خبر

فرنسا تدخل على خط أزمة تشكيل الحكومة .. فما هي احتمالات النجاح؟

اعتبرت أوساط سياسية لبنانية أن الحراك اللافت الذي تقوم به فرنسا في الفترة الأخيرة، مرتبط أساسا بأزمة تشكيل الحكومة والخشية من استمرارها في ظل واقع إقليمي ملتهب يخشى أن تطال شرارته البلد.

ويواجه لبنان منذ أيار الماضي أزمة في التشكيل الحكومي نتيجة عجز الفرقاء عن الاتفاق على توليفة تحفظ التوازنات القائمة خاصة مع سعي البعض يتصدرهم التيار الوطني الحر إلى فرض حكومة أغلبية، عبر تحجيم حزبي القوات اللبنانية والاشتراكي التقدمي.

ويثير هذا الانسداد الحكومي مخاوف من تأثيراته على الوضع الاقتصادي الدقيق في البلاد، فاستمراره سيعني حرمان لبنان من منح وقروض بالمليارات من الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعما لاقتصاده، خلال مؤتمر سيدر الذي عقد بباريس في أبريل الماضي.

وقال السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه إن “فرنسا تبدي اهتماما خاصا بموضوع تشكيل الحكومة لا سيما لجهة متابعة تنفيذ قرارات وتوصيات مؤتمر “سيدر”. جاء ذلك خلال لقائه الاثنين رئيس الجمهورية ميشال عون ، والذي شاركت فيه كذلك المستشارة الاولى الجديدة في السفارة الفرنسية في بيروت سالينا غروني كتالانو.

وأكد برونو فوشيه على أن “زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت ستتم في موعدها بين 11 و14 شباط المقبل”.

وسبق وأن تم تحديد موعدين لزيارة ماكرون إلى لبنان الأولى في الربيع الماضي والثانية في الصيف بيد أنه تم تأجيلهما لأسباب عدة بينها انغماس اللبنانيين في تسوية المعضلة الحكومية، والتي لا يبدو أن هناك أفقا قريبا لحلها لجهة تمترس كل الأطراف السياسية خلف مواقفها، رغم محاولات الرئيس المكلف سعد الحريري والمحيطين به بث أجواء إيجابية.

وكان الحريري قد طرح قبل فترة صيغة حكومية على الرئيس ميشال عون بيد أن الأخير تحفظ على عدد من بنودها لجهة تمكين حزب “القوات اللبنانية” من 4 حقائب وزارية (لا تتضمن وزارة دولة)، ومنح “الحزب التقدمي الإشتراكي” ثلاث حقائب الأمر الذي عده عون ضربا للميثاقية، رغم أن الإنتخابات النيابية الأخيرة تمنح الحزب تفويضا كاملا بالحصول على حصة الطائفة الدرزية.

ويبدي كثيرون تشاؤما لجهة إمكانية قبول عون بالمسودة الجديدة، خاصة إذا لم تتضمن ما يسعى إليه وحزبه وهو تخفيض حجم حضور “القوات” و”التقدمي الإشتراكي” إلى أدنى مستوى.

ولطالما كان تشكيل الحكومة في لبنان مهمة صعبة، ففي العام 2009 احتاج الحريري خمسة أشهر لتأليف حكومته مقابل عشرة أشهر لرئيس الوزراء السابق تمام سلام بين العامين 2013 و2014.

وتقول الأوساط السياسية إن الظرفية الدقيقة التي تمر بها المنطقة وخاصة سوريا المجاورة في ظل الكباش الدولي والإقليمي حول محافظة إدلب تجعل من غياب الاستقرار الحكومي تحديا كبيرا أمام اللبنانيين.

وتلفت هذه الأوساط إلى أن عدم وعي الطبقة السياسية بالمخاطر الناجمة عن تأخر ولادة الحكومة وسيطرة الحسابات السياسية الضيقة، يزيد من تعقيدات المشهد الحالي.

ويستبعد مراقبون أن يؤدي التدخل الفرنسي ودعوات بعض القوى الغربية للمسارعة في حل الأزمة ضمن “صيغة لا غالب ولا مغلوب” إلى أن يؤتي أكله في ظل تعنت البعض ورفض تقديم أي تنازلات.

وتفرعت أزمة تشكيل الحكومة في لبنان عنها أزمات أخرى كان آخرها التوتر الذي ضرب “التيار الوطني الحر” و”الحزب التقدمي الإشتراكي” الذي كاد يتحول إلى فتنة في ظل التراشقات التي أصابت أيضا الأنصار.

وفي خطوة للحيلولة دون المزيد من التصعيد دعت أمانة السر العامة في “الحزب التقدمي الإشتراكي” جميع القيادات والمسؤولين والكوادر والأعضاء والمناصرين والأصدقاء للامتناع عن الدخول في أي سجالات سياسية أو إعلامية سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام مع “التيار الوطني الحر”.

وأكدت أمانة السر العامة في بيان ضرورة الالتزام بهذا القرار بما يساهم في تبريد الأجواء والمناخات ويصب في خانة حماية السلم الأهلي التي لطالما عمل الحزب في سبيلها طوال السنوات الماضية.

ومن جهته طالب أيضا “التيار الوطني الحر” أعضاءه بالابتعاد عن السجالات قدر الإمكان مع “التقدمي الاشتراكي”.

ويرى متابعون أن هذه الخطوات قد تخفف من حجم الاحتقان بين الطرفين، إلا أن ذلك لا يعني نزع فتيل الأزمة بينهما في ظل تعنت رئيس التيار جبران باسيل وإصراره على حصر مشاركة “التقدمي الإشتراكي” في الحكومة المقبلة بوزيرين، وتمسك الأخير بأحقيته في الحصول على ثلاث حقائب.