خبر

مسعى لتسمية شخصيّة جديدة لرئاسة الحكومة

جاء في “المركزية”:

برزت في الساعات القليلة الماضية مؤشرات عدة توحي بأن الخلاف الذي كان قائما قبل محطة الانتخابات النيابية في 15 أيار الماضي ما زال قائماً بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حول الكثير من القضايا ويمكن أن تمتد مفاعيله لتطال عملية تسميته مجدداً لتشكيل الحكومة قبيل الدعوة المتوقعة للاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها عون في وقت قريب.

على هذه الخلفيات، قرأت مصادر سياسية ونيابية مطلعة عبر “المركزية”، ما انتهى إليه اللقاء الذي جمع عون وميقاتي امس في القصر الجمهوري في بعبدا من دون ان يليه اي تصريح او موقف لميقاتي لتبقى النتائج رهن مجموعة من التسريبات التي تلته التي قادت الى مواجهة بينهما بطريقة غير مباشرة عبر المصادر التي تناولت اللقاء والرد الذي تلاه من قبل ميقاتي.

وفي المعلومات المستقاة من مراجع معنية، شهد اللقاء عرضا شاملا لمختلف المحطات التي رافقت ولاية الحكومة السابقة التي امتدت مهمتها منذ العاشر من ايلول العام الماضي وحتى دخولها مدار تصريف الأعمال في الثاني والعشرين من ايار الماضي تاريخ بدء ولاية المجلس النيابي الجديد وما شهدته العلاقات بينهما من مد وجزر. ولذلك فقد التقيا عند تقويم المرحلة وتشريح الأسباب التي أدت الى تنفيذ القليل من المشاريع التي كانت مطروحة والفشل في مواجهة العديد منها. فالى الإنجاز الذي تمثل بإجراء الانتخابات النيابية بمراحلها الثلاثة لا يبدو انها انجزت شيئاً مما يطالب به اللبنانيون الذين يئنون تحت وطاة الازمات المعيشية بمختلف وجوهها.

ولذلك، فقد اختلفا حول اسباب تعمق معاناة اللبنانيين على اكثر من صعيد وفقدان الخدمات العامة الى درجة كبيرة. فلم تنجح الحكومة ومعها المجلس النيابي شريكها الطبيعي، في مواجهة العديد من الملفات الكبرى. كما في تلبية ما طالب به المجتمع الدولي ان على مستوى مقتضيات الاتفاق الذي ابرم على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي او في ملف استجرار الغاز المصري و الكهرباء الاردنية مع البنك الدولي وزيادة ساعات التغذية الكهربائية كما على مستوى مواجهة الإحتكار وغلاء الأسعار وسياسة الدعم التي أدت الى ضياع مليارات عدة من الاحتياطي الالزامي مصرف لبنان.

وانطلاقا مما تقدم، وفيما غابت المعلومات الرسمية عن اللقاء ترك المجال واسعا للتسريبات التي اعقبته بطريقة ادت الى سجال غير مباشر عبرت عنه مصادر الطرفين. فقد قالت مصادر بعبدا ان اللقاء لم يكن ايجابيا عند تبادل وجهات النظر بينهما من بعض الملفات الشائكة التي تعقدت ولم تحل. وهي لذلك لم تكن متطابقة لا في قراءة المرحلة السابقة ولا في الوقت الحالي سواء على مستوى مواجهة الإستحقاقات التي عبرت ولا تلك المنتظرة في فترة تصريف الأعمال فلكل منهما وجهة نظر في ما آلت اليه الامور. فالمواجهات السابقة حول ملفات الطاقة التي ظهرت إلى سطح الأحداث بطريقة دراماتيكية ما زالت قائمة وقد ترجمتها منذ فترة سبقت لقاء الأمس الحملات المتبادلة بين رئيس الحكومة ووزير الطاقة وليد فياض بالإنابة عن قصر بعبدا وميرنا الشالوحي كما تصر أوساط ميقاتي ومصادره.

والى هذا الملف الذي انعكست سلبياته على حياة اللبنانيين واضح انهما لم يتفقا يوما على ملف التعيينات الادارية ولا القضائية ولا المالية وملفات اخرى لا مجال لذكرها. وان التقيا على بعض الملفات فقد وجد من يعطلها كمثل الاتفاق على ما يعني السلطة القضائية وخطة التعافي التي نسفها “الثنائي الشيعي” بطريقة واضحة لا تقبل اي شك على الرغم من توافق هذا الثنائي مع ميقاتي في العديد من القضايا الاخرى المطروحة.

والى هذه المعطيات، فقد كشفت مصادر مطلعة ان ميقاتي فهم بطريقة من الطرق ان رئيس الجمهورية لا يرغب بعودته الى السرايا وان هناك مسعى لتكليف شخصية جديدة لإدارة المرحلة الفاصلة عن نهاية العهد وما يتصل تحديدا بالإستحقاق الرئاسي إن أنجز في موعده. وفي اعتقاد أصحاب هذه النظرية التي تسربت من محيط عون، ان النصاب القانوني الذي ناله نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في انتخابات نيابة الرئاسة في المجلس النيابي قد تكون نواة “صلبة ومتينة” عند احتساب الأكثرية التي يمكن ضمانها في تسمية رئيس جديد لتشكيل الحكومة وإبعاد ميقاتي عن السرايا.

والى هذا المعطى، فان عون ينظر الى الحكومة العتيدة ودورها من باب توليها مرحلة الشغور الرئاسي إن وقع. وهو أمر يحتسب له ألف حساب، فالمعادلات الخارجية والداخلية يمكن ان تعيق اي تفاهم على هوية وشخصية الرئيس الجديد للجمهورية وقد يكون لكل منهما رأي في المواصفات المطلوبة. ولا يقتصر الخلاف عليهما لينسحب الامر على مجموعة القوى الاخرى المؤثرة فيه.

وتترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية بكثير من القلق حول الأداء المحتمل لميقاتي في مرحلة تصريف الاعمال وكيف يراها رئيس الجمهورية وخصوصا إن تداخلت الخلافات لتعم مختلف القوى المشاركة فيها. فنظرية “المصلحة العامة” مطاطة الى درجة قد يقع فيها الخلاف كبيرا حول مقاربة بعض الملفات ليس على مستوى العلاقة بين السرايا وبعبدا فحسب، فللمجلس النيابي الجديد دورا كبيرا بعد ان أتم هيكليته الداخلية وبات يتمتع بكامل المواصفات الدستورية التي لا تتمتع بها حكومة تصريف الاعمال.

وإن وصلنا الى مرحلة الشغور الرئاسي، يختلف الوضع كثيرا وهو ما يزرع المزيد من المخاوف حول انعكاسات ما يجري على حياة اللبنانيين ومصير الدولة المفككة ومؤسساتها المشلولة العاجزة عن تقديم خدماتها الى مواطنيها والمقيمين على ارضها هذا ان لم تتجاوز مخاطرها الى الكيان اللبناني ان وقع الخلاف الكبير حول القضايا الكبرى.