كتب صلاح سلام في “اللواء”:
بوادر التأزم المنتظر بعد الإنتخابات بدأت تظهر في بعض الأزمات المعيشية الحساسة، مثل إختفاء الرغيف، وشُح البنزين، وعودة الطوابير أمام الأفران ومحطات توزيع المحروقات.
وتلاحقت هذه البوادر مع مؤشرات التوتر السياسي والأمني التي أطلقها رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد متهماً فيها الخصوم الجدد في البرلمان بالعمالة لأميركا وإسرائيل، وملوحاً بسيف الحرب الأهلية من جديد.
وقبل أن يجف حبر أرقام نتائج الإنتخابات، التي سجلت خسارات كبيرة في صفوف حلفاء الحزب في مختلف المناطق، هيمنت الغيوم الملتحفة بالسواد على آفاق الوضع اللبناني المتداعي أصلاً، تحت وطأة الإنهيارات الإقتصادية والمالية والإجتماعية، مُنذرة بعاصفة سياسية ودستورية من العيار الثقيل، في خضم الإستحقاقات المتوالية: من إنتخاب رئيس المجلس النيابي الجديد ونائبه، إلى تكليف رئيس الحكومة العتيدة، ومقتضيات تشكيلها بسرعة صاروخية، إلى الإنتخابات الرئاسية قُبيل إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في ٣١ تشرين الأول المقبل.
قد يكون إنتخاب رئيس المجلس الجديد هو أهون الإختبارات الصعبة القادمة، على إعتبار أن لا مرشح آخر غير الرئيس نبيه بري لهذا المنصب، لأن الثنائي الشيعي إحتكر تمثيل الطائفة، وحصل على كل المقاعد الشيعية في البرلمان، وعددها ٢٧ مقعداً، وبالتالي فلا مفر من هذا الواقع، ولو أدّى إلى حصول بري على أكثرية ضئيلة بالمقارنة مع حالات شبه الإجماع التي كانت تتم سابقاً.
أما تشكيل الحكومة الجديدة بعد تسمية رئيسها فتبقى هي المعضلة المعقدة الأولى التي ستعترض أحزاب المعارضة والقوى التغييرية المتحالفة معها ولو من بعيد، لأن تكرار سيناريوهات تأليف الحكومات السابقة، في هذا العهد وما قبله، والتي كانت تمتد لأشهر طويلة، والتي بلغت قرابة السنة بالنسبة لحكومة الرئيس تمام سلام، يعني تضييع ما تبقى من أشهر من ولاية هذا العهد في المماحكات السياسية الفارغة، فيما البلد يغرق في أمواج تسونامي الأزمات المالية والمعيشية التي بدأت طلائعها تداهم اللبنانيين، على إيقاع الإرتفاع اليومي لأسعار الدولار وفق خط مبرمج، وكأن الوضع النقدي تحوّل إلى إحدى ساحات المرحلة من الصراعات المتجددة.
حكومة أو لا حكومة.. ذلك هو التحدي الأول وعنوان الكباش المنتظر بين المحور السيادي ومحور الممانعة!