خبر

عوده: جبران بح صوته وليس من يستيقظ

أحيت عائلة تويني وأسرة “النهار” الذكرى الـ13 لاستشهاد جبران تويني بقداس في كنيسة القديس ديمتريوس – الأشرفية ترأسه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس الياس عوده وعاونه لفيف من الكهنة، في حضور النائب نزيه نجم ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، النائب نديم الجميل، الوزير السابق رمزي جريج، النواب السابقين: بطرس حرب، فارس سعيد، غسان مخيبر، وعاطف مجدلاني، نقيب المحررين جوزف القصيفي، وحشد من الفاعليات السياسية والحزبية والإعلامية وعائلة الفقيد.

وألقى المطران عوده عظة قال فيها: “سمعنا في الإنجيل الذي تلي على مسامعنا أن “السارق، أي المخرب، لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك”. كم من سارق قد مر ويمر وسيمر على بلدنا ونحن صامتون قابعون في مستنقع اللامبالاة والأنانية؟

جبران لم يخف ولم يصمت بل خاف السارق من كلماته وظن أنه، بقتله إياه، سوف يجعله يصمت، ولم يعلم هذا السارق أن الكلمة لا تخنق ولا تستر تحت التراب.

وأضاف: “كلمات جبران لا تزال ترن في آذان اللبنانيين وأعداء لبنان، على رغم اندثار جسده بفضل حقدهم، لأن جبران لم يكن أجيرا، وأملنا ألا نرى المسؤولين اللبنانيين، وقد اشتدت الأزمات على هذا البلد المستضعف، يتصرفون كالأجراء لا كالراعي الصالح، فيهربون من مسؤولياتهم ويتفرجون على لبنان ينهار على رؤوس بنيه، لكن رؤوسهم لن تسلم”.

وتابع: “عندما اشتدت الأزمات، وكان جبران خارج لبنان، قرر العودة على رغم كل التهديدات. رجع ليقف مع إخوته اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وأقسم معهم قسمه الشهير، أن يبقوا موحدين، إلى أبد الآبدين. عاد ليموت من أجل وطنه. هكذا هو الحب الحقيقي للوطن: أن تبذل نفسك من أجله لا أن تستغله من أجل نفسك”.

وأضاف: “التضحيات وحدها تبني الأوطان. وفي ظل هذا الانهيار الاقتصادي وضيق العيش وتقلص فسحة الأمل، أملنا أن يقوم المسؤولون بخطوة إنقاذيه شجاعة، وأن يؤلفوا حكومة طوارئ مصغرة، تضم شخصيات حيادية بعيدة عن استغلال البلد وتقاسمه، شخصيات مشهودا لها بالعلم والخبرة والغيرة والنظافة، تبعث الثقة والأمل والطمأنينة في النفوس، تنكب على درس المشاكل وتضع خطة سريعة تنتشل البلد من الهوة، وتدفع عجلة الاقتصاد، وتريح الشعب، وتكسب ثقة الدول التي كانت تنوي مساعدتنا وقد تكون عدلت”.

وتابع: “عندما نقرأ ما كتبه جبران نشعر بأننا نقرأ افتتاحية تعالج الوضع الحالي، لأن شيئا لم يتغير في بلدنا. كتب منذ 14 عاما: “إن ما نطلبه هو القليل من التواضع، والابتعاد عن التكابر ومرض السكر السياسي الذي يطول، ويا للأسف، أكثرية الطبقة السياسية، حيث يعتبر كل زعيم أنه الوحيد الأوحد، فيرفض مبدأ التعاون والتنسيق والعمل المشترك” (النهار22/ 4/ 2004). أليست هذه حالنا اليوم؟ أليس البلد رهينة أهواء هذا أو ذاك من أهل الزعامة الذي يشل بلدا من أجل حصته في طبخة التوزير؟”

إذا عدنا إلى الوراء أكثر في أرشيف جبران، نراه ديكا صياحا قد بح صوته وليس من يستيقظ، حتى اليوم، والجميع غارقون في سبات عميق. عام 2001 كتب: “لبنان غارق في سياسة النكايات وتصفية الحسابات، حيث تفوح رائحة الفضائح والصفقات. مئات ملايين الدولارات ثمن صفقة محروقات، مسلسل الفضائح لا يتوقف يوميا، وآخرها المشاحنات في قضية الكهرباء. إلى متى نقبل أن يكون مستقبلنا مرهونا، في عالمنا العربي، بأشخاص يعتبرون أن مصالحهم الخاصة فوق كل اعتبار، ولو كان ذلك على حساب الأوطان والشعوب”؟ (“النهار” 22/6/2001). هل تغيرت الأوضاع؟ هل حصلنا على الكهرباء؟ هذا الوعد العرقوبي الدائم في بلد، ربما يهمه البقاء في الظلام، لكي تبقى أعمال بعض من يتولون شأنه مخفية عن عيون المواطنين. والمؤلم في كل هذا أن اللبنانيين اعتادوا على الظلم والاستغلال والاستعباد على أنواعه كافة، فلا يشتكون أو يصرخون أو يحاسبون”.

وأضاف: “لو كان جبران حيا لصدح صوته رفضا لهذا الواقع المقيت. رحمه الله، وأبقى كلماته حية في نفوس اللبنانيين ليتعلموا رفض الذل والإنكسار، والثورة على الظلم والإحتكار والمتاجرة بلبنان وخيراته، والمناداة بالحرية والعدالة والاستقلال”.