كتبت كلير شكر في"نداء الوطن": وفق بعض العونيين، فإنّ أحد أبرز الأركان الأساسية التي قام عليها التفاهم في شباط 2006 هو حاجة «حزب الله» إلى حليف قوي على الساحة الداخلية بعدما انقلبت عليه مكونات التفاهم الرباعي الذي قام عشية الانتخابات النيابية في العام 2005، فيما كان «الحزب»، وطوال العقد المنصرم يعيش هاجس الخشية من توتر سنيّ- شيعي. ولهذا كان التمسّك بحليف مسيحي قوي أكثر من حاجة ماسة، دفعت به إلى حماية تفاهم مار مخايل برموش العيون وتدليل «التيار الوطنيّ الحر» لكي يحافظ على حيثيته الشعبية.
بالنسبة لهؤلاء، فإنّ هذا العامل هو الذي ساهم في تذليل كلّ العقبات التي واجهت العلاقة الثنائية وحال دون غرقها في وحول الخلافات التي كانت تعالج في الجلسات المغلقة بطلب من «الحزب» لا سيما وأنّ «التيار» ينحو دائماً لطرحها على المنابر الإعلامية كمادة ضغط من جهة على حليفه، ومن باب شدّ عصب جمهوره من جهة ثانية.يضيف هؤلاء إنّ «حزب الله» يتصرّف منذ مدّة على أنّ الساحة المسيحية لم تعد في قائمة أولياته، لا بل يركّز جهوده على الساحة السنية خصوصاً بعد خروج رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري من دائرة الضوء والحركة السياسية، حيث صارت الغلبة في ميزان الضاحية الجنوبية لمصلحة الحسابات المتعلقة بالساحة السنية.
ويطرح هؤلاء الكثير من الأدلة والبراهين السياسية التي تظهر صحة وجهة نظرهم. كأن يتبنى «حزب الله» تكليف نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة من دون التشاور الفعلي مع رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون وهو المتأكد أنّ الأخير يرفض تسمية ميقاتي، لكنّ اصرار «الحزب» غير المقنع بالنسبة للعونيين، شكّل مؤشراً واضحاً على أنّه غير مكترث لاعتبارات حليفه المسيحي وما يمكن لرئاسة ميقاتي للحكومة أن تفعله في عهد عون في أشهره الأخيرة.كذلك شكّلت الانتخابات النيابية اختباراً اضافياً على أنّه بعد المقاعد الشيعية، كانت الأولوية بالنسبة لـ»حزب الله» هي لضمّ أكبر عدد من المقاعد السنيّة لمحوره. وهذا ما فعله، لدرجة أنّه كان بإمكانه وعلى سبيل المثال تأمين المقعد الماروني في بعلبك - الهرمل لو قبل بالتضحية بأحد المقعدين السنيين، لكنه لم يفعلها وترك المقعد بين يديّ انطوان حبشي. يقول هؤلاء إنّ منسوب الخشية من توتر سنيّ- شيعي، انخفض كثيراً في منظار «حزب الله» بحيث لم يعد المكوّن السنيّ هاجساً يؤرقه، وهو ما كان يدفعه إلى التمسّك بحليفه المسيحي ومساعدته على تعزيز حضوره. ولهذا ينهي هؤلاء بالإشارة إلى أنّ «حزب الله» لم يعد مهتماً بمآل هذا الحليف، سواء بقي قوياً أم تعرّض للتهشيم، ولعل واحداً من أسباب هذا التهشيم هو نتيجة تحالفه مع «الحزب»، وهذا ما تبيّنه المعطيات والوقائع الحالية. يؤكدون أنّهم يتلمسون استراتيجية مختلفة من جانب «الحزب» حتى لو أنّ الكثير من قيادات التيار ترفض الإقرار بهذا الواقع، ولا تقارب التطورات من هذا المنظار. لكنّ المستجدات تؤكد أنّ لـ»حزب الله» مقاربة جديدة تجاه حليفه المسيحي ستظهر حيثياتها مع الوقت.
بالمختصر، يرى هؤلاء أنّ «الحزب» يفضّل الاستثمار في الساحة السنية على حصر كلّ استثماره بالساحة المسيحية. ولهذا يتعاطى «الحزب» مع «التيار» بشيء من اللامبالاة وعدم تكبّد أي مجهود للتفاهم معه في القضايا المختلف حولها.ولعل المشاركة المرتقبة لـ»حزب الله» في الجلسة الثانية التي سيدعو ميقاتي لعقدها خلال الأيام القليلة المقبلة، تحت عنوان تمويل قطاع الكهرباء، ستزيد من حدّة الخلاف بن الحليفين مع أنّ «الحزب» حرص على عدم توسيع جدول الأعمال، وقد يتم حصره وفق المعلومات ببند الكهرباء، وممكن أن يتعداه لضمّ مرسوم ترقيات الضباط الذي صار يحتاج إلى مشروع قانون.