خبر

حروب الحسابات الصغيرة وحرب الحساب الكبير

كتب رفيق خوري في "نداء الوطن": لا أحد يعرف ما الذي تستطيع أميركا فعله لإنقاذ الترسيم ومعه حاجات لبنان الملحة وحكومة يائير لبيد وغاز "كاريش" وشتاء أوروبا. فالعوامل التي دفعت الى الترسيم أقوى من الحسابات التي أدت الى تعثره على طاولة الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل، حيث يدير المعركة الإنتخابية الشرسة أبو يائير، أي نتنياهو، ضد يائير. لكن الكل يعرف أن توظيف الأزمات هو الرياضة الوطنية لدى التركيبة السياسية في لبنان.

ما تتميز به التركيبة السياسية، ولا سيما في العهد الحالي الذي اقترب من النهاية، هو الشطارة في التعطيل ونصب الحواجز. فلا شيء يكتمل سوى الأزمات والإنهيارات. ولا وصول الى نهاية الطريق كان مفتوحاً في بدايته. لا في تأليف حكومة. لا في إنتخاب رئيس للجمهورية. لا في الإصلاحات. لا في الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي هو مفتاح الأبواب المغلقة. لا في التحقيق في أكبر تفجير غير نووي ضرب مرفأ بيروت. لا في إيجاد حل قانوني لحصول المودعين على أموالهم من المصارف. ولا في ترسيم الحدود البحرية، ولو بتأخير عشر سنين عما كان يجب حصوله. وما يتحكم بنا في كل ذلك هو حروب الحسابات الصغيرة. حروب المناصب في دولة تنهار سياسياً ومالياً وإقتصادياً. حروب الأشخاص المتدافعين لضمان مستقبلهم في بلد يواجه أزمة وجود في أخطر تحديات مصيرية. حتى حرب الحساب الكبير المرتبطة بمشروع "محور المقاومة" والتي كان التهديد بها قبل إتفاق الترسيم وسيعود بعد تعثره فإنها لا تلغي حروب الحسابات الصغيرة، ولا تحمي لبنان من كارثة التدمير، ولو ألحقت الأذى بالعدو.والواقع أنه لا شعب يتفوق على اللبنانيين في الرهانات على القوى والتطورات الخارجية. لكن المفارقة هي أننا نقرأ بعواطفنا في رياح المتغيرات، بحيث يضربنا ما نراهن عليه. و"الفهلوة" صارت مؤذية جداً في "عصر اللايقين" حسب عنوان العدد المئوي من "فورين أفيرز".تقول الدكتورة آن ماري سلوتر التي عملت سابقاً مديرة التخطيط السياسي في الخارجية الأميركية: "نعيش في عالم مشاكله كونية وحلوله محلية". لكن مأساة لبنان أن مشاكله محلية وحلوله إقليمية ودولية.