خبر

سعي لإحياء قطاع النقل العام وبدء تشغيل 10 باصات مستعملة من فرنسا

10 باصات للنقل العام فقط، من أصل 50 تبرعت بها الدولة الفرنسية للبنان، بدأت بالعمل يوم أمس ضمن نطاق بيروت الكبرى وضواحيها. فنقص الأموال والسائقين حال دون وضع مزيد من الباصات على الطرقات في وقت بلغت فيه تسعيرة السيارات العمومية الخاصة مستويات غير مسبوقة باتت ترهق الموظفين الذين لا يملكون سيارات ويضطرون لدفع القسم الأكبر من رواتبهم على المواصلات.

 

 

وتأخرت عملية إطلاق هذه الباصات حتى إنجاز صيانتها باعتبارها مستعملة وكان يتطلب وضعها على الطرقات أعمال صيانة، إضافة لأعمال إدارية شتى.

ويوضح وزير الأشغال والنقل علي حمية أن عدد موظفي مصلحة السكك الحديدية والنقل المشترك يبلغ 2808 موظفين، فيما يتواجد في المصلحة حالياً فقط 28 سائقاً «ولذلك اتخذنا قراراً بتسيير الباصات (فقط) ضمن بيروت الكبرى وجبل لبنان»، مشيراً إلى أن «التعرفة ستكون 20 ألف ليرة للشخص (أقل من نصف دولار)».

 

 

وتشدد مصادر وزارة الأشغال على «وجوب تأمين الاعتمادات اللازمة لتسيير هذه الباصات عام 2023 بعدما تم تأمين الأموال اللازمة للشهر الأخير من العام الحالي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الوزارة التي كانت أكثر الوزارات إنفاقاً وأقلها إدخالاً للإيرادات باتت اليوم أكثر وزارة تُدخل أموالاً إلى الخزينة، لكن يتوجب بالمقابل مدها بالأكسجين لتسيّر أعمالها».

 

 

ويشير رئيس مصلحة السكك الحديدية والنقل المشترك زياد نصر إلى أن «عمل الباصات الـ10 يتم ضمن إطار الإمكانات المادية والبشرية التي لدى الوزارة والمصلحة»، لافتاً إلى أن «استمرارية العمل بها ستكون مهددة في حال عدم تأمين الأموال اللازمة للصيانة وشراء المازوت». ويعتبر نصر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إجازة الحكومة بالتعاقد مع القطاع الخاص لتشغيل هذه الباصات وفق عقد واضح، والتزاماً بقانون الشراء العام، من شأنها أن تشكل عاملاً مساعداً باعتبار أن لدى هذا القطاع مرونة بالشراء الفوري»، معرباً عن أمله بأن «يتقدم العاملون في هذا القطاع للمشاركة في هذه المهمة باعتبار أننا لمسنا عدم حماسة حين أطلقنا في الصيف مناقصات مرتبطة بالصيانة والفيول والسائقين، أما التردد فناتج عن عدم استقرار سعر الصرف والمطالبة بالتسعير بالدولار، وهو ما لا نستطيع أن نقوم به».

 

 

من جهته، أوضح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن «مرحلة تسيير الباصات حالياً هي تجريبية»، لافتاً إلى أن «إطلاقها احتاج لوقت لصيانتها وتأمين السائقين». وشدد الأسمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «أهمية هذه الخطوة في ظل الغلاء الفاحش الذي نشهده ويجعل الكثير من الناس غير قادرين على التنقل»، موضحاً أن «تسعيرة (السرفيس) ضمن بيروت، مثلاً، تتراوح ما بين 50 و70 ألف ليرة لبنانية (ما بين دولار ودولار ونصف) ولا إمكانية لتثبيتها، وهو ما يفترض أن تقوم به وزارة النقل بالتنسيق مع اتحادات النقل البري نظراً لعدم ثبات سعر الصرف (الليرة) وكذلك سعر صفيحة البنزين التي تشهد ارتفاعاً متواصلاً».

 

 

وكتب صهيب العتر في"الاخبار": وافق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، على السماح لـ«مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك» التعاقد مع القطاع الخاص لتشغيل 95 باصاً. بمعنى آخر، قرّر المجلس «خصخصة» تشغيل الباصات، لأن المصلحة غير قادرة على تشغيلها. وهذه الموافقة، أتت بناءً على طلب وزارة الأشغال العامة والنقل بعدما عجزت عن إنجاز مناقصة لتأمين موارد التشغيل.

 

 

وبانتظار ذلك، قرّر الوزير علي حمية تسيير الباصات التي بمقدور المصلحة تشغيلها بقدراتها الذاتية، من خلال سائقيها، وهم «28 سائقاً فقط». وبالفعل، بدأت المصلحة مطلع الأسبوع الجاري تسيير أكثر من باص ضمن نطاق بيروت الكبرى وجبل لبنان، بتعرفة 20 ألف ليرة على الراكب الواحد.وكانت المصلحة قد تمكنّت من تأهيل نحو 45 باصاً، أُضيفت فوق باصات الهبة الفرنسية الـ50. لكن لم يُبصر مشروع تشغيلها النور حتى الآن، رغم مرور سبعة أشهر على جاهزيتها.

 

 

أصبح تشغيل الباصات أمام خيارات ضيّقة؛ فالمصلحة عاجزة عن تشغيل المشروع بقدراتها الذاتية، إذ ليس لديها العدد الكافي من السائقين، وليس لديها الاعتمادات المالية اللازمة لشراء الوقود والصيانة وسائر ما يتطلبه الأمر. وبما أن المناقصات السابقة فشلت، تقرّر اللجوء إلى «الخصخصة» لتشغيل المشروع بالكامل. وبحسب محضر مجلس الوزراء، فإن وزارة الأشغال قالت إنه «لم يتقدم أحد للمشاركة في المناقصات (...) لشراء مادة الديزل أويل وزيوت مختلفة ومادة (الأد بلو) وترميم هنغار ومنشآت محطة مار مخايل وتقديم يد عاملة مختلفة غب الطلب، لعدم رغبة التجار والمتعهدين بالالتزام بأسعار ثابتة في ضوء التقلّبات في سعر الدولار الأميركي وطلبهم ضمانات لتسديد قيمة التزاماتهم نقداً بسبب التعقيدات التي تفرضها المصارف اللبنانية». كذلك، أشارت الوزارة إلى أن «لا تتوافر في موازنة المصلحة الاعتمادات اللازمة لتغطية نفقات تشغيل الحافلات ووضعها على خطوط السير». وبحسب المعطيات، لم يَجرِ نقاش جدّي حول هذه المسألة، بل قرّر المجلس الموافقة على «إجراء تلزيم وفقاً لأحكام قانون الشراء العام واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة». أي أن الخطوة التالية تكمن في إعداد دفتر شروط يتضمن: شروط الالتزام، التعرفة، العائد للدولة... ثمّ إطلاق مناقصة وفضّ عروضها ليظهر بالفعل إذا كان هذا الخيار ذا جدوى.

 

 

وقال المدير العام لـ«مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك»، زياد نصر، لـ«الأخبار»، إنه لا يعلم ما هو الوقت الذي يتطلبه الأمر لإنجاز التلزيم «فقد كان يفترض أن يستغرق تسجيل الباصات الفرنسية عدة أيام، لكنه أخذ ستة أشهر»، لافتاً إلى أن «دفتر الشروط سيتضمن الضوابط بالنسبة إلى التعرفة وخطوط النقل».