خبر

تقرير فرنسي يكشف الأمر الذي سرّع "تدمير لبنان".. ماذا قيلَ عن "الإنهيار"؟

نشر موقع "أوريون 21" الفرنسي تقريراً، اعتبر فيه أنّ العقوبات الدوليّة هي التي أسهمت بتدمير الدولة اللبنانية.

وذكر الموقع أن لبنان محروم بالفعل من المساعدات الدولية البالغة 11.6 مليار دولار التي وُعد بها في 2018 مقابل إصلاحات لم تتحقق بشكل فعلي، وأضاف: "كذلك، تعهّد صندوق النقد الدولي بتقديم مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار في سنة 2022 في حالة وجود برنامج إصلاحات، وقد تفاقم الوضع أكثر في ظل تفشي جائحة كوفيد-19 في البلاد، التي تستضيف أكثر من 1.2 مليون لاجئ سوري".


وفي السياق، ترى لمياء المبيض، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، أن دعم الجهات المانحة للمنظمات غير الحكومية وحرمان المؤسسات الحكومية المدنية من جميع أشكال الدعم فاقم الوضع، وأضافت: "لقد حُرم اللبنانيون من أي مساعدات من أجل إجبار الطبقة السياسية على إجراء إصلاحات جذرية".

 

ونقل الموقع عن المبيض قولها إنه مع تدهور المؤسسات العامة، والمغادرة الجماعية للبلاد أو تغيب الموظفين المدنيين الأكفاء غير القادرين على العيش بكرامة بأجور الفقر، أغلقت بعض الخدمات، واختفت الضوابط الضريبية أو الجمركية تقريبًا.
فقر المدارس ومرافق الصحة العامة

أشار الموقع إلى أن البؤس الذي يغرق فيه اللبنانيون، الذين يولون أهمية كبيرة لتعليم أبنائهم بالمدارس الخاصة، يدفعهم إلى التوجه إلى المدارس العامة. وأشارت المبيض إلى أن المشكلة تكمن في أن الدولة لم تعد تملك الوسائل لتمويلها وأنها تضطر أحيانًا إلى إغلاق المؤسسات التعليمية. ولم يعد اللبنانيون قادرين على إرسال أطفالهم إلى مدارس بعيدة بسبب عدم وجود شبكة نقل عام فعالة والتكلفة الباهظة للنقل الخاص. ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن منظمة اليونيسف، فإن واحدا من كل خمسة أطفال لبنانيين ترك مقاعد المدرسة، ناهيك عن أن ما يقارب 40 بالمائة من الأسر خفّضت إنفاقها على التعليم.

وأضاف الموقع أن قطاع الصحة العامة ليس في مأمن من هذا الوضع المزري حيث أوضحت المبيض أن مستشفى رفيق الحريري العام كان "الوحيد الذي استجاب بسرعة لفيروس كوفيد-19 حتى قبل وصول الفيروس إلى لبنان في أوائل سنة 2020".

 

ويتعامل المستشفى نفسه مع وباء الكوليرا الأخير الذي ظهر بعد انقطاع بعض محطات معالجة مياه الصرف الصحي عن العمل بسبب نقص الموارد العامة وبعد مغادرة المهندسين والفنيين. وتؤكد المبيض أن "المنظمات غير الحكومية لا تستطيع حل هذا النوع من المشاكل، وهي مسؤولية الدولة ومؤسساتها". ولم تدرك الجهات المانحة حدود النهج الذي تتبعه ولم تستطع إعادة مواءمة أعمالها مع أهداف التنمية المستدامة إلا بعد انهيار قطاع الخدمات العامة.

الانهيار في الإنفاق العام

وأوضحت المبيض أن الإدارات والمؤسسات العامة تعمل "بأقل من نسبة 10 بالمائة من موازنة 2020 بسبب الانخفاض الخطير في قيمة الليرة".

 

وبحسب الموقع، فإنه "من السخيف الحديث عن القوى العاملة في الخدمة العمومية اللبنانية في ظل موجات المغادرة الطوعية غالباً إلى خارج الوطن والاستقالات والغيابات".

 

وتفاقمت الهجرة سنة 2015 بمغادرة الموظفين المؤهلين الذين لم يروا في لبنان أي أمل لبناء مستقبل وطغت عليهم حالة من اليأس بسبب الطائفية والفساد والأفق المسدود أمام أي تقدم مهني. وقد تضاعفت حالات المغادرة مع المأزق السياسي والوباء مما أفرغ الخدمة العمومية من أدمغتها.

ونقل الموقع عن المبيض أن الخدمة العمومية هي "التي يحتاجها الأكثر حرمانا من الشعب بشكل عاجل، ويجب إنقاذها بشكل مطلق من أجل الاستجابة لزيادة بأكثر من 40 بالمائة في مطالب السكان في جميع القطاعات تقريبا أي الصحة والتعليم والكهرباء والنفايات المنزلية والطرق وما إلى ذلك". 

وأشار الموقع إلى أن التضخم يؤثّر على الحياة اليومية للسكان بدءا بحياة موظفي الخدمة المدنية الذين كان متوسط أجورهم قبل بضع سنوات يعادل حوالي 1500 دولار، إلا أنه بات يتقاضى اليوم ما يعادل 60 دولارا حسب سعر صرف الليرة.

وفي الختام، شددت المبيض على أهمية إيجاد الأدوات المالية بشكل عاجل وحتى تكييفها لدعم الدولة واستهداف المؤسسات الرئيسية التي يعتمد عليها تعافي لبنان وإعادة إعماره، وتحديد القوى المضادة التي يقع على عاتقها المهمة الثقيلة المتمثلة في ضمان اتساق الخدمة العمومية والحفاظ على الصالح العام واستشراف المستقبل.