خبر

الترسيم البحري اللبناني- الإسرائيلي: هل تقلل الضغوط من التفاؤل بانجاح الاتفاق

تراجع وهج التفاؤل الذي ساد مطلع الأسبوع بشأن اقتراب كل من لبنان وإسرائيل من الموافقة على مسودة اتفاق، بوساطة أميركية، لترسيم الحدود البحرية على حقول الغاز المتنازع عليها في البحر المتوسط، بعد انتقادات محلية.

 

وبحسب موقع "ميدل ايست أي" البريطاني، "أفادت الأنباء أن الحكومة اللبنانية لن توافق على عقد حفل توقيع رسمي لأي صفقة، وإذا كان هناك اتفاق، فسيتم تسليمه إلى ممثل الأمم المتحدة بحضور المبعوث الأميركي آموس هوكشتين داخل غرفة في ظل غياب لأي ممثل عن إسرائيل، وبعد توقيع الجانب الإسرائيلي عليها، تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ على الفور. في غضون ذلك، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، الذي يخوض حملة انتخابية شرسة، رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد بالتوقيع على الموارد الطبيعية للبلاد لصالح لبنان وحزب الله. وفي سلسلة تغريدات يوم الإثنين والتي تهدف إلى تأطير لابيد باعتباره ضعيفًا على صعيد الأمن القومي، كتب حزب الليكود، والذي يتزعمه نتنياهو، أن رئيس الوزراء "يسلم احتياطيًا ضخمًا من الغاز الإسرائيلي إلى حزب الله، وهو أمر لم يوافق عليه نتنياهو أبدًا".

 

وتابع الموقع، "لقد أصبح جلياً بالفعل مضمون الصفقة النهائية. سوف يرتكز الاقتراح الأميركي على الخط 23 الواقع شمال الخط الأقصى التي طرحه اللبنانيون قبل بضع سنوات. يقع حقل غاز كاريش جنوب غرب الخط، مما يعني أنه سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. أما الحقل الشمالي الشرقي، قانا، فسيذهب إلى اللبنانيين، مع تنازل إسرائيل عن مطالبتها به. في المقابل، تعمل إسرائيل على صيغة مع شركة الطاقة الفرنسية توتال للحصول على قسم من أي إيرادات مستقبلية يدرها حقل قانا المحتمل. إن الرقم النهائي لهذا القسم من الإيرادات قد يساهم إما في إبرام الصفقة أو التراجع عنها على جانبي الحدود. قال مارك أيوب، خبير الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، "لن تكون هناك عائدات مشتركة لقانا بين لبنان وإسرائيل، لكن هناك شيء متفق عليه ويتم مناقشته بين إسرائيل وتوتال بشكل منفصل، وذلك من أرباح الشركة. قال أيوب، هذا ما يشاع حالياً، بالنظر إلى عدم نشر صفقة نهائية. ومن المرجح أن تكون هذه الصيغة خطاً أحمر هاماً للبنان الذي يريد تجنب التطبيع مع إسرائيل. وأضاف أيوب: "لذلك، لا يوجد اتفاق لتقاسم الإنتاج بين اللبنانيين والإسرائيليين في المستقبل". بالنسبة إلى السياسيين اللبنانيين، كان إبرام الصفقة مع الحفاظ على خطوطهم الحمراء يمثل عملية توازن أكثر صعوبة، بالنظر إلى أن الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد يشير إلى أن ضعف موقف لبنان على طاولة المفاوضات. وقال أيوب إن "السياسيين اللبنانيين يضغطون من أجل هذه الصفقة لتجنب تداعيات الأزمة الاقتصادية ومحاولة الحصول على بعض الأموال بناءً على الآفاق المحتملة للغاز". وأضاف "بالنسبة للخبراء وغالبية الجمهور، فإن ما يوقعه لبنان هو بالفعل دون حقوقنا لأن حق لبنان حسب القوانين البحرية هو الخط 29"، في إشارة إلى حقل كاريش الذي رفضت إسرائيل مناقشته في إطار المفاوضات".

