خبر

وساطات رباعية الدفع… والحسم عند المُحرّك الأميركي

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

ينتظر لبنان ما سيحلّ بملف التفاوض. وتركت خطوة تعيين السفير سيمون كرم كمفاوض سياسي في “الميكانيزم” ارتياحًا لدى الأوساط كافة. وهناك إجماع بأن هذه الخطوة وعلى أهميتها لا تبعد شبح الحرب.

كانت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى عُمان مهمّة. السلطنة تضطلع بدور مهمّ على صعيد المنطقة. وطلب مساعدتها للبنان طبيعي خصوصًا أن هذا الأمر لا يتعارض مع المبادرات التي حصلت وتحصل. لم يحصل عون على جواب لأن مثل هكذا مواضيع بحسب مصادر مطلعة على أجواء المناقشات تحتاج وقتًا. العماني سيتواصل مع إيران لإقناعها بتسليم سلاح “حزب الله” والشروع بمفاوضات لحماية الشيعة في لبنان، في المقابل سيكثف اتصالاته مع الإسرائيلي والأميركي لتأمين ضمانات.

ويبحث لبنان عن ضمانات من واشنطن، وارتفع منسوب الحديث عن هذه الضمانات منذ زيارات الموفد الأميركي توم برّاك وتتابعت بعد إقرار الحكومة خطة نزع السلاح في 5 و7 آب. وتعتمد عُمان الدبلوماسية المرنة والهادئة وتطمح إلى تحقيق خرق على أساس تسليم “الحزب” سلاحه والشروع بالمفاوضات، ووقف الضربات الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة.

دخلت عُمان كقوّة جديدة على خطّ مساعدة لبنان، ويضاف نشاطها المتجدّد إلى من سبقها، وعلى رأسهم قداسة البابا لاوون الرابع عشر والفاتيكان. نجح البابا في تأخير الضربة وإعطاء وقت للمفاوضات. ويستمرّ الفاتيكان بمساعيه الهادفة إلى تجنيب لبنان الحرب والولوج إلى عملية بناء السلام والاستقرار. وتقوم مبادرة الفاتيكان على وقف الحرب وتأمين مسار السلام ونزع سلاح كل الميليشيات وبسط الدولة سلطتها وتأمين مظلة حماية أميركية وأوروبية ودولية للكيان اللبناني، لأن الفاتيكان يعتبر أن أي حرب جديدة قد تهدّد الكيان اللبناني الهش والصيغة اللبنانية.

وإضافةً إلى عُمان والفاتيكان، كانت الدبلوماسية المصريّة قد تحرّكت على خطّ بيروت – تل أبيب، ونقلت مصر رسائل تحذير إلى الدولة اللبنانية من مغبّة الجمود وعدم فعل شيء. وتشير المعلومات إلى أن أحد أسباب تحريك المفاوضات وتعيين السفير كرم كمفاوض أتى بعد الضغوط الأميركية والوساطة المصريّة التي هدّأت الأوضاع. لكن كل هذا الحراك لم يؤد بعد إلى وقف احتمال الحرب، بل أدخل لبنان على سكّة التفاوض ربما استعدادًا لمرحلة ما بعد الحرب المرتقبة.

وتعتبر فرنسا من أكثر الدول تحركًا على صعيد الملف اللبناني، فعدا عن اهتمامها بالشأن اللبناني، إلا أنها تبحث عن دور في الشرق الأوسط. ويأتي اللقاء التمهيدي الذي سيعقد في 18 كانون الأول ويضم إلى جانب فرنسا كلًا من السعودية وأميركا وذلك لإحياء مؤتمر دعم الجيش، محاولة فرنسية جديدة لمساعدة لبنان وتعزيز قدرات الجيش وتخفيف الغضب الأميركي والإسرائيلي. لكن كل المؤشرات تدلّ على فصل بين المسارات، فنزع سلاح “حزب الله” هو مطلب أميركي قبل أن يكون إسرائيليًا، وكل محاولات فرنسا لإحياء تفاهمات سابقة تسقط تباعًا لأن اللعبة أصبحت في مكان آخر.

تحاول الدول الأربع أي الفاتيكان وعُمان ومصر وفرنسا الدفع بالوضع اللبناني نحو الأمام، لكن أي تطوّر يتعلّق بعاملين: الأول هو الداخل اللبناني، فمهما فعلت الدول، لا يمكنها منع تجدد الحرب إذا استمرّت الدولة اللبنانية رافضة فكرة فعل شيء ضدّ سلاح “حزب الله”.

ويأتي الدور الأميركي كعامل أساسي في الملف اللبناني. وتشير المعلومات إلى أنه رغم الوساطات والتحركات، فالمهلة المعطاة إلى لبنان تنتهي نهاية هذا الشهر، وإذا استمرّت الدولة بسياستها وتذاكيها، فاحتمال حدوث ضربة إسرائيلية مرتفع. وتؤكّد المعلومات أن الدوائر الأميركية مصممة على إنهاء الوجود المسلّح لإيران عبر “حزب الله” في لبنان، ويريد الرئيس دونالد ترامب تحقيق السلام ولو بالقوّة، وبالتالي دخلت الأمور مرحلة جديدة، ومهما كانت الوساطات والمبادرات، إلا أن الكلمة الأخيرة تبقى في جيب واشنطن، وموقفها حازم تجاه هذا الملف.

أخبار متعلقة :