خبر

لأصحاب القروض السكنيّة: هذا مصير القروض بعد شباط

تشهد المؤسسة العامة للإسكان "هجمة" من قبل المقترضين لتسديد ما تبقّى من قروضهم السكنيّة دفعةً واحدة، وقد تسارعت وتيرة تهافت المقترضين في الأشهر الأخيرة للتسديد، لاسيّما بعد إعلان مصرف لبنان عن تعديل سعر الصرف من الـ 1500 إلى 15000 ليرة، وبدء سريانه في شباط المقبل. كلّ التأكيدات من قبل المؤسسة العامة الإسكان ومصرف لبنان بأنّ قيمة القروض ستبقى على ما هي عليه، ولن يطرأ عليها أيّ تعديل، لن تطمئن هؤلاء.

5000 طلب للتسديد المسبق

الطلبات بالآلاف في المؤسسة العامة للإسكان، وتفوق قدرة العاملين على إنجازها. مصادر المؤسسة كشفت لـ "لبنان 24" أنّهم تلقّوا 5000 الآف طلب في الفترة الممتدة من منتصف آب ولغاية منتصف كانون الحالي، أي بمعدل 20 ألف قرض سنوي "لدينا الكثير من الطلبات المكدّسة، ضغط كبير ولم نعد قادرين على استيعاب الأعداد الهائلة من الطلبات. بالمقابل هناك نقص في عدد موظفي المؤسسة، كما أنّ عددًا من العاملين أُحيل على التقاعد لبلوغ السن القانوني، فضلًا عن أنّ الدوامات وأيام العمل تمّ إنقاصها بفعل انهيار قيمة الرواتب أسوة بكلّ مؤسسات القطاع العام. يضاف إلى ذلك مشاكل الكهرباء وصيانة البرامج، وكلّها تعيق العمل" تقول مصادر المؤسسة.

حاملو الدولار متحمّسون للتسديد

أسباب عديدة تدفع أصحاب القروض الإسكانية إلى تسديد كامل القرض دفعة واحدة، بعضهم لديه دخل بالدولار، ويسارع للإستفادة من فرق العملة بعدما تآكلت قيمة القرض السكني، فعل سبيل المثال لنفترض أنّ المتبقي من قيمة القرض مئة مليون ليرة، هذا المبلغ كان يساوي نحو 66 ألف دولار وفقاً لسعر الصرف 1515، أمّا اليوم فيساوي حوالي 2300 دولار وفق سعر الدولار في السوق الموازية، بالتالي العملية مربحة جدًا لهؤلاء. وهناك فئة من المقترضين المتعثّرين ترغب بالتسديد، بقصد بيع الشقق ولو بنصف سعرها، وبذلك يستفيد هؤلاء من الأموال لتسديد الديون، ويتبقّى معهم مبلغ لا بأس به. وهناك فئة ثالثة تسارع إلى الدفع المسبق بداعي الخوف من أن تتعدّل القروض، لتُحتسب وفق سعر 15 ألف في شباط "وهو خوف غير مبرر" تقول مصادر المؤسسة، وتعيد التأكيد عبر "لبنان 24" أنّ القروض السكنية اليوم وبعد أعوام ستبقى بالليرة، ولن تتعدّل، لأنّ اتفاقية القرض بالليرة وكذلك الدفع بالليرة، ولا يحقّ للمصارف تعديلها، وبالتالي مهما تبدّلت أسعار الصرف وتعددّت لا علاقة لها بالقروض السكنيّة.

غبريل: القروض بالليرة سكنيّة أو غير سكنيّة لن تتبدّل

كبير الإقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل يتحدث بدوره لـ "لبنان 24" عن لجوء عددٍ كبير من المقترضين لتسديد قروضهم في المصارف، القروض السكنية ومجمل القروض بالليرة، قبل أن يدخل تغيير سعر الصرف الرسمي حيز التنفيذ في شباط المقبل "علمًا أنّ القروض بالليرة لا علاقة لها بأيّ تعديل بسعر الصرف، ولن تتغيّر قيمة القرض، وكذلك قيمة الدفعات الشهرية ستبقى على ما هي عليه، مهما كانت طبيعة القرض، سواء كان قرضًا شخصيًا أو سكنيًّا. بالتالي  قروض المؤسسة العامة للإسكان كونها بالليرة لا علاقة لها بأيّ تعديل، وليس هناك من داع لهذا الهلع والتهافت على تسكير القروض قبل استحقاق شباط المقبل. كما أنّ القرض باللبناني اليوم أضحى بمثابة هدية لصاحبه".