 

وأضاف الموقع، "ومع ذلك، إذا تم التوقيع على صفقة بحرية، فقد تكون علامة فارقة في العلاقة بين إسرائيل ولبنان وفقًا لبعض الخبراء، لا سيما في المساعدة على تخفيف التوترات والسماح للطرفين، ولا سيما لبنان الذي يعاني من ضائقة مالية، بالاستفادة من اكتشافات الغاز المحتملة. إن مسودة الاتفاق الحالية، المكونة من 10 صفحات فقط، قيد الإعداد منذ سنوات، لكنها توقفت في عام 2020 بسبب مطالب لبنانية بشأن جزء غير متنازع عليه من مياه إسرائيل. لكن خطاب نتنياهو السام هو الذي يمكن أن يفسد الصفقة من الجانب الإسرائيلي. قال البروفيسور يوسي ميكلبرغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة روهامبتون وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس، إن "نتنياهو بطريقته اللامسؤولة تماما تحدث عن فسخ الاتفاق بعد الانتخابات في حال فوزه". وأضاف ميكلبرغ في تصريحات للموقع: "إذا احتاج أي شخص إلى سبب آخر، لست بحاجة إليه شخصيًا، لدفعه لعدم التصويت له، فهذا هو السبب". ويبدو أن حزب الله يتخلى عن معارضته الشديدة السابقة لأي صفقة، ووصف التطورات الأخيرة حول الاقتراح الأميركي بأنها "خطوة مهمة للغاية".

 

وبحسب الموقع، "يعتقد ميكلبرغ أن المواطنين على الجانبين بحاجة إلى المضي قدمًا وتجاهل المحرضين مثل نتنياهو والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذين سعوا في كثير من الأحيان لدفع "مصالحهم الضيقة وليس مصالح بلدانهم". لقد خاطر لابيد بالمضي قدماً بهذه الصفقة خلال سباق انتخابي محكم. بالإضافة إلى ذلك، حث وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس نتنياهو على الامتناع عن التعليقات التي "تعرض الصفقة للخطر". لكن تبقى حتى الآن من دون جدوى. وقال ميكلبرغ: "لا يوجد شيء يستحق عدم التوقيع على الاتفاقية أو تغييرها أو تنفيذ خطة عمل شاملة مشتركة".، في الإشارة إلى تخلي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن اتفاق نووي دولي مع إيران في عام 2018. وحذر ميكلبرغ من أن أي محاولة من جانب إدارة نتنياهو لإفشال الصفقة إذا عاد إلى السلطة ستكون لها عواقب وخيمة. وقال إن "الضامن لهذا الاتفاق هو الولايات المتحدة مما يعني مواجهة مباشرة ليس فقط مع لبنان بل مع الولايات المتحدة، من أجل ماذا؟" هناك اعتبارات جيوسياسية أخرى أيضًا. مع انهيار الاقتصاد اللبناني، يمكن أن تساعد احتمالية إبرام صفقة البلاد على أن تصبح مُصدرة للغاز الطبيعي وتحسن اقتصادها. قد لا ترغب إسرائيل في رؤية لبنان قويًا، لكنها لا تريد أيضًا أن ترى البلاد تتأرجح على حافة الانهيار التام، الأمر الذي قد يخلق بيئة ينعدم فيها القانون، وتدفقات محتملة للاجئين، وتقويض المزيد من الاستثمار الدولي في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط".

 

وتابع الموقع، "في إسرائيل، تم تأطير الكثير من النقاش حول الصفقة البحرية على أنها تخلي الدولة عن أراضيها. قال إيلاي ريتيغ، أستاذ سياسة الطاقة والأمن القومي في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، إن مثل هذه الآراء تنبع بشكل أساسي من عدم فهم الفارق بين المياه الاقتصادية والمياه الإقليمية. ففي حين تمنح المياه الإقليمية السيادة على المياه المجاورة لدولة ما، فإن المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ)، وهو ما تتم مناقشته بين لبنان وإسرائيل ، تمنح حقًا سياديًا في حقوق الدولة الساحلية تحت سطح البحر. فهناك 860 كيلومترًا مربعًا من المياه على المحك بين الجانبين، كما ومطالبات متداخلة بشأن حقل قانا للغاز، والتي يمر ثلثها تقريبًا بما تعتبره إسرائيل المنطقة الاقتصادية الخالصة. وقالت أورنا مزراحي، باحثة أولى في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) في إسرائيل، في حديث للموقع، إنه "إن لم يكن هناك اتفاق، فلن يحصل أي طرف على أي شيء". وأضافت: "الآن، وفي حال ابرام اتفاق، فهذا يؤكد أن مخاوف إسرائيل الأمنية قد تمت تلبيتها. فإذا قام حزب الله بأي خطوة من شأنها أن تلحق الضرر بالجانب الإسرائيلي، فسوف ينتهي به الأمر بإلحاق الضرر أيضاً بالجانب اللبناني". وفي ملاحظة أكثر تفاؤلاً، قالت مايراف زونسزين، كبيرة المحللين في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، إن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ولبنان يمكن أن يعيد بعض العقلانية بين مختلف الجهات الفاعلة في المنطقة. وقالت في حديث للموقع: "إن الصفقة القائمة على التفاوض والتسوية تشكل سابقة بناءة بأن القضايا يمكن تسويتها من خلال الدبلوماسية وليس من خلال العنف".