لفتت رابطة المودعين وشركاؤها في بيان، الى أن "مجموعة من الخبراء والقوى أطلقت الاثنين في 9 الحالي، "وثيقة شرعة حقوق المودعين"، وهدفها إعفاء المصارف اللبنانية وأصحاب النفوذ المالي من المسؤولية عما آلت إليه البلاد وتتضمن ما يضر بمصالح الغالبية الساحقة من المودعين وخاصة أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، وتتناقض مع المبادئ الأساسية لعدالة توزيع الخسائر".
وأشارت الى أن "هذه الورقة بخلاف ما تم الترويج له، تحمي المصارف وتضلل الحقيقة وتتضمن جملة مغالطات ظاهرها التمسك بالقانون وباطنها حماية مصالح الأقوى على حساب غالبية المواطنين والمودعين"، مستغربة "توقيت إصدار هذه الشرعة بالتزامن مع وصول بعثة التحقيق الأوروبية لاستجواب المتورطين في الأزمة المالية".
كما حذرت الرابطة "كل القوى المنضوية تحت لواء هذه الحملة المشبوهة من مغبة الاستمرار بالدفاع عن مصالح المصارف وحلفائهم على حساب مدخرات اللبنانيين والمال العام"،
وفندت المغالطات بغية إسقاطها:
أولاً: تحميل خسائر المصارف لغالبية المواطنين: تحت مسمى حماية الودائع، تنص الشرعة المذكورة على تحميل خسائر المصارف للقطاع العام أي الدولة والمجتمع، بما يحمي المصارف وأعضاء مجالس إدارتها وذلك خلافا لقانون النقد والتسليف. فبدل بيع أصول كبار المساهمين والمدراء المسؤولين كما ينص القانون اللبناني والمعاهدات الدولية، تقوم الشرعة بمنحهم الحصانة المالية والسياسية. ولكي تزيد الطين بلة، تستخدم الشرعة عبارة "خسائر القطاع العام" في الإشارة الى طبيعة الازمة وهو تشخيص متطرف يعفي المصارف من أي خطأ وهم الذين قامروا بأموال الناس على طاولة الفساد السياسي لمدة ثلاثين عاما.
ثانياً، المساواة الباطلة: تنادي الشرعة المسماة شرعة حقوق المودعين في مادتها الاولى، بالمساواة بين جميع المودعين، أي أنها تساوي بين أصحاب كبار الودائع الذين راكموا الثروات المتأتية من عمليات فساد وهندسات مالية وتبييض أموال ومراكمة الفوائد الخيالية، بمدخرات صغار ومتوسطي المودعين الذين خسروا جنى عمرهم في المصارف. كما يتساوى فيها المودع الصغير والمتوسط الذي لا يمكن تحميله أي خسائر، بالمودع المقتدر بما يناقض أي خطة إصلاح مالي وحل عادل. يجدر التذكير أن الاتفاقيات الدولية لتوزيع خسائر النظام المالي (بازل ٣)، بالإضافة الى كل الأعراف الدولية تقر بوجوب التفريق بين المستثمر المقتدر وبين المدخر.
ثالثاً، التراتبية الفاسدة: تنطلق الشرعة من تشخيص الازمة المالية على أنها مسؤولية القطاع العام ومصرف لبنان بشكل كامل وتعفي المصارف والمستثمرين من أي اقتصاص مالي. فتتلطى الشرعة لا سيما في مادتيها السادسة والتاسعة، بعدم المساس بالودائع بغض النظر عن حجمها وكيفية مراكمتها في هذا التوقيت المشبوه، بعد ثلاث سنوات على سياسة تصفية خسائر المصارف عن طريق تعاميم مصرف لبنان المجحفة التي أجبرت صغار المودعين على سحب ودائعهم وتحمل "هيركات" مقنع وصل لحدود ال ٨٠٪، ما يحمي اليوم ودائع القلة القليلة بعد شطب وتصفية الودائع الصغيرة. تصر رابطة المودعين وشركاؤها على تراتبية تحميل الخسائر، كما أقرته المواثيق الدولية، وكما جاءت به خطة التعافي الحكومية، بأن المصارف تتحمل من رأسمالها، ومساهميها كافة الخسائر أولا، ومن ثم مصرف لبنان. كما تطالب الرابطة وشركاؤها بفرض حماية شاملة لغاية ٢٥٠ ألف دولار أميركي لكل الودائع.
رابعاً: تغييب الحماية القانونية للودائع: ترفض الشرعة المشبوهة مبدأ سقف حماية للودائع، الذي يحمي كل المودعين بالتساوي. فمثلا، نصت خطة لازارد التي أسقطتها المصارف واحزابها الحليفة على سقف حماية لغاية ٥٠٠ ألف دولار لكل المودعين، كما تنص الخطة الحكومية الحالية على هذا المبدأ وان كانت تمتنع عن ذكر المبلغ. على العكس من ذلك، تطالب هذه الشرعة بجدولة عملية استعادة الودائع على قاعدة النسبية وفقا لحجم الودائع، وبالتالي تعمل على شطب الحماية عن المدخرين وتريد تحميلهم خسائر شبيهة للمستثمرين والمساهمين في المصارف.
خامساً: المحاسبة المفقودة: مفهوم المحاسبة غائب كليا عن مبادئ الشرعة، فلا تقيم وزنا لتحقيق جنائي أو تدقيق مالي، وتبتعد عن تشخيص المسؤولية أو اقتراح آلية محاسبة. فيغيب عنها ذكر الإصلاحات المطلوبة، تحديدا قانون السرية المصرفية، التي دونها لن يستقيم التحقيق بمصادر الأموال والتحويلات الى الخارج، تمهيدا لمحاسبة المسؤولين. وبهذا الإطار، تؤكد رابطة المودعين أنه لا يمكن التوصل إلى أي حل بوجود نفس القيمين على السياسة النقدية، والمصرفية، والمالية في البلاد، وهذا ما تؤكده المحاكم الأوروبية التي فتحت تحقيقات بأداء حاكم مصرف لبنان، وأصدرت عشرات القرارات لصالح المودعين بوجه المصارف اللبنانية.
وعدّد البيان شركاء رابطة المودعين، وهم : "لحقي، لنا، المرصد الشعبي لمكافحة الفساد، بيروت مدينتي، الشعب يقاوم الفساد، بيروت تقاوم، لبنان التغيير، التنظيم الشعبي الناصري وشبكة مدى".