خبر

فياض بين "الأميرة الماكرة" و"قيصر الوزارة" واوساط ميقاتي "همنا تأمين الكهرباء"

في بيان لافت بتوقيته، أعلنت وزارة الطاقة والمياه عن إطلاق إجراءات توظيف أعضاء "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء". المطلب إصلاحي ومزمن، ردّده ممثلو البنك الدولي ودبلوماسيو عواصم القرار على مسامع المسؤولين اللبنانيين مرارًا وتكررًا "الهيئة الناظمة أولًا"، بحيث اشترطوا تعيين الهيئة كممر إلزامي لحصول لبنان على مساعدات لرفع التغذية بالتيار الكهربائي، ومنها الغاز المصري والكهرباء الأردنية.

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سعى لتعيين الهيئة ودفع باتجاه ذلك، لكن الوزير المعني بملف الكهرباء وليد فياض بإيعاز من "ولي عهد جهنّم" تجاهل المطلب، عندما كانت الحكومة مكتملة الصلاحيات وقادرة على تعيين الهيئة، واستفاق اليوم في زمن باتت معه الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال، وغير قادرة على التعيين.  

عدا عن التوقيت الخاطىء، زنّر فياض بيانه بلغم زرعه بشكل فاضح ومكشوف الوزير الفعلي للقطاع منذ ثلاثة عشر عامًا، بحيث عدّل أعضاء الهيئة من خمسة إلى ستة، مخالفًا القانون، ودائمًا بذريعة "الميثاقية". ميقاتي كان قد تنبّه لهذا الأمر وأرسل كتابًا بشأنه إلى فياض كاشفًا أنّ "وزير الطاقة وليد فيّاض فاجأنا بالإعلان عن استقبال طلبات 6 أعضاء للهيئة الناظمة للكهرباء فيما المطلوب 5 (رئيس و4 أعضاء) أرسلت كتاباً بهذا الشأن لفيّاض لأن في ذلك مخالفة واضحة للقانون" مضيفًا "إنني أتعاطى مع فريق سياسي همّه التعطيل".

اوساط الرئيس ميقاتي وعلى رغم المغالطات التي رافقت بيان فياض تعاطت معه بإيجابية، آملة أن يساهم في فتح الباب أمام تأمين تمويل قرض البنك الدولي المعلّق بانتظار الهيئة الناظمة للقطاع "صحيح أنّ وزارة الطاقة تأخّرت كثيرًا في إطلاق إجراءات توظيف أعضاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، لكنّها خطوة ضرورية، ونأمل أن تساهم في تأمين الأموال لاستجرار الكهرباء من الأردن، لاسيّما وأنّ هناك مؤتمر قمة في الأردن بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وموضوع الكهرباء مُدرج على جدول أعمال المؤتمر، من هنا نتطلع إلى الأمر من باب تأمين تمويل الكهرباء الأردنية. أمّا الطلبات فتستغرق وقتًا لا يقل عن أشهر، وتعيين الهيئة يتطلب وجود حكومة كاملة الصلاحيات".

وعمّا تضمنه بيان فياض من تعديل في عدد أعضاء الهيئة علّقت المصادر "يُنفذ الأمر وفق ما ينصّ عليه القانون".  
مصادر رقابية عليا مواكبة لملف الكهرباء لفتت في اتصال مع "لبنان 24" إلى أنّ عدد أعضاء الهيئة يُحدد بموجب قانون وليس بقرار صادر عن الوزير المعني. وطرحت علامات استفهام في توقيت بيان الطاقة الذي بدا كشيك بلا رصيد "الكل يدرك أنّ الوزير الفعلي للطاقة جبران باسيل لن يسمح بتعيين الهيئة الناظمة للقطاع، إلا في حال كان هؤلاء من أزلامه وأتباعه، وهذا ما ينسف مبرر وجود الهئية الناظمة، كجهة إداريّة مستقلّة تمامًا عن وزير الطاقة وعن السياسيين كافة، متخصصة وقادرة على اتخاذ القرارات باستقلاليّة تامة. أمّا إذا ذهب الوزير باتجاه وضع إلإجراءات وإخضاع التعيين لمعاييره، فلن يتم تعيين هيئة ناظمة بل سنكون أمام هيئة استشارية تابعة للوزير، تُدفع رواتب اعضائها مما تبقى من أموال الشعب في حساب الخزينة في مصرف لبنان، وفي هذه الحالة من الأفضل ألا تُعيّن الهيئة. بأيّ حال يجب إخضاع التعيين لآلية تضمن الكفاءة، لا أن يقوم الوزير بالتعيين".

مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون علّق بدوره على بيان فياض، وكتب عبر حسابه على تويتر "بُني الإعلان على تعيين ٦ أعضاء خلافاً للقانون الذي ينص على ٥ فقط، وعلى اقتراحات لتعديل قانون تنظيم قطاع الكهرباء، اعترضت عليها هيئة التشريع والاستشارات ومجلس الخدمة المدنية، وعلى موافقات صادرة عن حكومات سابقة على خطط الكهرباء المحدّثة والمفخخة بألغام صاغتها "أميرة ماكرة" و"القيصر". وجاء الإعلان في ظل حكومة تصريف أعمال يمتنع وزير الطاقة نفسه عن حضور جلساتها، ولا يمكنها أصلاً تعيين الهيئة".

إشارة إلى أنّ باسيل وقف طيلة السنوات السابقة بوجه تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، ونجح بذلك، على رغم أنّ القانون رقم 181/2010 الصادر قبل اثني عشر عامًا اشترط تعيين الهيئة خلال ثلاثة أشهر. في الوقت نفسه سعى باسيل ولا يزال لتحويل الهيئة الناظمة إلى مجرد هيئة استشاريّة لا صلاحية لها، لتبقى القرارات المتعلّقة بالقطاع بيده. ولتنفيذ مبتغاه، قدّم نوابه إلى المجلس النيابي اقتراح قانون لتعديل مهام الهيئة وصلاحياتها، في وقت عانى اللبنانيون طيلة عهده الكهربائي من عتمة بدأت جزئيّة وأضحت شاملة، فيما تكبّدت الخزينة 43 مليار دولار على الكهرباء وحدها. وأثناء ولاية حكومة ميقاتي وقف الفريق العوني بوجه تحقيق أيّ خرق في جدار العتمة، على رغم محاولات ميقاتي المتكررة لتسجيل إنجاز في الكهرباء، وللتذكير عمد الوزير فياض إلى سحب بندين مرتبطين بملف الكهرباء من جدول أعمال مجلس الوزراء، وهما مشروع يتصل بإنشاء محطات للتغويز لتعزيز إنتاج الطاقة من الغاز، ومشروع عقد بالتراضي مع مؤسسة كهرباء فرنسا لإعداد دفاتر الشروط وملفات التلزيم لإنشاء معملين جديدين لإنتاج الطاقة الكهربائية في الزهراني ودير عمار، تحت شعار "سلعاتا أو لا كهرباء".