ابلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منسقة الامم المتحدة في لبنان السيدة برنيل دالير كارديل خلال استقباله لها قبل ظهر اليوم الخميس في قصر بعبدا، ان لبنان ينتظر التقارير الميدانية التي تعدها قيادة القوات الدولية في الجنوب (اليونيفيل) حول الانفاق قبالة الحدود الجنوبية، للتأكد ما إذا كانت تجاوزت ” الخط الازرق”، مؤكدا ان لبنان يتابع هذه المسألة بعناية لئلا تستغلها اسرائيل لتضرب الاستقرار الذي يعيشه الجنوب.
وجدد الرئيس عون التأكيد على التزام لبنان احترام القرار 1701 بحرفيته، في وقت تواصل اسرائيل انتهاك السيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا بمعدل 150 خرقا كل شهر.
وشدد الرئيس عون على ان لبنان سوف يعمل ما في وسعه للتعاون مع المجتمع الدولي في النقاط التي اثارها مجلس الامن خلال اجتماعه الاخير الذي تطرق فيه الى الوضع في لبنان.
وكانت كارديل اطلعت الرئيس عون على التطورات في الجنوب وعمل القوات الدولية، والنقاش الذي حصل في مجلس الامن الدولي في 21 تشرين الثاني الماضي حول التقرير عن تطبيق القرار 1701. واكدت كارديل على استمرار دعم الامم المتحدة للبنان في المجالات كافة.
واستقبل الرئيس عون وفد المجلس الاستشاري للشرق الاوسط التابع لمؤسسة RAND- مركز السياسات العامة للشرق الاوسط في الولايات المتحدة الاميركية الذي عرض مع رئيس الجمهورية للاوضاع العامة في لبنان ولانعكاسات الحرب السورية عليه سياسيا وامنيا واقتصاديا بالاضافة الى انعاكسات النزوح السوري.
في مستهل اللقاء، تحدث باسم الوفد السفير الاميركي السابق في لبنان ريان كروكر فشكر رئيس الجمهورية على استقباله، مشيرا الى انه يزور لبنان بصفته رئيسا للمجلس الاستشاري للمركز. واوضح انه كان سفيرا للولايات المتحدة في لبنان بين عامي 1990 و1993 وهو مسرور للغاية بزيارة مقر رئاسة الجمهورية اللبنانية مجددا، وبما لاحظه من جهد يقوده الرئيس عون من اجل انهاء تشكيل الحكومة الجديدة.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، وقال “ان لبنان يتميز بتعدديته الدينية والسياسية وايضا بديموقراطيته وأحيانا يصعب الوصول الى حلول في ظل ديموقراطية فكيف اذا كان الامر في ظل وجود التعددية والديموقراطية في آن”. وتناول ازمة تشكيل الحكومة فلفت الى الاختلافات بين الاطراف السياسيين حولها “والتي اسعى جاهدا لوضع حد لها من خلال مباشرتي هذا الاسبوع لقاءات مع المعنيين على ان اتخذ بعدها القرار المناسب”.
واذ شدد رئيس الجمهورية على ان الوضع الاقتصادي صعب، فانه قال “ان الامور ليست بمستحيلة وسنتخذ التدابير المناسبة ونقيم اصلاحات بنيوية في إطار النظام الاقتصادي، كما سنطلق مشاريع انمائية بمساعدة اوروبية كي نبدأ اعمار لبنان من جديد، الى جانب تطبيق الخطة الاقتصادية الجديدة”، لافتا الى تسبب ريعية الاقتصاد منذ العام 1990 بالإرث الثقيل الذي يعاني منه لبنان اليوم.
اضاف الرئيس عون: “ان لبنان مر بمرحلة صعبة لا سيما منذ العام 2011 وحتى وقف إطلاق النار في سوريا مع دخول الارهابيين الى جباله ومنطقته الشمالية، وقد استطاع تحرير ارضه عسكريا من الارهابيين، الا انه لا يزال يتحمل النتائج الاقتصادية للحرب في سوريا والمنطقة بعدما تراكمت عليه ازمات ثلاث بدءا من الازمة الاقتصادية العالمية، مرورا بحروب المنطقة وصولا الى ازمة النازحين التي لا تزال تلقي بثقلها عليه. ولفت الى ان عدد النازحين الذين استقبلهم لبنان الى جانب عدد اللاجئين الفلسطينيين يساوي ثلث سكانه ما زاد نسبة الكثافة السكانية فيه من 400 في الكيلومتر المربع الى 600، وهي ليست بكثافة وطن بل كثافة مدن. واوضح ان اعباء النازحين على لبنان تتراوح بين الاعباء الاقتصادية والامنية والاجتماعية والتربوية والاستشفائية، وبناه التحتية قاصرة عن تحمل هذه الاعباء، فضلا عن ان النازحين يقيمون رغم كل المساعدات في خيم اوضاعها تعيسة جدا، لافتا الى ان ارتفاع البطالة اثرت على لبنان اقتصاديا بالإضافة الى انه يعاني من نقص في عدد سجونه لاحتواء نسبة الزيادة في الجرائم التي بلغت 30 %.
وشكر الرئيس عون الولايات المتحدة على مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني ما يساعد على تجهيزه وتدريبه.
واستقبل الرئيس عون، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد وعرض معه شؤونا قضائية، اضافة الى عمل المحاكم. واوضح القاضي فهد انه بحث مع الرئيس عون في التحضيرات الجارية للاحتفال باليوبيل المئوي لمحكمة التمييز في لبنان، اضافة الى نتائج مشاركة مجلس القضاء الاعلى في مؤتمر مجالس القضاء العليا الفرانكوفونية الذي عقد في بروكسل، والكلمة التي القاها حول علاقة السلطة القضائية بالسلطة التنفيذية عبر التاريخ.
كما اشار القاضي فهد الى ان البحث تناول ايضا التحضير للمؤتمر الذي سوف يدعو اليه رئيس الجمهورية في شهر شباط المقبل لمناقشة الوضع القضائي في لبنان.
واثنى الرئيس عون على عمل اللجنة داعيا اياها الى الاستمرار في تعميم الفرح والسعادة في النفوس.
وكان الرئيس عون أبرق إلى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون معزياً بضحايا الاعتداء الارهابي الذي وقع قبل يومين في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، واصفاً إياه بالعمل “البغيض والجبان”.
واكد رئيس الجمهورية في رسالته تضامنه مع الدولة الفرنسية وعائلات الضحايا، لافتاً إلى أن لبنان الذي عانى لسنوات من مثل هذه الأنواع من البربرية، يشاطر الشعب الفرنسي ألمه، ويحيي تصميم الرئيس ماكرون على القضاء على هذا الوباء من التوحش الذي يطال مدننا. وشدد الرئيس عون على أن قيم الحرية والشجاعة والتضامن التي يتشاركها لبنان مع فرنسا، تبقى السد المنيع في مواجهة هجمات الحقد والانعزال.