خبر

هل تحتاج واشنطن الى تسوية سريعة في لبنان؟

كان واضحاً في الاسابيع الماضية، ان احد اكثر الاطراف المعنيين بالملف اللبناني استعجالاً للتسوية السياسية فيه هم الفرنسيون اذ تعمل باريس بشكل مكثف من اجل الوصول الى تقاطعات اقليمية ودولية وحتى داخلية تعطي دفعاً للتسوية السياسية وتنهي حالة المراوحة المفروضة منذ الانتخابات النيابية الماضية.

 

الاهتمام الفرنسي بلبنان له دوافعه الموضوعية والذاتية، لكنه اصطدم بالانقسام الاستثنائي الحاصل في لبنان،كما بالتوازن السلبي الذي فرضته الانتخابات النيابية داخل المجلس النيابي والذي يمنع حصول تسوية بسهولة اذ تستطيع اصغر الكتل النيابية ان تشكل عائقاً امام هذا القرار او ذاك.

 

لتسهيل مسار التسوية تحاول باريس تكريس فكرة الوصول الى اتفاق  رئاسي لتتوالى خلفه التسويات الاخرى، وعدم انتظار اللحظة السياسية الاقليمية والدولية التي تساعد في الوصول الى تسوية شاملة دفعة واحدة، وهذا امر لم يعجب بعض الاطراف لكن حصوله بات اليوم الاكثر ترجيحاً.

 

في الجانب الاخر لا يبدو حزب الله مستعجلاً الوصول الى تسوية على اعتبار ان التطورات السياسية في المنطقة ستصب لصالحه، وهذا الامر لا يعني ان الحزب سيعرقل التسوية او يكون ممانعاً لها في حال حصولها لكنه لن يجهد من اجل حصولها في اسرع وقت ممكن، لذلك فإن معركته الرئاسية لم تنظلق كما ينبغي بعد.

 

اعتبارات باريس مختلفة، اذ ان الخوف من انهيار الدولة ومؤسساتها لا يطال نفوذها ونفوذ الاوروبيين في لبنان فقط بل قد يشكل خطراً مباشراً على الاراضي الاوروبية من خلال الهجرة غير الشرعية التي سيصبح لبنان منصة اساسية لها او من خلال تصدير الارهاب بعد انهيار الاجهزة الامنية اللبنانية.

 

لكن هذا الاستعجال الفرنسي لا ينطبق على الاميركيين، الذين وان وجدوا ان الضغوط الاقتصادية لم تؤد الى النتيجة المطلوبة لضرب حزب الله او اضعافه، لكن التحول السريع من الازمة الاقتصادية الى الانفراج الاقتصادي بعد ترسيم الحدود سيعزز سردية حزب الله السياسية والاعلامية وسيحوله الى بطل على الصعيد الوطني، وهذا اخر ما يريده الاميركيون.

 

لذلك فإن واشنطن لن تعارض حصول تسوية سياسية في لبنان ، اذا كانت تحفظ لها نفوذها، لكنها في المقابل لن تقدم تنازلات لتسهيل حصول هذه التسوية بسرعة قياسية، وعليه، فإنه، اذا استثنينا باريس، لا يوجد طرف سياسي فاعل يرغب بالذهاب السريع الى الحل في لبنان، اذ ان التطورات والتوازنات لم تنضج بعد.

 

وكان لافتا امس ان حديث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قمة "بغداد 2 " عن لبنان جاء مقتضبا حيث قال :"أزمات العراق وسوريا ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادق بين الدول المعنية"، فيما دعت دعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا القادة السياسيين اللبنانيين إلى "تحمل مسؤولياتهم" والعمل على "إجراء انتخابات سريعة" لرئيس جديد للبلاد بعد نحو شهرين من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وعبرت الوزيرة الفرنسية عن "قلقها"، داعية القادة اللبنانيين الى "الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج اليها لبنان بشدة".