ما يريده عون، وهو يستعدّ للخروج من بعبدا ليلة 31 تشرين الأول هو أن تكون له فرصة «تمديد» ولايته الحالية، أي أن يكون العهد المقبل استمراراً طبيعياً للعهد الحالي، من خلال النائب جبران باسيل. فما تعذَّر تحقيقه في 6 أعوام، يصبح مضموناً تحقيقه في 12 عاماً، خصوصاً أنّ التسويات التي كان منتظراً تحقيقها في العهد الحالي تأخّرت إلى العهد المقبل.
لا يريد الرئيس عون أن تكون العلامة الفارقة لعهده هي الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي والإداري والفوضى الدستورية والسياسية. وهو يعرف أنّ الانهيار مسيَّس أساساً، وناتج من ضغوط دولية وإقليمية، وهو سيزول فوراً إذا زالت هذه الضغوط، ويعود البلد تلقائياً إلى وضعية التوازن.
في عبارة أخرى، إنّ فساد النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي جهّز الأرضية للانهيار الكبير، لكن القوى الدولية والإقليمية بقيت تدعم هذا الفساد لعقود عدّة ولم تحرّك ساكناً، ثم اختارت لحظة معينة للدفع عمداً نحو إحداث الانهيار.والهدف من هذه الخطة هو إضعاف لبنان في لحظة الخيارات الإقليمية الكبرى، بحيث يفقد قدراته ويكون ضعيفاً مطواعاً في المفاوضات الجارية أو المحتملة. وعندما يتمّ إنجاز هذه التسويات، ويكون لبنان قد أصبح جزءاً منها، تنتفي حاجة القوى الخارجية إلى الضغوط، ويبدأ الخروج تدريجاً من واقع الانهيار.
القريبون من تفكير الرئيس يقولون: من سوء الأقدار أن يبدأ عهد عون، في خريف 2016، تزامناً مع انطلاق عهد الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة. فقد تأجَّج الصراع مع إيران منذ تلك اللحظة، وارتفع منسوب الضغوط في لبنان حتى وقع انهيار تشرين الأول 2019. وهذا يعني أنّ عون عاش مرة أخرى واقع التناقض بينه وبين القوى الدولية، تماماً كما عاشه في عامي 1989 و1990.
ولذلك، في خروجه الثاني من بعبدا، يبدو عون في مناخ قريب من مناخ خروجه الأول قبل 32 عاماً. ففي الحالين، هو الرئيس القوي الذي «يقاتل العالم».وعلى الأرجح، هو اليوم يطالب بفرصة جديدة في بعبدا، عبر باسيل، لعل الثالثة ثابتة. و»حزب الله» لن يتخلّى عنه لأنّه لا يترك حلفاءه عادةً، وهم كثر. لذلك، هو سيحدّد خياراته بكثير من التأني.