خبر

هل يُفسخ عقد "الزواج الماروني" بين "التيار" و"الحزب"؟

حاول رئيس "التيار الوطني الحر" السيد جبران باسيل في اطلالته التلفزيونية الأخيرة اجتياز حقل الألغام، الذي وضع نفسه فيه، بأقل أضرار وخسائر ممكنة، وذلك من خلال تمييز العلاقة التي تجمعه مع السيد حسن نصرالله، وبين انتقاده المباشر "لمن نكث بالوعد" حين أمّن الغطاء لانعقاد جلسة مجلس الوزراء.

 

وعلى رغم المحاولات السابقة فإن ما تمّ التوصّل إليه بين "التيار" و"حزب الله" من تفاهمات أولية على ترميم ورقة تفاهم "مار مخايل" لم تبصر النور، وذلك بسبب الارباكات الموسمية التي يحاول باسيل من خلالها زرك "الحزب" في الزاوية. فالموقف المتقدّم الأخير لـ"الحليف البرتقالي" أحرج قيادة "الحزب"، التي لا تزال تعتبر أن العلاقة مع هذا المكوّن المسيحي هي حاجة غير ظرفية، لكنها تحتاج من وقت إلى آخر إلى عملية "تزييت".   

 

آخر المعطيات أن صديق جبران الشخصي الحاج وفيق صفا لم يستطع حتى هذه اللحظة "هندسة" ظروف اللقاء، الذي يصرّ عليه باسيل مع السيد نصرالله، خصوصًا أن الكلام الذي قيل في "ميرنا الشالوحي" ليس كلامًا عاديًا يمكن "التطنيش" عليه، وتركه يمرّ وكأن شيئًا لم يحصل.   

 

صحيح أن العلاقة بين الطرفين شهدت في الآونة الأخيرة اهتزازات كثيرة، ولكنها لم تبلغ إلى حدّ اتهام "حزب الله" بـ"الكذب". وهذا ما لم يبلعه السيد نصرالله.  ويبدو، بحسب آخر المعلومات أن العلاقة الثنائية بين "الحزب" و"التيار" تمرّ في مرحلة "اختبار النوايا"، وهي مرحلة دقيقة وحسّاسة، ولا يمكن بالتالي السماح لأي أحد "اللعب" على الحبال في الوقت الرئاسي الضائع.   

 

مصادر مقربة من "حارة حريك" تقول إن الكلمة الأخيرة تبقى للسيد نصرالله، الذي يقيس أي تحالف مستقبلي مع "التيار" على أسس واضحة غير قابلة للتبدّل مع تبدّل الظروف، مع مراعاة خصوصية كل من حليفيه الآخرين، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية ، خصوصًا أن على الكتف الانتخابي الرئاسي أكثر من حمّال، وبالتالي فإن أي بحث مع "التيار" يجب أن يأخذ في الاعتبار كل هذه المعطيات، على رغم أن بعض القيادات العونية تحاول تسريب بعض الأجواء عن إمكانية تراجع "الحزب" عن خيار ترشيح فرنجية والذهاب إلى خيار آخر.    

 

وعلى رغم هذه الأجواء الضبابية، والتي تكثر فيها عمليات اطلاق "بالونات جس النبض"، فإن قيادة "حزب الله" لا تزال تحاذر الإقدام على أي خطوة متقدمة، وهي لا تزال تدرس بدقة وعناية ما يمكن اتخاذه من إجراءات، من دون إغفال مطبات المرحلة السابقة، وما صدر عن باسيل وقيادات في "التيار" من انتقادات لاذعة ضد الحزب في ما يتعلق بالعلاقة اللصيقة بينه وبين الرئيس بري، الذي يُعتبر بالنسبة إلى الحزب خطًّا أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه، فضلًا عن العلاقة المتينة بينه وبين فرنجية، والتي لا تشوبها أي شائبة، تضاف إليها المواقف التخوينية، التي غطّت على كل ما عداها من مواقف لا يمكن غضّ الطرف عنها. أمّا أن يُقال بأن "الحزب" ينكث بوعوده الصادقة فهو أمر خطير ولا يمكن تجاوزه بتبريرات واهية وحجج غير مقنعة.   

 

وفي خلفية "حزب الله" فإن العلاقة مع فرنجية أكثر ثباتًا من غيره، لأن الرجل يعرف ماذا يريد، وهو يقول رأيه بكل صراحة ووضوح ومن دون لفّ أو دوران. وهذا لا يعني على الإطلاق أن الحزب سيتخّلى عن "التيار الوطني الحر"، لأنه لا يزال يرى فيه حليفًا يمكن الاعتماد عليه، أقّله في مواجهة "القوات اللبنانية" على الساحة المسيحية، مع ما يؤّمنه له من غطاء مسيحي لا يزال يحتاج إليه، وبالأخصّ عندما تحتدم معاركه الخارجية.   

 

وعليه، فإن تحالف "حزب الله" مع "التيار" انتخابيًا كان محسومًا في أكثر من منطقة، وذلك بهدف مساعدته للحفاظ على الأكثرية النيابية. إلاّ أن هذه الحاجة لا تبرر أن تبقى هذه "الزيجة" المارونية إلى الأبد، وبالتالي فإن احتمالات فسخها تبقى واردة في ذهن "حزب الله"، خصوصًا إذا بالغ باسيل في "دلاله".