العـيـــن علــى القصر الجمهوري، ودعوته المنتظرة للاستشارات النيابية الملزمة لاختيار من يكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، تمهيدا للدخول في معمعة التأليف المشبوكة بالحصص والأحجام.
وعين القصر على جلسة الثلاثاء لمجلس النواب، حيث سيجري انتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية، ومن ثم إبلاغ بعبدا، التركيبة النهائية «للمطبخ التشريعي» ليصار بعدئذ الى تنظيم جدول الاستشارات النيابية الملزمة.
أسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مازالت في الطليعة، خصوصا بعد ان قدم «أوراق اعتماده» مجددا في الإطلالة الإعلامية الأخيرة له، والتي وضع خلالها الكثير من النقاط فوق الكثير من الحروف، خصوصا فيما يتناول علاقته برئيس الجمهورية ميشال عون، وبوريثه السياسي جبران باسيل، وطليعية أسهم ميقاتي، تتناول «التكيف» و«التعويم» إذا ما تعذر التأليف، في ظل التوازنات المتحركة داخل البرلمان الجديد.
وثمة طرح آخر قيد التداول السياسي الآن، تحت عنوان تسريع العملية الحكومية، ويقع ضمن أفق «التعويم» انما عبر آلية جديدة، وتقول صحيفة «الجمهورية» ان جهات سياسية مشاركة في حكومة تصريف الأعمال، اقترحت إعادة تسمية الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، على ان يقدم لها أسماء وزراء حكومته الحالية، فتصدر كمراسيم التأليف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، حيث تكون الثقة بها مضمونة بأكثرية تزيد على الـ 65 نائبا، الذين هم في جعبة ثلاثي حزب الله وأمل والتيار الحر.
ويقع في هذه الخانة، اقتراح آخر يقضي بـ «تفعيل» حكومة تصريف الأعمال، تحت عنوان «مصلحة الدولة» بالتوازي مع الاستشارات، تحسبا لعراقيل التأليف بعد التكليف، خاصة ان الحكومة ستكون «فصلية» أي لـ 3 أشهر، بحسب الفترة المتبقية من عمر ولاية الرئيس ميشال عون.
وضمن السيناريوهات الحكومية المعتمدة على «حواضر» بيت حكومة تصريف الاعمال، ان يكون رئيس هذه الحكومة نجيب ميقاتي ونائبه سعادة الشامي، الركيزتين الأساسيتين فيها، بتوصية فرنسية – دولية تبعا لخبرتهما في التعاطي مع صندوق النقد الدولي.
وبمناسبة الحديث عن صندوق النقد الدولي، بدا لافتا طرح أسماء لخبراء لبنانيين عاملين مع هذا الصندوق ليتولوا رئاسة الحكومة، على أمل ان يصبح «شغل المعلم لروحه..» ومن هؤلاء د.عمار البساط الذي طرح اسمه الرئيس ميقاتي شخصيا، الى جانب أسماء أخرى، ومنهم د. صالح منير النصولي، الذي أشارت إليه «الأنباء» في عدد أمس، والذي قدم من الولايات المتحدة الأميركية منذ أسبوع، وأجرى سلسلة لقاءات بعيدة عن الأضواء، شملت الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الحر النائب جبران باسيل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، كما تواصل هاتفيا مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وزار مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ويفترض ان يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ان يغادر عائدا الى الولايات المتحدة اليوم الجمعة.
وتقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان اتصالات النصولي، وهو ابن عائلة بيروتية عريقة، اصطدمت كما يبدو بـ«الفيتو» الذي حال دون تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة السابقة، علما ان رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب نفى في تصريح له أمس، ان يكون حزب الله، هو من حال دون د.نواف سلام والسراي الكبير.
وتشير المصادر إلى ان مصدر «الفيتو» على النصولي هو عينه، أي حزب الله، على الرغم من المعطيات التي تظهر دور جبران باسيل في الدفع بالنصولي في هذا الاتجاه، عبر ديبلوماسي لبناني في واشنطن محسوب على رئيس التيار، وتوضح المصادر ان هذا الفيتو لا يشمل الموقع الوزاري، بمعنى انه سيكون بالإمكان الاستفادة من خبرات الرجل، في الصندوق الدولي، في حين تم وضع فيتو ثلاثي على توزير أي من النواب 13 التغييريين والسياديين، فضلا عن أصحاب الأوراق البيضاء او المموهة، ما يعني وكأن المطلوب حكومة من لون واحد.
بدوره، وضع رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع فيتو مقابل، بإعلانه عن رفض القوات أي شخص متحالف مع حزب الله لمنصب رئيس الحكومة وسنقاطع الحكومة التوافقية إذا تشكلت، ويشمل فيتو جعجع أي شخص متحالف مع حزب الله لرئاسة الجمهورية أيضا، وهو أبلغ «رويترز» ان المواجهة القائمة هي بين مشروعين وليس بين حزبين، مشروع حزب الله ومشروع بناء الدولة، ولا فيتو لدينا على احد، إلا من يدعمهم حزب الله، او من ثبت تورطهم بالفساد.
وفي هذا السياق، تقول صحيفة «الديار» البيروتية ان عملية «جس نبض» طالت رئيس اتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية الخليجية سمير الخطيب والسفير في ألمانيا مصطفى أديب، على صعيد التكليف بتشكيل الحكومة، في وقت دعا فيه جبران باسيل أهل السنة إلى الاجتماع وتقديم من يتفقون عليه لرئاسة الحكومة.
وفي رد غير مباشر على هذه الدعوة، أبلغ المفتي دريان نوابا زاروه امس ان تسمية الرؤساء والوزراء شأن مجلس الوزراء وان دار الفتوى تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تسمي او تختار، وما يهمها الإسراع في تشكيل الحكومة.
وكان باسيل أبلغ مقربين منه، انه لن يسمي ميقاتي لرئاسة الحكومة، لأنه لم يتعامل معه طيلة توليه هذا المنصب، وهذا ربما يشفع لميقاتي، أمام قوى المعارضة.. ان لجهة إعادة تسميته كمكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، او في حال استقر الرأي على إعادة تعويم حكومته إياها، بعدما حددت القوى الدولية والإقليمية مواصفاتها لرئيس الحكومة العتيدة، وبالتالي: يكون اكثر قابلية ومحاكاة للمرحلة من ميقاتي، او يبقى الميقاتي عينه.
وبالتزامن، أكدت مصادر فرنسية للنهار «البيروتية» أنه لا زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت في 19 يونيو، وان باريس مستمرة في التعبئة من أجل دفع المسؤولين اللبنانيين الى القيام بالإصلاحات الملحة.