تعاملت إسرائيل مع موضوع ترسيم الحدود مع لبنان وفق نظرية ماو تسي تونغ " قفزة إلى الوراء قفزات إلى الأمام"، لكن بصورة معاكسة تماما.استعجلت استخراج الغاز من حقل كاريش والاستفادة من هلع أوروبا جراء حرمانها الغاز الروسي فإكتشفت بأنها لن تجني الثمار وحدها.
لعلها ارهاصات حرب أوكرانيا، حيث تحاول الولايات المتحدة الاميركية استغلال الظرف وإضعاف روسيا التي تنافسها على الساحة الدولية .هي ردة رجل على التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية، اختلفت الحسابات لكن بقيت الرهانات واحدة حيال النفوذ الدولي بين القطبين ، خصوصا بعدما ايقن الرئيس الروسي استحالة تقدم روسيا مستقبليا من دون ان تشغل الساحة العالمية، كما في عصر الإمبراطورية السوفييتية.
في معرض الحديث عن الترسيم الحدودي يستذكر احد المواكبين للحقبة التاريخية الماضية ، التوازنات الدقيقة التي كانت سائدة بين القطبين الأميركي والسوفييتي حيال قضايا أمن إسرائيل، رغم التفاوت في دعم إسرائيل وضمان تفوقها أو التضامن مع الجانب العربي ، في سبيل الاستدلال على نفي قيام صراع روسي-أميركي مباشر فوق رقعة الشرق الأوسط.
لكن المعضلة الأساسية، تكمن بالموقف الاسرائيلي حيال منطق الترسيم البحري او البري مع لبنان، فالقضية، وفق خبير استراتيجي، تتجاوز الاتفاق على وضع المنصات، بقدر قدرة الدماغ الاسرائيلي على تحمل الرضوخ إلى شروط بعد عهود من الغطرسة والعجرفة، خصوصا في ظل تربص بنيامين نتنياهو واليمين الاسرائيلي انتخابيا، وسط حالة تأزم وتخبط غير مسبوقة في المجتمع الاسرائلي .
المصلحة الأميركية في التنقيب سريعا ، تتعارض مع الرغبة الاسرائيلية باستنزاف الوقت لتمرير الانتخابات الداخلية من دون ضجيج الخارج، فضلا عن كون الاسرائيلي يقاوم فكرة الترسيم البحري، كي لا تكون على شكل اذعان لشروط وتهديدات امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، لذلك يتم السعي تجنب الكأس المر مرحليا، و هذا ينعكس إرباكا واضحا من الصعب تجاوزه من دون موقف اسرائيلي حاسم على غرار الانسحاب من لبنان في أيار العام 2000.