خبر

جلسة مجلس الوزراء: إستثناءٌ أم قاعدة؟

كتب نقولا ناصيف في" الاخبار": ان اجتماع حكومة ميقاتي امس بمفاجأة الساعات الاخيرة يشير الى بضع ملاحظات:
اولاها، على اهمية انتخاب رئيس للجمهورية، وهو الاستحقاق الدستوري الذي يتجاوز ما عداه وتُفترض المسارعة اليه، الا ان التئام مجلسي الوزراء والنواب لا يسعه انتظار انتخاب الرئيس كي يحصل. لأن لا فراغ في السلطات الدستورية العليا ما يقتضي تسيير الاعمال بتلك القائمة، يمسي حتمياً اجتماع السلطتين الاجرائية والاشتراعية. اما الحافز الفعلي للاجتماع وعدم انتظار ما لن يأتي قريباً، فهو العُرف الذي افتتحت سابقته عام 1988 طوال 14 شهراً، وجُرِّب مجدداً عام 2007 طوال ستة اشهر، وبلغ ذروة عام 2014 طوال سنتين ونصف سنة - حتى الامس على الاقل - بالاستغناء عن انتخاب رئيس للجمهورية، وبات العُرف هذا حدثاً عادياً متوقعاً كلما ازفّ موعده. اضف ان احداً لا يملك التكهن بمدة شغور الرئاسة الاولى، ناهيك بعدم استعجال الواسعي التأثير والنفوذ الوصول الى انتخاب خلف للرئيس ميشال عون. ليست وحدها القواعد الدستورية توجب - إن لم تلزم - اجتماع السلطتين شبه المعطلتين، بل كذلك حقائق الحياة اليومية المتدهورة للبنانيين.


ثانيها، لو لم تكن المستحقات المالية للمستشفيات لتوفير ادوية الامراض المستعصية ومعالجة الكلى، ربما لم تلتئم جلسة مجلس الوزراء البارحة. اياً كانوا المغتبطين او مقطّبي الجبين، فإن انعقاد المجلس ليس قياسياً حتمياً لما يمكن ان يتأتى في المرحلة المقبلة، ومن غير المؤكد ان انعقاده متاح مجدداً بسهولة الجلسة الاولى على اهمية ان يحصل وضرورته. الواقع ان التئام الجلسة، وان انتهت في جولة اولى الى رابح وخاسر، ليست خاتمة المطاف. ما بَانَ عشيتها وغداتها ان ميقاتي والنائب جبران باسيل تبادلا اكثر من جس نبض. اقرب ما يكونا تلاكما.

ثالثها، جدول الاعمال لاسيما بند المستشفيات هو صاحب الدعوة الى الجلسة اكثر منها العضلات السياسية. لكن الاهم في ما رامَه رئيس التيار الوطني الحر، وقد يكون أحد اسلحته في المرحلة المقبلة، ان لا جلسة جديدة لمجلس الوزراء تستثني مراجعته او تفاهم الحد الادنى معه، وفي ابسط الاحوال الحاجة الى توقيع الوزراء المختصين في حصته. الواقع ان حزب الله ليس بعيداً من هذا الحساب ابداً.

لا احد في الحكومة المستقيلة ولا خارجها توهّم، في ضوء انعقاد جلسة الاثنين، ان حزب الله تخلى عن حليفه المسيحي او اهمله او توخى الاقتصاص منه، وليس في حسابات اي فريق، مؤيد لباسل او كارهٍ له - والاخيرون هم الاوفر عدداً - ان الرجل خسر معركة مواجهته مع ميقاتي التي بدأت مذ استقالة حكومة انتخابات 2022.رابعها، دافع حزب الله عن جلسة امس على انها استثناء ليس الا، لأن ثمة ما كان يبررها صحياً واجتماعياً. لكن المعلوم اكثر ان الحزب، في هذا الوقت بالذات واكثر من اي وقت مضى، في حاجة الى حليفه المسيحي وهو يقارب انتخابات رئاسة الجمهورية ويريد الذهاب اليها بمرشح هو فرنجية يعتبره رئيس اكبر كتلة نيابية ومسيحية في البرلمان اعتى خصومه الشخصيين والسياسيين، في وقت يضاعف باسيل ويبالغ في رفض تأييده له. رغم تباعدهما هذا لم يُدرْ اي منهما للآخر ظهره او نقم عليه. يتقدّم الاستحقاق الدستوري المعلق اولوية اهتمام الحليفين الشيعي والمسيحي، وهما يخوضان من خلاله احدى اصعب المعارك السياسية بإزاء مستقبل غامض للبلاد ومصير يزداد سواداً وتشاؤماً.