خبر

محاربات من أجل السلام.. عن رحلة المرأة اللبنانية وسط المتاريس

في رحلة طويلة مع مطرقة قاضٍ قد لا يحكم بالعدل، وسلطة لمن هو أقوى بنيوياً يختار العنف سبيلاً للحوار فإذ به يتحول الى نهاية دموية بسكين او مسدس ينهي حياة امرأة، وفي صراع يومي مع إجحاف وظيفي وأحكام مسبقة واستبعاد من مراكز القرار، وفي تحد يومي ايضاً مع متاريس من نوع اخر، قد تكون اقتصادية، تجد السيدة اللبنانية نفسها في حالة دفاع مستميت عن الذات بعيدا من الاستسلام، وتجدها لا تنشد سوى السلام. 

وبالفن يُصنع السلام ايضاً، حيث تخلع 4 سيدات عنهن ثوب الحرب ويتحولن الى صانعات سلام، جسدن الصراع الدائم للسيدة اللبنانية، وإن كان بأشكال مختلفة. وحكاية هؤلاء تمثل الانكسار الذي يتحول الى انتصار، بعدسة وثائقي يرسلا سلاما من بيروت الى العالم، تسافر معه مخرجة العمل زلفا عساف الى أكثر من بلد، بعدما حصلت قبل أسبوع على جائزة المرتبة الأولى في لبنان ضمن "مسابقة الإعلام والمرأة والأمن والسلام "برعاية وزارة الإعلام، ومن تنظيم جمعية "عدل بلا حدود" و Global network of women peacebuilders، والهادفة إلى دعم قرار مجلس الأمن 1325 المعني بتعزيز دور المرأة في الأمن والسلام، وذلك عن الفيلم الوثائقي "محاربات من أجل السلام". 

 


 
محاربات من أجل السلام  
وستمثّل عسّاف لبنان في مؤتمر سيُعقد في كولومبيا للتسابق في جائزة عالمية جديدة، بعدما حصلت في العام الماضي على جائزة في المغرب من تنظيم عالمي عن فيلمها الوثائقي "اباطرة الصهريج"، والذي يحاكي أزمة البيئة في لبنان. أمّا "محاربات من أجل السلام" فيروي بأسلوب فني وواقعي وجلسات حوارية ومشهدية ارتجالية مسرحية، قصص أربع نساء لُبنانيّات شاركن في الحرب اللبنانيّة كقياديات ضمن أحزابهن وحملن البارودة، غير انّهن وجدن انّ الأوطان تبنى فقط بالسلام والمحبة وتقبل الاخر.  
تشير عساف الى انّ هذه الجائزة أقيمت في عدة دول، وكانت النسخة اللبنانية قبل أسبوع من نصيبها، عن عمل تجد فيه انه يصلح لكل زمان ومكان وخصوصاً اليوم، في ظل الأوضاع الصعبة التي نعيشها. تتحدث عساف لـ"لبنان 24" عن الرسالة التي أرادت ايصالها من خلال العمل وخصوصاً لجيل الشباب اليوم، "هؤلاء السيدات اللواتي خضن الحرب واكتشفن انها عبثية عملنا على صناعة السلام من خلال رواية تجاربهن عن طريق محاضرات ونشاطات توعوية وغيرها من البرامج التي عكستها في الفيلم بأسلوب واقعي وسينمائي وفني. كل سيدة تحولت الى رسولة خير ومحبة في مجتمعها وتعمل على نشر الثقافة والسلام خصوصاً وسط الجيل الجديد كدعوة لعدم تكرار أخطاء الماضي". 

 

قتال من نوع اخر  
لا يوجد متاريس اليوم ولكن رأينا في كل مرة كيف يهب اللبنانيون شرارة للتقاتل، وتتابع عساف: "نقول للجميع من خلال الفيلم اليوم لو سمحتم لا تأخذونا مجددا الى الحرب، للأسف احياناً كثيرة نجد انّ مسألة سخيفة قد تقودنا الى معارك، احياناً نتقاتل على لعبة فوتبول، فيأتي هذا الفيلم كمن يضربنا على خدنا ويقول لنا توقفوا وشاهدوا تاريخ لبنان وتعلموا من الأخطاء". 
 
وبحسب عساف: "هؤلاء السيدات وهن من اربع طوائف مختلفة وانتماءات مختفلة يعكسن صحوة الضمير، وهن اليوم يقدمن محاضرات توعوية في المدارس والجامعات انطلاقاً من التجربة الأليمة، وهو ما يعيدنا للحديث عن دور المرأة في صناعة السلام والأمل، ودورها ايضاً في بناء لبنان بصورة افضل، وهو العنوان الذي استندت عليه وزارة الاعلام لتقديم الجائزة بالتعاون مع الجهات المانحة والمنظمة للحدث، وشارك فيه وزير الاعلام السيد زياد مكاري".  
 
وتتابع عساف: "نشجع على أي قرار او عمل يدعم دور المرأة، وانطلاقا من واجبنا نسعى للمشاركة في صناعة هذا الدور لتمكين المرأة والاجيال الشابة. وعندما نتحدث عن دور المرأة لا يجب دائماً تسليط الضوء على الصراع والحروب، وهو ما سأنقله في الفيلم الوثائقي الجديد الذي يتحدث عن 4 قائدات أوركسترا في الوطن العربي، وكيف حاربن للوصول الى اهدافهن بطرق مختلفة". 
 
نهايات سعيدة  
ومن المرأة والوطن والسلام، الى لبنان الذي لا يزال قادراً على انتاج الأفكار والمواد السينمائية التي تعالج الواقع، من خلال مجموعة من الشباب المخرجين الذين يؤمنون بالتغيير وصناعته من خلال الفن. فهل تُكتب خواتيم ونهايات إيجابية لرحلة المرأة اللبنانية وسط هذه الصراعات الكبيرة؟