كتب جورج شاهين في "الجمهورية": على رغم من مجموعة الاستشارات والفتاوى القانونية والدستورية التي قالت ان الدستور لم يحدد صفة الحكومة عند تكليفها مهمات الرئيس المفقود، سواء كانت مستقيلة او بكل مواصفاتها الدستورية، فإنّ في إمكانها ممارسة هذه الصلاحيات بالحد الادنى أيّاً كانت الظروف المحيطة بها. وفي رأي هؤلاء ان الدستور يأبى الحديث عن فراغ في أي من المواقع الدستورية، خصوصاً عندما يتصل الأمر برأس السلطة التنفيذية التي باتت تتشكّل من رئيس الجمهورية متى وجد، ومن الحكومة في الحالتين منذ ان أقرّ الدستور الجديد استناداً الى إصلاحات وثيقة الطائف.
وامام هاتين النظريتين لم يتوافر من يحسم الجدل بوجهَيه السياسي من جهة والقانوني والدستوري من جهة ثانية، ولم تستقر الأمور بعد على رغم من انّ توصية المجلس النيابي التي صدرت بعد مناقشة رسالة رئيس الجمهورية الاخيرة قبل ساعات قليلة على نهاية ولايته كانت كفيلة بأن تسمح لميقاتي بجَمع الحكومة على ان يكون وزيراً متقدماً على اعضائها بإدارة الجلسة ووضع جدول اعمالها لا اكثر ولا اقل. وعليه، فإنّ الظروف المتحكمة بالبلد والانقسام الحاصل حول هذه النقطة من ضمن مجموعة نقاط خلافية اخرى. لذلك، فإنّ اي محاولة يقوم بها ميقاتي لدعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع يمكن ان تواجَه بمقاطعة وزارية.
وإن بقي "التيار الوطني الحر" ومَن يناصره في اعتبار إصدار رئيس الجمهورية مرسوم قبول استقالة الحكومة كامل المفاعيل الدستورية والقانونية من دون ان يقترن بمرسوم آخر يسمّي الرئيس الجديد للحكومة ولا مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة يمكن ان تواكبها حملة سياسية قد تتسبّب بـ"خَضّة عابرة". وهو امر قد لا يمر مرور الكرام كما يشتهيه التيار وحلفائه ان وجدوا. فكل الاستشارات القانونية باتت جاهزة لتبرير الدعوة الى هذه الجلسة وربما هناك المزيد من الأسباب الموجبة التي تدفعه الى مثل هذه الخطوة مدعوماً من عدد من الكتل النيابية الاخرى.
وعلى هذه القاعدة سيتجدد النقاش الدستوري فور توجيه الدعوة الى الجلسة وربما يسبقها وفي توقيت يَتلاقى متى ثبت التوجّه النهائي لميقاتي كما تُجاهر به أوساطه والمحيطين بالكتل النيابية والوزراء المؤيدين له من تلك التي تشكّل مكونات الحكومة الحالية. فهم جميعاً سيكونون في المرصاد لأي موقف يُناهض الدعوة الى الجلسة من دون احتساب النتائج المترتبة على مثل هذه المواجهة.
ففي مقابل من يحذّر من الخطوة، واستعداد آخرين لمناصرتها، سيفتح باب النقاش حول الجهة التي ستنتصر في المواجهة المقبلة. فإلى التشكيك بوجود عدد كاف من الوزراء يقترب من ثلث أعضاء الحكومة الى جانب من يرفض عقد الجلسة، فإنّ اكثرية الثلثين موجودة ومتوافرة الى جانبها وإن فتحت "أبواب جهنم" مجدداً فإنّ بوادر إقفالها سريعاً امر ممكن ولا يحتاج الى كثير من العناء لإثباته. فمعظم القوى التي كانت تساند رئيس "التيار الوطني الحر" قد تراجعت عن مواقفها في ظل مواقفه الاخيرة من الاستحقاق الرئاسي وقد يُناصره عدد قليل من وزرائه ومعهم وزير الدولة لشؤون المهجرين، ولن يحول ذلك دون انعقاد الجلسة بنصاب قانوني للبت بأمور حياتية وطبية وانمائية لا بد منها. ذلك انّ الاخطر اذا وصلت الحكومة الى استحقاق يتصل بوضع قادة الاجهزة الأمنية والعسكرية وحاكمية مصرف لبنان فعندها قد يكون كلام من طعم ولون آخر. ولعل ما يقوم به البعض يُفضي الى انتخاب رئيس قبل بلوغ أي من هذه الاستحقاقات الداهمة ليكون في ذلك خير للبلد، ونقطة على السطر.