منذ فترة تتصاعد حملات التهديد من قبل أوساط حزب الله ضد معارضيه وأصحاب الكلمة الخارجة عن نفوذه في لبنان.
وتُشكّل مواقع التواصل منصة للقصف الإعلامي وتوجيه رسائل التهديد “المبطّنة” ضد المعارضين لسياسته، وبـ”كاتم الصوت” في إشارة إلى مصير القتل الذي لاقاه المعارض السياسي لقمان سليم الذي رفع شعار “صفر خوف” في وجه كاتم الصوت.
“ألم يحكمنا نصر الله؟!”
وفي جديد مسلسل التهديدات التي يُطلقها مناصرو الحزب أو ما يُعرف بالجيش الإلكتروني عبر مواقع التواصل، التعرّض للناشط السياسي والأستاذ الجامعي باسل صالح بعد كتابته عبر صفحته على “فيسبوك” منشوراً انتقد فيه استباحة الطيران الإسرائيلي لأجواء العاصمة اللبنانية السبت الماضي من دون ردع، قائلاً “ألم يحكمنا نصر الله وحزبه كي يتوقف الطيران الإسرائيلي عن استباحة أجوائنا؟”.
كما انتقد تعامل جمهور الحزب مع مسيّرات حزب الله التي أطلق واحدة منها صباح السبت باتّجاه الأراضي المحتلة، وإعلانهم أنهم لا يخافون من صوت الطيران.
“كاتم الصوت”
وعلى الأثر، شنّ جمهور الحزب هجوماً على صالح، وصولاً إلى تهديده بكشف مكان إقامته وعمله، مهددين باستخدام “كاتم الصوت” لقتله.
فيما تساءل صالح في حديث لـ”العربية.نت”، قائلاً “لا أعرف مصدر مكابرة متلازمة القوة المفرطة وعدم الخوف من الموت، لكن ما أعرفه أن ملامح وجه الميليشياوي الذي أوقفوه في شويا تكذّب كل خطاب مناقض”.
وأوضح أن “حزب الله يروّج بين أبناء بيئته لمتلازمة القوّة وعدم الخوف، لكن نظرة الميليشياوي الذي أوقف من قبل أهالي بلدة شويا في جنوب لبنان في شهر آب الماضي وهو يقود راجمة صواريخ تابعة للحزب أثبتت عكس هذه المتلازمة”.
لبنان صندوق بريد
وفي حين أثار استخدام صالح لعبارة “الميليشياوي” غضب جمهور حزب الله، معتبرين أن من يُطلق صاروخاً على العدو الإسرائيلي ليس بميليشياوي وإنما مقاوم، أصرّ صالح عليها، سائلاً “لماذا علينا كلبنانيين أن نكون صندوق بريد لرسائل نارية عندما تتأزّم المفاوضات بين واشنطن وطهران؟ ولماذا صمت حزب الله عن تخلّي رئيس الجمهورية ميشال عون عن حق لبنان في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل في حين يشنّ جيشه الإلكتروني حملات تهديد ووعيد ضد كل من يُخالفه الرأي؟”.
خطاب التخوين
كما أكد أن “خطاب التخوين والتهديد والاتّهام بالعمالة لم يتغيّر عند حزب الله وجمهوره، فكل من ينتقد سياسته يخوّن ويُهدر دمه كما حصل مع الناشط لقمان سليم. هذا الخطاب الذي انتهجته أحزاب وقوى سياسية منذ عقود وحتى اليوم كلّفنا حروباً وتصفيات”.
ولفت إلى “أن حزب الله يرهن القرار اللبناني بيد إيران، ويُلفّق الاتّهامات بحق كل من يخالفه الرأي”.
إلى ذلك، اعتبر “أن حزب الله مأزوم داخلياً لأسباب عديدة، منها الأوضاع الاقتصادية والمالية السيّئة التي يمرّ بها البلد، وانتفاضة 17 أكتوبر التي كسرت حاجز الخوف داخل بيئته، بالإضافة إلى الحوادث الأمنية الثلاثة التي حصلت في مناطق شويا وخلدة والطيّونة، والتي لم تأتِ لصالحه، كما أنه سيواجه معركة انتخابية في مناطق نفوذه في الجنوب”.
يذكر أنه منذ أواخر العام 2019، ازدادت الهجمات ضد الصحافيين وأصحاب الرأي الذين ينتقدون حزب الله، آخرهم المفكّر السياسي لقمان سليم الذي قُتل في شهر فبراير العام الماضي من دون كشف الفاعل.
دليل ضعف
وقال جاد شحرور، المسؤول الإعلامي في “مؤسسة سمير قصير” التي تُعنى بالدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية، لـ”العربية.نت”، إن “ما حصل مع صالح ليس مستغرباً، كَون ما يُسمّى محور الممناعة الذي يقوده حزب الله لديه جيش إلكتروني هو الأقوى يرصد كل من يخالفه الرأي ليشنّ هجوماً إلكترونياً ضده”.
كما أضاف أن “لغة التهديد والوعيد رغم خطورتها إلا أنها دليل ضعف، لأن من يستخدمها لا يملك القدرة على إقناع من يُخالفه الرأي”. ولفت إلى “أنه منذ انتخاب ميشال عون (حليف حزب الله) رئيساً للجمهورية زادت الانتهاكات ضد الصحافيين والناشطين وأصحاب الرأي، وأثناء التظاهرات في انتفاضة 17 تشرين، استخدمت الأحزاب الميليشياوية والقوى الأمنية وسائل القمع ضد المتظاهرين”.
يشار إلى أنه منذ بداية 2021، تم تسجيل 40 انتهاكاً بحق حرية الصحافة والتعبير بحسب مؤسسة “سمير قصير”.