لم تُحلّ الخلافات بين "حزب الله" والتيّار الوطنيّ الحرّ"، ومن المتوقّع أنّ تزداد مع مشاركة وزراء الضاحيّة الجنوبيّة في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. وفيما لم يتمّ ترميم العلاقة بينهما حتّى اللحظة، فشل نواب ميرنا الشالوحي مرّة أخرى في تسميّة مرشّحٍ لرئاسة الجمهوريّة للضغط أكثر على "الحزب". ويُشير مراقبون إلى أنّ النائب جبران باسيل حاول ولا يزال إعادة التواصل مع معراب للتنسيق بينهما في الإستحقاق الرئاسيّ كما حصل في العام 2016، في وقتٍ تُصرّ "القوّات" على موقفها بعدم التجاوب معه مُحمّلةً إياه مسؤوليّة ما آلت إليه الأوضاع المعيشيّة والنقديّة في البلاد.
ويلفت مراقبون إلى أنّ باسيل بدأ يُوسّع إتّصالاته، وإجتماعه الأسبوع الماضي مع غسان سكاف، النائب المستقلّ والداعم لرئيس "حركة الإستقلال" ميشال معوّض، وقبلها لقائه برئيس الحزب "التقدميّ الإشتراكيّ" وليد جنبلاط خير دليل على ذلك. إلّا أنّ هدفه الأبرز يبقى خرق العزلة التي فرضها عليه رئيس حزب "القوّات" سمير جعجع، وخصوصاً بعد فشل "إتّفاق معراب" بينهما، واتّهام تكتّل "لبنان القوي" نواب "الجمهوريّة القويّة" بطعن "العهد" السابق في الظهر ومحاولة إفشاله.
ويرى مراقبون أنّ باسيل بحاجة لحلفاء جددّ إذا تأزّمت علاقته أكثر مع "حزب الله"، فـ"اتفاق مار مخايل" وصفته العديد من الأوساط السياسيّة أنّه يقف "على إجر ونصّ"، وهو قابل للتفكّك في أيّ لحظة، وقد أعلن السيّد حسن نصرالله صراحةً أنّه ليس بحاجة إلى أيّ تحالف من شأنه أنّ يُؤمّن الحماية والغطاء لـ"المقاومة".
في المقابل، لا يُخفى في كواليس ميرنا الشالوحي أنّ هناك مطالبات بضرورة إنهاء التحالف مع "الحزب"، فالأخير لم يُساند "التيّار" في ملفات الفساد والإصلاحات. ويُضيف المراقبون أنّ الإختلافات بينهما أصبحت أكبر مما يجمعهما، والتباين بينهما حول إنعقاد جلسة لحكومة تصريف الأعمال في ظلّ عدم إنتخاب رئيس للجمهوريّة نقطة خلاف مهمّة بينهما، إذ يعتبر باسيل أنّ "الصادقين" نكسوا بوعدهم، ولا يتصرّفون كحلفاء.
ويُذكّر مراقبون أنّ جعجع لم يُمانع في أنّ يقوم نواب "الوطنيّ الحرّ" بدعم ميشال معوّض أو مرشّح "القوّات"، وفي الوقت عينه فتح الباب أمام لقائه بباسيل إذا رأى أنّ هناك ما يجمعهما فعليّاً. ويعتبر المراقبون أنّه إذا افترق "التيّار" عن "حزب الله"، فإنّ باسيل ونوابه سيكونون أكثر تحرّراً سياسيّاً، والأهمّ أنّ هذا الأمر سيكون بداية لعودة التقارب بين معراب وميرنا الشالوحي، فإذا وحّدا جهودهما لايصال مرشّحٍ لا يُساير "الحزب" في موضوع السلاح أو التدخّل في شؤون البلاد الصديقة، كذلك، إذا وضعا هدفاً مشتركاً بمناقشة السلاح غير الشرعيّ كبندٍ أوّل بعد انتخاب رئيس الجمهوريّة، بالإضافة إلى أنّ كليهما يرفض دعوة "الثنائيّ الشيعيّ" للحوار كيّ لا ينقد على صلاحيات الرئيس المسيحيّ، كل هذه الأمور من شأنها أنّ تُعزّز التعاون بين باسيل وجعجع.
وفي رأيّ مخالفٍ، ترى أوساط سياسيّة أنّه لو أراد باسيل التقارب من معراب بهدف الضغط على "حزب الله" لكان نجح مع نوابه أساساً في تسميّة شخصيّة تمثل تحديا لـ"الثنائيّ الشيعيّ"، وتقول إنّ باسيل يُريد التقارب من جعجع عبر جرّه إلى حوارٍ مسيحيٍّ، ولكن في الوقت عينه يعمل على المحافظة على طريق العودة لـ"حزب الله". وأيضاً، تُردف الأوساط أنّ أيّ مرشّحٍ مشتركٍ لو تمّ الإتّفاق على إسمه مع "القوّات"، عليه أنّ يُراعي شروط رئيس "التيّار"، وهو ما يرفضه جعجع الذي أعلن في عدّة مناسبات عن وقوفه ضدّ أيّ شخصيّة قد تعمل على تحقيق أهداف باسيل و"الحزب". غير أنّه كما ذُكِرَ سابقاً، فإذا غيّرت ميرنا الشالوحي مقارباتها السياسيّة وأصبحت شبيهة لأفكار معراب تجاه "الحزب"، فعندها قد يتبدلّ حكم جعجع على "الوطنيّ الحرّ".
ويختم مراقبون أنّ إيجاد باسيل لشركاء آخرين صعبٌ، ورغم أنّ علاقته بـ"حزب الله" تمرّ بمفترق طرق خطير قد يصل في أيّ لحظة إلى الطلاق، وخصوصاً مع قرار وزراء "الحزب" بحضور جلسة الحكومة المرتقبة، فإنّ الوضع بينهما قابل للتفجّر أكثر، وقد يقوم باسيل بإطلاق "رصاصة الرحمة" على "إتّفاق مار مخايل" ويضع يده بيد جعجع، وتعود النظرة المسيحيّة لـ"المقاومة" كما كانت عليه قبل العام 2005.