خبر

ميقاتي مودّعاً: لقد تقصّدوا عرقلة ملف الكهرباء

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

يترأس الرئيس ميشال عون اليوم الجلسة الأخيرة لحكومة نجيب ميقاتي، والأرجح أنّها الجلسة الأخيرة في عهده، بعد أن تدخل الحكومة في «كوما» تصريف الأعمال، مع العلم أنّ ميقاتي نفسه سبق له أن دعا، في خطوة كانت الأولى والأخيرة في عهد «الطائف»، إلى جلسة حكومية لحكومة منتهية الصلاحية وذلك في العام 2013 لإقرار القرارات ذات الصلة بالانتخابات النيابية.

كلّ التقديرات تشير إلى احتمال أن يطول الشغور الحكومي خصوصاً اذا تبعه شغور رئاسي مماثل للشغور الذي وقع مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. ولهذا أتخِم جدول أعمال الجلسة الأخيرة للحكومة بأكثر من مئة بند (133 بنداً) توزعت بين شؤون مالية، سلفات ونقل اعتمادات (45 بنداً)، شؤون متفرقة، شؤون وظيفية، شؤون جامعية، علاقات دولية، شؤون عقارية، هبات، سفر، تراخيص تمديد مهل تشييد أبنية (14 ترخيصاً). وقد جرى أمس إلحاق الجدول، بملحق إضافي.

ومع ذلك، ثمة مراسيم تمّ سحبها في الأيام الأخيرة (أبرزها رفع رسوم الخلوي)، تتصل بشكل خاص بقطاع الطاقة، بعدما كان وزير الطاقة وليد فياض رفعها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فعاد وطلب سحب بعض منها، فيما تمّ اسقاط بنود أخرى. أمّا البنود التي أبقيت في جدول الأعمال وتتصل بقطاع الطاقة، فأبرزها طلب وزارة الطاقة والمياه تفويض الوزير التوقيع على اتفاقيتيّ شراء الغاز الطبيعي من جمهورية مصر العربية ونقل وتبادل الغاز مع الجمهورية العربية السورية، ومشروع قانون يرمي إلى تعديل المادة السابعة من القانون رقم 462 تاريخ 2/9/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء).

الجدير ذكره، أنّ مشروع القانون المذكور، كان يفترض التقدّم به قبل منح تراخيص لبناء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية إلى 11 شركة، وقد تمّ ذلك، بتوليفة «الموافقة الاستثنائية»، بسبب انتهاء مفاعيل القانون رقم 288 في 30 نيسان الماضي، وهو الذي يسمح لمجلس الوزراء بمنح التراخيص في غياب الهيئة الناظمة، اذ ينصّ على أنّه «وبصورة موقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة الناظمة واضطلاعها بمهامها، تمنح أذونات وتراخيص الانتاج بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراحيّ وزيريّ الطاقة والمياه والمالية». وقد أعاد القانون رقم 129 تاريخ 30 نيسان 2019، العمل بأحكام القانون رقم 288 لمدة ثلاث سنوات إضافية. وانتهى في 30 نيسان الماضي.

ولهذا لجأت الحكومة في الجلسة الماضية إلى الموافقة الاستثنائية لمنح التراخيص، وها هو وزير الطاقة يتقدم بمشروع قانون لتعديل المادة السابعة من القانون 462 «لسدّ أي ثغرة تشريعية تمنع زيادة الانتاج الكهربائي من الطاقة المتجددة على المستوى الوطني».

الأهم من هذين البندين، هو ما جرى اسقاطه من جدول الأعمال في الأيام الأخيرة، بطلب من وزير الطاقة. ومن هذه البنود، مشروع عقد بالتراضي مع مؤسسة كهرباء فرنسا لإعداد دفاتر الشروط وملفات التلزيم لإنشاء معملين جديدين لإنتاج الطاقة الكهربائية في الزهراني ودير عمار. كذلك بند يتصل بإنشاء محطات للتغويز لتعزيز إنتاج الطاقة من الغاز، مع العلم أنّ الوزير طلب تفويضه توقيع الاتفاقية مع مصر لنقل الغاز، لكنه عاد وسحب مشروع بناء محطات التغويز.

الواجب ذكره هنا، هو أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان يراهن على تسجيل إنجاز لحكومته في ما خصّ قطاع الطاقة، وهو حاول مراراً وتكراراً مع وزير الطاقة، ومع الفريق العوني لإحداث خرق، سواء من خلال تلزيم بناء معملين جديدين عبر مناقصة، أو من خلال التعاقد مع شركة عالمية في ضوء العروض المُغرية التي وضعت أمامه، وأبلغ مجلس الوزراء بمضمونها. لكنه كان يواجه دوماً باعتراض الفريق العوني تحت عنوان «معمل سلعاتا، أو لا كهرباء».

ولهذا اعتقد ميقاتي أنّ الجلسة الأخيرة للحكومة قد تكون فرصة لإقرار آخر القرارات التي قد تساهم في دفع هذا الملف باتجاه تحقيق بعض الخطوات العملانية، خصوصاً وأنّ الشركات العالمية تصرّ على وجود دفتر شروط مقبول دولياً، من هنا كان اللجوء إلى مؤسسة كهرباء فرنسا لوضع هذا الدفتر، مع العلم أنّ وزارة الطاقة سبق لها أن تكبدت الملايين على وضع دفاتر شروط وضعت جميعها في الأدراج.

إلّا أنّ ممانعة الفريق العوني، حالت دون وضع هذين البندين على جدول الأعمال كون دفتر الشروط المطلوب وضعه هو لإنشاء معملين في الزهراني ودير عمار، أي أنّ معمل سلعاتا ليس على الخريطة، عملاً بالقرار المعدّل رقم 30 تاريخ 14/4/2022، القاضي بأنّه «تمهيداً لإطلاق المناقصة العمومية، الموافقة على تفويض وزارة الطاقة والمياه الشروع بإجراء مباحثات مع كبار المصنّعين العالميين لوحدات إنتاج الكهرباء لدراسة امكانية ورغبة هذه الشركات (بمفردها أو عبر إنشاء تحالف شركات)، القيام بتأمين التمويل اللازم وإنشاء معملين في الزهراني ودير عمار وفق صيغة التصميم والتوريد والإنشاء والتمويل والتشغيل والصيانة وإنشاء خطوط النقل ومحطات التوزيع الفرعية اللازمة».

ولهذا، تمّ سحب البندين، الأمر الذي أزعج رئيس الحكومة الذي لم يوفّر الفريق العوني من انتقاداته خلال جلسة وداعية غير رسمية نظّمها للوزراء منذ يومين، قال خلالها بالفم الملآن إنّ فريقاً محدداً عرقل كلّ مشاريع الكهرباء. وحين سئل عن هوية هذا الفريق، نظر إلى انطوان شقير (مدير عام رئاسة الجمهورية) وقال ممازحاً: «انطوان هو من عرقلها».