أكد الرئيس حسين الحسيني في حديث الى مجلة "النجوى - المسيرة"، أن "الطائف كان اتفاقا لبنانيا - عربيا - دوليا يقضي باعتبار حل أزمة لبنان مدخلا لحل أزمة المنطقة وقضية الشرق الأوسط، وذلك بتطبيق الركائز الثلاث التي تشكل روح الاتفاق وهي: تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بجنوب لبنان، وانسحاب الجيش الإسرائيلي حتى الحدود الدولية، وتطبيق اتفاقية الهدنة البرية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة عام 1949. هذا الأمر اقترن بإجماع جامعة الدول العربية والمجموعة الأوروبية ومجلس الأمن والدول الخمس ذات العضوية الدائمة فيه".
وأشار الى أن "الركيزة الثانية، إرساء العلاقات اللبنانية - السورية على أسس ثابتة وواضحة ودائمة في إطار سيادة كل من البلدين، مع إيجاد مجلس تعاون وتنسيق قابل لانضمام دول عربية أخرى تمثلا بالاتحاد الأوروبي. والركيزة الثالثة، إقامة الدولة اللبنانية وفقا للهوية الوطنية التي تقول بأن لبنان وطن نهائي حر ومستقل وسيد على كامل أراضيه ولكل أبنائه ضمن نظام ديمقراطي جمهوري برلماني يقوم على احترام الحريات العامة، وخصوصا حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع الموطنين، وعلى مبدأ الفصل بين السلطات التي تستمد شرعيتها من الشعب".
وردا على سؤال إذا كان هناك ذكر لمقاومة "حزب الله" في الطائف، قال الحسيني: "لا طبعا، هناك بند خاص حول هذا الموضوع. كان هناك تأييد للمقاومة، تطبيق القرارات الدولية يغنينا عن المقاومة. أما إذا كان هناك احتلال، فإن ميثاق الأمم المتحدة يشرِّع موضوع المقاومة بحيث يصير حقا وواجبا. وفي الورقة التي وضعناها مع البطريرك صفير قبل الطائف، أشرنا الى هذا الموضوع. والفكرة تنطلق من تعميم المقاومة وليس من احتكارها. نحن مع تعميم المقاومة بحيث يشارك فيها كل اللبنانيين. تطبيق اتفاقية الهدنة يلغي أي وجود مسلح غير شرعي. من هذه الخلفية التي بدأت مع الطائف، كان نداء المطارنة الموارنة في أيلول 2000 الذي أطلقه البطريرك صفير".
أضاف: "قانون الانتخاب الذي أشار إليه الطائف لم يصدر، وما صدر بعد الطائف كان قانون الإقصاء والإلغاء. القانون الثاني الذي لم يصدر أيضا كان قانون تنظيم مجلس الوزراء الذي صار مؤسسة وهو يحدد المهل الدستورية. الدستور وضع مهلا لرئيس الجمهورية، أما المهل التي تحدد لرئيس مجلس الوزراء والوزراء فيجب أن ينص عليها نظام مجلس الوزراء الذي لم يصدر بعد. ذلك لا يعني أننا وضعنا قيودا على رئيس الجمهورية وأعفينا رئيس الوزراء والوزراء منها. من باب أولى إذا كانت هناك قيود على رئيس الجمهورية أن تكون هناك قيود على من هم دونه في المسؤولية".
وعن التظاهرات التي حصلت في الشارع وخصوصا في الحدث، قال الحسيني: "ما حصل في بعض المناطق كالحدث لا يشبه لبنان، إنه جنون ولا علاقة له بطبيعة الشعب اللبناني بل بحكم تم اغتصابه منذ العام 1992".
وعمن يتحمل مسؤولية هذا الجنون، قال: "صيغة المحاصصة. هذا قتال محاصصة وليس قتالا في دولة ديمقراطية برلمانية تخضع للقانون".
وإذا كان يفكر بالترشح اليوم، قال: "أدرس الموضوع. منذ العام 2007 أنشأنا المجلس الوطني للمبادرة الوطنية ومن وظائفه إعداد النصوص والمترتبات لإقامة الدولة المدنية، وبالتالي هذه الانتخابات مناسبة لذلك بعدما انهار كل شيء وصار غير شرعي من رئاسة الجمهورية لآخر موقع".
وعما إذا كان يعتقد بأن هناك فرصة لإحداث خرق، قال: "طبعا، طبعا، لم يعد قانون الانتخابات إلغائيا بعد اعتماد النسبية، صار كل واحد يأخذ مقدار حجمه. القوانين السابقة كانت قوانين إقصاء، يأتي 30 في المئة من الناخبين ويقترعون و51 في المئة منهم يأخذون كل المقاعد. غضب الرأي العام شامل في كل المناطق".
وإذا كان مع هذا القانون، قال الحسيني: "معه رغم ما يحتاجه من إصلاحات".
وعن تفكيره بتشكيل لائحة، قال: "نعم، ليس فقط في بعلبك - الهرمل، حيث لنا تأثير سنشارك. ليس لدينا مال أو سلاح إنما تأييد الرأي العام. في أي منطقة من لبنان تكون هناك معركة جدية لإقامة النظام المدني سندعمها".
