جاء في المركزية:
كل ما يدور على الارض اللبنانية من تطورات ميدانية وحوادث امنية وسياسية ومعاناة اجتماعية، يدفع اللبنانيين الى وعي حقيقة ما افتعلته ومازالت المنظومة السياسية الفاسدة التي رهنت لبنان لمصالح القوى الاقليمية المتصارعة على “الحلبة النووية” الدولية والنزاعات الاقليمية الانانية التوسعية ونقلته وشعبه من مصاف الدول الاكثر ازدهارا وتقدما الى دولة “شحّادة” تستعطي صندوقا دوليا هنا ومنظمة انسانية هناك للحصول على بضعة دولارات تقيها الموت جوعاً، فتصفق وترفع التهليل عند الاعلان عن اي مساعدة تمنح للشعب حصرا، بعدما انعدمت الثقة الدولية بالسلطة القابضة على ارواح اللبنانيين.
في المنطق الطبيعي للامور، الواقع هذا يفترض ان يدفع اللبنانيين الواعين، من غير المستزلمين للزعماء وجماعة “بالروح بالدم”، وقد نالهم جميعا النصيب من اقترافات المنظومة دما وموتا وغرقا ودمارا ونهبا، وهم في مطلق الاحوال مجرد ارقام في حساباتها، الى تحكيم العقل والضمير في استحقاق 15 ايار لترجمة الشعار الذي نادوا به في ساحات الغضب والثورة ومحاكمة من تسبب بقتلهم وتهجيرهم ، من دون التفكير مرتين. وان كانت قوى الثورة والتغيير لم تتمكن من الائتلاف في لوائح موحدة كانت لتقلب الاوضاع رأسا على عقب لو خاضت الانتخابات كذلك، الا ان الامل لم ينعدم وثمة قوى تغييرية حقيقية تجابه المنظومة بلوائح نظيفة، من شأن مرشحيها إن وصلوا الى الندوة البرلمانية ان يسهموا في مسار الانقاذ ، وحظوظهم ليست بالقليلة ،بحسب ما تؤكد استطلاعات الرأي، ومن يراقب واقع حال البيئتين السنية والشيعية تحديدا يتلمس الاتجاه هذا، مع الاقرار بأن الدوائر ذات الغالبية المسيحية ليست بمعظمها بعيدة من جو الاشمئزاز هذا.
تقول اوساط تتابع عن كثب الوضع الانتخابي لـ”المركزية” : الى نسبة الخمسين في المئة التي لم تقترع في انتخابات العام 2018، لأنها لم تجد من بين المرشحين، من يحقق طموحاتها من قوى التغيير واصحاب الخبرة والكفاءة والكف النظيف والعقول النيّرة، والمرشحون على لوائح المجتمع المدني والثوار ممن يتمتعون بهذه الصفات كثر، بما يفترض ان تمنح هذه الفئة اصواتها لهم ان هي مهتمة بإنقاذ لبنان، ثمة آمال واسعة بفوز مرشحي بعض هذه اللوائح ، خلافا لما تعممه السلطة السياسية والاحزاب التي تمتهن الضخ الاعلامي للتعمية على الحقائق واظهار حظوظ هؤلاء منعدمة مستفيدة من معطى عدم توحدها، بعدما تمكنت من شرذمتها بفعل تدخلها بقوة في اكثر من دائرة انتخابية حائلة دون التقائها في لوائح موحدة، بالترهيب على غرار ما يحصل في مناطق ثنائي امل – حزب الله بقاعا وجنوباً او بالحرتقات الصغيرة لاقصاء بعض المرشحين. وتؤكد ان ثمة عوامل ومعطيات كثيرة، منها المستجد ومنها الطارئ، ترفع حظوظ الاقبال الشعبي على الاقتراع للوائح المجتمع المدني والمستقلين. في البيئة السنية المشتته، في ضوء تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي كما تياره المستقبلي، الاتجاه كبير نحو المستقلين والتغييريين، وقد جاءت حادثة غرق زورق الهجرة لترفع منسوب الاشمئزاز من الدولة والكفر بالاحزاب والتطلع نحو من يحمل مشروعا انقاذيا من سلطة الموت المحتّم ان هي بقيت.
ولا تقل الحظوظ كذلك في البيئة الشيعية ، حيث تتوسع رقعة التململ من حزب الله وممارساته القمعية لمرشحي الثورة والقوى السيادية، حتى ان مناطق شيعية باتت تعلن جهارا رفض استقبال بعض مرشحي الحزب الذين يستذكرونها في الموسم الانتخابي وهم لم يقدموا مشروعا تنمويا واحدا لها طوال سنوات ولاياتهم النيابيةالمتتالية ، وقد بات بعض ابناء المناطق هذه، على يقين بأنهم ليسوا سوى خزّان وقود بشري لمدّ الحزب بخيرة شبابهم للقتال في الساحات العربية واعادتهم في نعوش لمصالح لا تمتّ الى مشروع مقاومة اسرائيل بصلة.
اما سائر الاحزاب التي تدعّي المعارضة وهي بعيدة منها بعدما شاركت في الحكم طوال سنوات، وتقاسمت الجبنة مع السلطة الحالية، فلها من ابناء بيئاتها ردات فعل ايضا لا بدّ ستتظهر في صناديق 15 ايار لتحاسبها على ادائها وتسوياتها التي اسهمت في ايصال البلاد الى حيث هي اليوم.
انطلاقا مما تقدم، تعتبر الأوساط ان خلافا لما يُعمم ويُشاع ، فإن الحظوظ كبيرة والآمال مضاعفة اكثر من اي يوم مضى بوصول مرشحي التغيير الحقيقيين المنضوين في بعض اللوائح، لا سيما في عكار والشمال والجنوب والبقاع الى مجلس 2022 النيابي، والدعوة موجهة الى كل مواطن راغب باستعادة لبنان الحر المستقل المزدهر ليدلي بصوته لمن يستحق عن جدارة لا عن عصبيات مذهبية وغرائز انفعالية كان لها الدور الاساس في انزلاق لبنان الى قعر هاوية الجحيم.