خبر

لماذا توريط الفاتيكان في تبنّي خيارات “الحزب”؟

جاء في “المركزية”:

يبدو أنّ انكشِاف العطب الهائل في المسار الذي اتّخذه حزب الله وحلفاؤه في الإبقاء على استقطاب وجدان نُخَبٍ من كلّ الطّوائف والاتجاهات، ولكن خصوصاً المسيحيّة منها، والذي بُنِيَ على مُعادلة “حلف الأقليّات” و”استدعاء الحمايات”، وترسيخ مفهوم “المسيحيّة المشرقيّة”، آيلٌ إلى تصدّعٍ حتميّ خصوصاً مع تركيز الديبلوماسيّة الفاتيكانيّة جهودها في العالم العربي، وخصوصاً مع توقيع البابا فرنسيس وثيقة “الأخوّة الإنسانيّة” مع شيخ الأزهر أحمد الطيّب في العام 2019 في أبو ظبي، وإصراره على تحصينها في زيارته إلى المرجع الشيعيّ الأعلى في النّجف السيّد علي السيستاني في العام 2021، وفي هاتين المبادرتين كانت الدّولة المدنيّة والمواطنة محوراً تأسيسيّاً بعيداً عن منطق الأقلويّة، ومفهوم المنعزلات المذهبيّة، والأيديولوجيّات الدّينيّة المُعَسكَرَة، والذي يُترجمه حزب الله بخلفيّته الإيرانيّة في لبنان، وفي الإقليم.

وانطلاقاً من تفتّت هذه المعادلة ، والمواقف الواضحة المعالم التي اتّخذها البابا فرنسيس من القضيّة اللّبنانيّة منذ آب 2019، والتي أعلن فيها بصوتٍ عالٍ أنّ وطن الرّسالة في “خطر داهم” ليوفِد أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين ليقول للشّعب اللّبنانيّ في أيلول 2020: “لستم وحدكم، لا تخافوا نحن معكم وكلّ أصدقائنا في العالم الحرّ”، انطلاقاً من كلّ ما سبق، تقول مصادر خبيرة في الشأن الفاتيكاني لـ”المركزية” أنّ البابا فرنسيس يولي لبنان، ولم يزل أهميّة استثنائيّة، والإلتباس الذي أحاط الإعلان غير البروتوكولي عن الزيارة كما الإرجاء يحتاج إلى الكثير من الدّقة، وحبّذا لو لم يتمّ ارتكاب خطأ بروتوكولي مماثل. لكن في أيّ حال الأهمّ أنّ البابا فرنسيس يعي بالعمق الخطر الوجوديّ على الهويّة الحضاريّة للبنان الرّسالة من مشاريع خارج سياق الاختبار التّاريخيّ، الذي عايشه على مدى عقود، وبالتّالي فهو يستنفر الديبلوماسيّة الفاتيكانيّة للقيام بما يجب للدّفاع عن هذه الهويّة”.

وعما يتمّ تسريبه عن أنّ قنواتٍ مفتوحة بين حزب الله والفاتيكان، لدرجة أنّ الأخير مرتاح لما يقوم به حزب الله في لبنان توضح المصادر الخبيرة في الشأن الفاتيكانيّ: “الفاتيكان معنيّ بمشروع الدّولة في لبنان، دولة يسودها الدّستور والعدالة، دولة تبسط سيادتها على كامل أراضيها دون إشراك، دولة محيّدة عن المحاور، دولة فيها مؤسّسات ذات كفاءة تتفوّق فيها النّزاهة والشّفافيّة والمساءلة والمحاسبة، دولة عمادها القضاء المستقلّ، دولة يُحاكَم فيها المجرمون ولا حصانة لهم، دولة الحريّات وحقوق الإنسان، دولة الإنسان الذي يعيش بكرامة، دولة المجتمع النّظيف من آفة الفساد، وهذا تعليم الكنيسة الاجتماعيّ، دولة الحِوار لكن بشروط الدّولة، لا بشروط فوائض القوّة خارج الشّرعيّة وخارج الدّولة… ومن هنا علينا أن نفهم كيف يفكّر الفاتيكان وكفى تحليلات خارج السّياق”.

أمّا عن تسويق أنّ خِلافاً قائماً ومستمرّاً بين البطريركيّة المارونيّة والفاتيكان فتردّ المصادر بالقول: “يفبركون معارك وهميّة لأنهم أفلسوا، ومن هون ورايح الكنيسة بوصلة أخلاقيّة وثوابتها وطنيّة ميثاقيّة، ويكفي”.

لماذا الاستشراس إذاً في توريط الفاتيكان في تبنّي خيارات حزب الله ؟ “إحتراف البروباغندا معروف الأهداف، هدفه إحباط الحقيقة وبيع الوَهم”. تختم المصادر.