خبر

باسيل (لا) يجاريهم.. "عونيون" يدعون إلى "دفن" تفاهم مار مخايل!

خلال اليومين الماضيين، "استنفر" جمهور "التيار الوطني الحر" ليهاجم "الحليف الأقرب"، "حزب الله"، على خلفية ما اعتبره "تغطية" من جانبه، لجلسة مجلس الوزراء التي نجحت الحكومة بعقدها، رغم الحملة الرافضة لها من قبل الوزير السابق جبران باسيل، حتى إنّ بعض من هذا الجمهور، وممّن يصنَّفون ضمن "نخبة التيار"، لم يتوانَ عن الدعوة صراحةً إلى "دفن" تفاهم مار مخايل، المُبرَم مع "حزب الله" قبل سنوات.

 

صحيح أنّها ليست المرّة الأولى التي يوضَع فيها هذا التفاهم في "قفص الاتهام"، بعدما رفع باسيل شخصيًا شعار "تطويره" في محطّات عدّة في السابق، إلا أنّ "الامتحان" الذي يخضع له هذه المرّة يبدو "أثقل" من كلّ ما مرّ سابقًا، خصوصًا أنّ بعض جمهور "التيار" اختار أن يسلك درب "التصعيد"، لدرجة اتهام الحليف "الوحيد"، بـ"الغدر والخيانة وقلة الوفاء"، ناعيًا التفاهم، الذي قال بعضهم إنّه "مات" منذ أشهر طويلة، و"إكرام الميت دفنه".

 

ولم تغب "الخيبة العونية" من "حزب الله" عن المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير السابق جبران باسيل وبدا فيه "غاضبًا"، إلا أنّ اللافت فيه إلى أنّه "لم يجارِ" الجمهور بالهجوم على "الحزب" بشكل مباشر، مكتفيًا بالإشارات "المبطنة"، التي يستطيع ربما "الهروب" من تفسيراتها، تمامًا كما "هرب" من أسئلة الصحافيين، بعدما كان أولها مباشرًا وصريحًا حول كون كلامه بالكامل موجَّهًا نحو "حزب الله"، دون غيره.

 

"الغضب العوني"

 منذ دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء، لمعالجة القضايا الملحّة والضرورية والتي لا تحتمل التأجيل، لكونها متصلة مباشرة بهموم الناس وشجونها، بدأت ملامح "الغضب العوني" بالبروز، قبل أن يحوّل باسيل التئام الحكومة إلى ما يشبه "المعركة الشخصية"، بناءً على حسابات خاطئة، وينام على "حرير" ثلث معطّل ظنّ أنه يملكه، رغم أنّه كان ينفي على الدوام أيّ "مونة" لديه على أيّ من الوزراء.

 

وبعدما استيقظ باسيل بعد ذلك على "صدمة"، أو ربما "صفعة" تأمين نصاب الجلسة، التي رفعت شعار "خدمة المواطنين"، بدأ "الغضب" يتّسع، لا ليقتصر على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي بات معتادًا على تلقّي "سهام" باسيل، ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لا يخفي باسيل رغبته في "الفصل" بينه وبين حليفه "حزب الله"، ولكن ليشمل الأخير بشكل رئيسي، لدرجة اعتبار بعض مسؤولي "التيار" ما قام به أقرب إلى "الخطيئة".

 

وسريعًا، ترجم الغضب "العوني" على وسائل التواصل، "حملات" مرتفعة السقف على "حزب الله"، ليخرج الجمهور عن "طوره" إلى حدّ بعيد، فيصف الحزب الذي لم يبقَ له من حليف غيره، بـ"ناكر الجميل وقليل الوفاء"، لا لشيء إلا لأنّه اختار أن يقف إلى جانب الناس، ويمرّر جلسة حكوميّة بأبعاد إنسانية لا سياسية، حتى إنّ بعض "العونيين" وصل به الأمر إلى دعوة النواب لانتخاب مرشح المعارضة ميشال معوض للرئاسة "نكاية بالحزب"!

 

"حدود" التصعيد

 على أنّ التصعيد "الافتراضي" للجمهور "العوني"، وإن كان مدروسًا، إلا أنّه لم ينعكس على "القيادة"، إن جاز التعبير، حيث اكتفى باسيل ببعض "الغمز والهمس" في مؤتمره الصحافي، من دون أيّ انتقاد مباشر وصريح للحزب، وإن كان "المقصد" واضحًا عند حديثه عن "الصادقين الذين نكثوا بالاتفاق والوعد والضمانة"، وهو ما ربطه كثيرون بما يقوله "عونيون" إنّه "وعد" تلقوه من الحزب بعدم حضور جلسات للحكومة.

 

رغم ذلك، يقول العارفون إنّ باسيل تعمّد ترك التصعيد "محدودًا ومضبوطًا"، والتلطي خلف "انفعال" جمهوره، الذي قد لا يكون "عفويًا" على الإطلاق، ولو أراد الرجل تصويره كذلك، فهو يدرك تمام الإدراك أنّ لا مصلحة لديه على الإطلاق بـ"فكّ الارتباط" مع الحزب في هذه المرحلة، خصوصًا في ضوء "الفراغ الرئاسي"، وقد أثبتت جلسة الحكومة أصلاً أنّ "تجاوزه" قد لا يكون بعيد المنال، خلافًا لكل المعادلات التي يحاول تكريسها.

 

وفي وقتٍ يشير كثيرون إلى أنّ "حزب الله" أراد توجيه أكثر من رسالة "امتعاض" لباسيل على خلفية أدائه في الفترة الأخيرة، وطريقة تعاطيه مع المرشح الرئاسي "المفضّل" للحزب وهو رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، يعتقد العارفون أنّ "الرسالة وصلت"، وأنّ على باسيل "تلقف" مضمونها وفهم أبعادها، وهو ما يتطلب بالحدّ الأدنى تغيير "التكتيكات" التي يعتمدها، خصوصًا لجهة "التحدّي والاستقواء"، وبالطبع "محاولات الفرض".

 

لا يمكن اعتبار "نعي" جمهور "التيار الوطني الحر" لتفاهم معراب، واتهام "حزب الله" بـ"الغدر والخيانة"، مجرّد "فورة عاطفية"، أو ربما "عفوية غير منضبطة"، كما يحاول البعض تصويرها، إذ إنّ القاصي والداني يدرك أنّها حملت رسائل أراد "العونيون" إيصالها إلى "الحزب". لكن الأكيد أنّ رسائل الأخير لباسيل تبقى "أكبر وقعًا"، وهي تحمل في طيّاتها، "عتب" الحزب وانزعاجه، وربما ما يفوق ذلك بكثير!