وعن دور "حزب الله" في الحرب في سوريا، قال: "ما هي فلسفة الموقف اللبناني من إسرائيل؟ إنه ينطلق من الموقف العربي العام ومن الموقف من حق الشعب الفلسطيني باسترجاع أرضه ودولته على أرض فلسطين، ومن وعي اللبنانيين لحقيقة أطماع إسرائيل بلبنان ومحاولتها ضرب الكيان اللبناني القائم على حرية الاعتقاد والعيش المشترك بين اللبنانيين. انطلاقا من هذا الواقع، وسواء أتصالحت إسرائيل مع العرب أم لا، سيبقى لبنان في دائرة الخطر، ولذلك عليه أن يضع استراتيجية دفاعية دائمة في مواجهة إسرائيل. والتضامن مع الشعب الفلسطيني هو دفاع عن النفس من قبل اللبنانيين، وإذا ضاعت حقوق الشعب الفلسطيني يبقى لبنان في حال خطر شديد".
أضاف: "الطائفة الشيعية تنطلق من هذا الموقف من إسرائيل، ولا خلاف حول المقاومة ضد إسرائيل التي تحتل أراضي لبنانية. ولكن الخلاف هو حول ما يقوم به حزب الله. لسنا مع احتكار المقاومة بما ومن يمثل في الطائفة الشيعية وفي غيرها، ونحن مع تعميم المقاومة. أضف الى ذلك أننا لا نوافق أيضا على الممارسة السياسية لحزب الله لأنه حزب ديني ونحن نريد الدولة المدنية التي تؤمن حرية الاعتقاد المطلقة، دولة مؤمنة، تؤمن بالله ولكن لا صفة دينية أو طائفية لها، هناك فرق كبير. أنا ضد التدخل في الشأن السوري كما يفعل حزب الله. هناك معاهدة بيننا وبين سوريا بذلنا جهودا كبيرة للتوصل إليها لأن سوريا اعترفت من خلالها للمرة الأولى باستقلال لبنان وسيادته، وبالتالي فإن التعاون والتنسيق يكون في إطار السيادة والاستقلال للبلدين. ولكن في الوقت نفسه لا نريد الدخول في عملية المغالطات".
وتابع: "نحن مشكلتنا عدم إقامة الدولة. إذا طلبنا من حزب الله تسليم سلاحه ووافق معنا، لمن يسلِّم سلاحه؟ الجاوب البديهي: للدولة. ولكن لأي دولة؟ دولة"حزب الله، أم دولة الرئيس نبيه بري، أم دولة الرئيس ميشال عون، أم دولة الحريري؟ أي دولة؟ أين القوانين التطبيقية لهذه الدولة التي قام عليها الطائف؟ نحن ضد تدخل حزب الله وغيره. إذا كان اللبنانيون متفقين فمن واجبهم التدخل لإيجاد حل للأزمة السورية. وشخصيا لا أعتقد أن هناك حلا لسوريا مغايرا لاتفاق الطائف. إنه حل لسوريا والعراق ولغيرهما".
وإذا كان تم البحث في موضوع إعطاء وزارة المالية للطائفة الشيعية في الطائف، قال الحسيني: "طبعا."
ولماذا لم تذكر في النص، قال: "لم تذكر أيضا طائفة رئيس الجمهورية أو رئاسة الحكومة ومجلس النواب. المادة 95 واضحة وهي خارطة طريق لإقامة الدولة المدنية. كان هناك خطة عمل توقفت بعد انتخابات 1992 والمقاطعة المسيحية. اجتماعات كنسية عدة حصلت في بكركي وطالبت بإقامة الدولة المدنية. عندما اعتبروا أن الشيعة يجب أن يطلعوا على القرارات، اقترحت أن تكون وزارة المالية لهم. في مؤتمر جنيف 1983 كان المطروح أن يكون هناك منصب نائب رئيس الجمهورية يتولاه شيعي. قالوا للرئيس بري إنه في النظام البرلماني لا وجود لنائب رئيس الجمهورية. في مؤتمر لوزان 1984 غيَّر الطلب الى نائب رئيس الوزراء. قالوا له ماذا ستفعل مع الأرثوذكس؟ في المرحلة الانتقالية مع تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية التي ستصبح مجلس الشيوخ، لماذا لا يكون وزير المالية شيعيا، ولكن هذا الطرح لم يكن على أساس خذوا وزارة المالية لعند الشيعة، جيبوا الشيعة على وزارة المالية".
أضاف: "من الطبيعي أن أي قرار لرئيس الجمهورية يحتاج الى توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين إذا رتبت هذه القرارات والمراسيم اتفاقا ماليا على خزينة الدولة، ومعظم هذه المراسيم ينتج عنها مثل هذا الأمر، وبالتالي تكون المشاركة عبر الوزير الشيعي في وزارة المالية. نفذ هذا الأمر بعد الطائف من خلال تعيين علي الخليل وزيرا للمالية في حكومة الرئيس سليم الحص، ثم في حكومة الرئيس عمر كرامي، وأسعد دياب في حكومة الرئيس رشيد الصلح. بعد انتخابات 1992 تغير الوضع مع اعتماد مبدأ المحاصصة. تم تجميد مسألة إيجاد قانون للهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، نسوها، ووزارة المالية بحسب خطاب الشيخ عبد الأمير قبلان أن الرئيس بري كان يريد تسهيل مهمة الرئيس رفيق الحريري الآتي الى رئاسة الحكومة مع إمكانيات اقتصادية ومالية ومضطر أن يكون شخصيا وزيرا للمالية، فاتفقوا معه على هذا الأمر. وأنا ليس لدي اعتراض على هذا الأمر".
وعمن يمكن أن يتحالف معه في الانتخابات، قال الحسيني: "مع كل من يسعى لإقامة الدولة المدنية. لقد رهنت حياتي من أجل هذا الهدف".
أخبار متعلقة :