستكون تل أبيب وبيروت وجهاً لوجه على خلفية الاتهامات الاسرائيلية لـ«حزب الله» بحفْر هذه الأنفاق خارقاً عبرها أراضيها والخط الأزرق، أحد خلفيات الدفْع الداخلي نحو طي صفحة الأزمة الحكومية لا سيما أن «المعركة الديبلوماسية» في نيويورك تشي بوضْع لبنان الرسمي أمام تحدٍّ بالغ الدقة عبر تحميله مسؤولية عدم ضبْط نشاط الحزب وبمحاولاتٍ من تل أبيب ومن خلفها واشنطن لتعديل القرار 1701 ومهمة قوة «اليونيفيل» وربما السعي لتوسيع نطاق عملها خارج جنوب لبنان.

وفيما كانت الحدود الجنوبية تشهد توتراً بعدما قام عناصر من الجيش اللبناني برفْع سلاحهم بوجه عناصر الجيش الإسرائيلي الذين كانوا يحاولون وضْع الأسلاك الشائكة في كروم الشراقي -ميس الجبل على «الخط الأزرق» قبل أن يتجاوزوه الى السياج التقني ليعودوا بعدها عن تجاوزهم، كان لافتاً استقبال عون قائد «اليونيفيل» الجنرال ستيفانو دل كول عشية جلسة مجلس الأمن التي تستند في جانب منها الى تقرير القوة الدولية الذي يؤكد وجود الأنفاق العابرة للحدود.