شروط التسديد

على الراغبين بتسديد كامل القرض السكني أن يستحصلوا على موافقة مسبقة من المؤسسة العامة للإسكان. وفي تأخرت الموافقة، يستطيع هؤلاء أن يسدّدوا الدفعات في المصرف، ولكن لا يمكن للمصرف أن يزوّدهم بالمستندات المطلوبة أو بكتاب التسديد قبل أن يستحصلوا على موافقة المؤسسة. ويتوجب على المقترض أن يدفع رسم التسجيل في حال لم يمضِ أربع سنوات على القرض، ولكن مجمل القروض مضى أكثر من أربع سنوات على منحها، وباتت معفيّة من رسم التسجيل، وفق مصادر المؤسسة.

هل يصبح التأمين بشباط على الـ 15 ألف؟

يتخوف المقترضون من إلزامهم بدفع قيمة التأمين بالدولار، في السياق لفتت مصادر مؤسسة الإسكان إلى أنّ التأمين الإلزامي على الحياة لا علاقة له بتغيير سعر الصرف، وهو تأمين بالليرة، تعمد المصارف إلى استيفائه على دفعات تزامنًا مع القسط الشهري للمنزل، وسيبقى باليرة، إذ لا يحقّ للمصرف أن يستوفيه بالدولار. لكن التأمين المتخصص بالحريق، وهو عبارة عن عقد يتجدّد سنويًّا، يحق للمصرف أن يغيّر عملته، ليستوفيه بالدولار، والتعويض في هذه الحال يقبضه المقترض وليس مؤسسة الإسكان، ومن مصلحة المقترض أن يدفعه بالدولار، لأّنه في حال تعرّض منزله للحريق، لن يمكّنه التعويض بالليرة من إعادة ترميم منزله.

15 ألف سدّدوا دفعة واحدة

قيمة القروض الإسكانية الممنوحة من مؤسسة الإسكان تراوحت بين  80 و 82 ألف قرض، حوالي 25 ألف مقترض أنهوا تسديد الدفعات الشهرية للمصارف، ويسدّدون الفوائد للأسكان. في العامين 2021 و 2022 عمد عدد كبير من المستفيدين من قروض الإسكان إلى تسديد كامل الدفعات المتوجبة مرّة واحدة، بحيث تم تسديد ما لا يقل عن 15 ألف قرض سنويًا.

وضع المتعثّرين

هؤلاء لا زالوا محميين بموجب قانون تمديد المهل "وطالما الوضع على ما هو عليه لا يحقّ للمصرف أن يتقدّم بدعوى ضدّهم، ومعظم هؤلاء يعمدون إلى بيع بيوتهم لتسديد الدفعات المتأخرة" توضح مصادر المؤسسة. لكن التأخير بالدفع يجعل المبالغ تتراكم.

ماذا عن القروض السكنيّة بالدولار؟ 

لفت غبريل إلى أنّ تعميم مصرف لبنان سمح لهؤلاء بدءًا من آب 2020 تسديد قيمة القروض بدفعات شهرية وبالليرة اللبنانية، وفق سعر الـ ،1500 في حال كان سقف القرض لغاية 800 ألف دولار "وهذه عمليّة تفيد هؤلاء، لكنّها تضر بالمودعين، ورغم كل التسهيلات هناك من يتأخر بالدفع". ومؤخرًا بطلب من مصرف لبنان، تُدفع قروض التجزئة بالدولار على 1500، بالنسبة للدفعات الشهرية التي تصل إلى 1000 دولار، وتلك التي تتخطّى الـ 1000 دولار شهريًا، لن تحتسب وفق الـ 1500 بل ستُدفع بشيك مصرفي بالدولار وليس نقدًا. أضاف غبريل "لغاية اليوم لم تصدر تعاميم من المركزي حول مصير القروض بالدولار بعد شباط، وباعتقادي سيباشر مصرف لبنان في بداية العام الجديد لإصدار تعاميم على علاقة بتعديل سعر الصرف خصوصًا بما يتعلق بالقروض بالدولار".