خبر

جنبلاط "يراقب".. فهل يفكُّ ارتباطه بـ "الضاحية"؟

منذُ أن بدأ رئيس الحزب "التقدّمي الإشتراكي" وليد جنبلاط صفحتهُ الجديدة مع "حزب الله" عقب الانتخابات النيابيّة الماضية، حتى كثُرت التحليلات بشأن "قبولهِ" بما يريده الحزبُ على صعيد رئاسة الجمهوريّة. ففي ذلك الحين، ارتضى جنبلاط أن يكونَ في صفّ الحزب في لحظات حرِجة وتحديداً حينما كان ملف ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل ضاغطاً. وأمام هذه القضية التي استنفرت دولاً وحرّكت حُكومات، كان جنبلاطُ يسيرُ بين شروطه، ورغم التقارب الذي حصل بينه وبين "حزب الله"، إلا أنه ما زال مُتمسكاً بما يريده رئاسياً، وما يمكن قوله هو أنّه سبَق جميع من في صفّه السياسي إلى القبول بأي تسوية قد تلوحُ في الأفق على صعيد رئاسة الجمهوريّة.

 

في تغريدةٍ له يوم أمس، كان جنبلاط واضحاً في استهجانه من "تطيير الحوار" الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة انتخاب الرئيس اليوم. حقاً، كان رئيس "التقدّمي" من أشدّ المُتحمّسين لهذا الحوار من أجل تذليل بعض العُقد من أمام الاستحقاق القائم، وهو أمرٌ تفاهم عليه مع "حزب الله" مؤخراً وقد وصلت الرسالة منه إلى الأخير بأن الحوار هو السبيل الأوّل والأخير للوصول إلى التوافق.

 

وعلى الرّغم من أن الحزب ما زال يسيرُ على درب "الورقة البيضاء" في انتخابات الرئيس، ووسطَ عدم قدرة الأخير على "التوفيق" رئاسياً بين حليفيه رئيس التيار "الوطني الحر" جبران باسيل ورئيس تيار "المرده" سليمان فرنجية، فإنّ جنبلاط ما زال سائراً على درب "الهُدنة" مع "حزب الله" في الوقت الراهن. إلا أنّه وفي ظل هذا الأمر، فإنه لا يمكن نفيُ بعض المواقف "التي يُطلقها بعض النواب المقربون من جنبلاط ضدّ "حزب الله". حتماً، الأمر هذا "تكتيكٌ" سياسي وقد يكونُ مقبولاً بين الطرفين، والدليل على ذلك هو أن الكلام والتصريحات مضبوطة ولا تندرج في إطار "التصعيد". لكنّ السؤال الذي يُطرح هنا: إلى متى ستستمر هدنة المختارة - حارة حريك.. وما الذي يُريح جنبلاط في الوقت الراهن؟

 

ما يُمكن جزمه هو أنّ جنبلاط يسعى لـ"تمرير" المرحلة الحالية بأقل تصعيدٍ مُمكن، وتقول مصادر مقرّبة من "الإشتراكي" لـ"لبنان24" إنّ "جنبلاط لا يريدُ المواجهة ولا يسعى إليها بقدر ما يريدُ انتخاب رئيسٍ وفق خيارات واضحة"، وتضيف: "الحوار هو الأساس لتبيان ما يريدهُ الأفرقاء والوصول إلى التوافق مع حزب الله وغيره من الأطراف من أجل إتمام الاستحقاق الرئاسي".

 

في الواقع، فإنّ التقارُب بين "حزب الله" وجنبلاط قد لا يبقى في إطار الكلام، بل قد يتطوّر باتجاهِ "عمقٍ" أكبر أقله في الملف الرئاسي. وحالياً، فإن ما يُريح جنبلاط هو أنه ما زال يرصدُ "عدم تشبّث" من قبل "حزب الله" بأيّ مُرشح، وما يجعله مُرتاحاً أكثر هو أن الحزب لم يمنح باسيل أي كلمةٍ رئاسية. ولو حصل هذا الأمر حقاً، لكانت الأمورُ مختلفة ولكانَ التواصل قد تحوّل إلى اشتباكٍ سياسيّ يُشبه مرحلة الشغور الرئاسي بين العامين 2014 و 2016. كذلك، فإن ما أعطى جنبلاط ضوءاً أخضر لاستمرار "الهدنة" مع الحزب هو أنه لمس من الأخير عدم وجود رفضٍ مُطلق لطرح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهوريّة.

 

وأمام كل ذلك، فإنّ جنبلاط يلتقي الآن مع "حزب الله" على أمرين أساسيين: الأول وهو أنّ الحزب لم يعطِ باسيل أي دعمٍ وترشيح، في حين أنّ الأمر الثاني يرتبطُ بالتزام الحزب مطلب جنبلاط وهو "الحوار"، وهذا أمرٌ يريح الأخير أكثر. فمن جهة، إن كانت التسوية سترسو على غير باسيل وفرنجية، فإن الحزبَ قد يقبل بها طالما أنها تأتي في إطار حوارٍ أولاً وفي إطار عدم طرح شخصية استفزازية له ثانياً. وحتماً، هذا ما يلتزم به جنبلاط لأنه يُدرك تماماً أن أي "استفزاز" لـ"حزب الله" رئاسياً سيُعقّد الأمور أكثر.

 

في خلاصة القول، ما يمكن استشرافه هو أنّ جنبلاط يراقب الأجواء عبر "راداراته"؛ وقد يُبادر إلى إعادة المطالبة بالحوار ولعب الدور الأساس في تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء.

أما مع "حزب الله"، فطالما الأمور ما زالت بمنأى عن ترشيح باسيل، طالما أن كل شيء جيد، وقد تكون أي شخصيات أخرى مثل قائد الجيش مدار التقاء وتوافق بين المُختارة وحارة حريك.. ومن هنا حقاً، ستبدأ التسوية...