عوّل كثيرون في الداخل اللبناني على لقاء القمة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن، وقد وصل الأمر ببعض المتابعين اللبنانيين الى طرح الملف اللبناني كأحد ملفات التلاقي بين الرئيسين، إلا أن التوقعات لم تكن على قدر الآمال. إذ ان العنوان الكبير لزيارة ماكرون واشنطن، هو محاولة رفع صوت فرنسا خصوصاً وأوروبا عموماً في وجه القرار الأميركي بدعم اقتصاد الولايات المتحدة بمبلغ 350 مليار دولار في مواجهة التضخم، ما يشكّل عائقاً أمام الاستثمارات الأوروبية ويؤدي الى تداعيات سلبية على الاقتصاد الأوروبي.
ورغم العلاقات الفرنسية – الأميركية التاريخية والحفاوة التي حظي بها ماكرون التي حاولت صرف النظر عن النقاط الخلافية المتعددة، إلا ان الطرفين يجتمعان على نقاط توافق عدة لاسيما في ما يخص التحديات أمام التغير المناخي والتعاون العسكري والأمني والتعاون في مجال الفضاء والموقف الداعم لأوكرانيا في الحرب التي تشنّها روسيا، واقتصر التوافق في الملفين العسكري والفضائي على توقيع مذكرات تفاهم بين الجانبين. وبينما أخذ الموقف الداعم لأوكرانيا الحيّز الأكبر من النقاشات الدولية، وفي حين تمّ التركيز على عمق العلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين في عشاء الدولة الفاخر الذي نظمّه بايدن على شرف ضيفه أو في جولة ماكرون الميدانية والراقصة على أنغام الجاز في مدينة نيو أورليانز، لم يحظ الملف اللبناني بأي تغطية إعلامية ولم يتطرق له أي من الرئيسين في إطلالتهما الإعلامية خلال أيام الزيارة الثلاثة (ما عدا البيان المشترك، بعد وصول ماكرون واجتماعه ببايدن، الذي تحدث على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ الإصلاحات والترحيب بالاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، ضمن إطار العموميات).
لكن مصادر لبنانية متابعة رافقت محطة الزيارة في واشنطن تقول إن التوافق قائم بين الطرفين، وإن الولايات المتحدة الأميركية تعوّل على دور فرنسي مسهّل لحلحلة الأزمة في لبنان بناء على رغبة فرنسية واضحة للعب دور في هذا المجال.
وتنقل مصادر أميركية ان الدور الإيجابي الذي لعبته شركة توتال في مسألة تحديد الحدود البحرية قد لا يقتصر على رغبة فرنسية بلعب دور اقتصادي بل يتعدّاه الى دور سياسي يحتاج الى تنسيق أميركي – فرنسي اكبر.
في الخلاصة، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تعوّل على فرنسا كشريك في الملف اللبناني، لكن في نظرها لم يحن وقت الحل بعد، ولم تأخذ قرارها النهائي في شأن منح فرنسا دوراً أكبر في ما خصّ الملف السياسي في لبنان، وهو ما لا ينذر بحلول قريبة للأزمة السياسية التي يتخبّط بها لبنان، والتي باتت تشهد حرائق متتالية تطال أسماء طامحة الى منصب الفخامة