استأنف غرفة الدرجة الاولى لدى المحكمة الخاصة بلبنان برئاسة القاضي دايفد راي عملها، وبدأت بالاستماع الى المرافعات الشفوية الختامية تمهيداً لختم المحاكمة والانصراف الى التذاكر واصدار قرارها.
وحضر الرئيس سعد الحريري الى قاعة المحكمة وجلس مع المتضررين. كما حضر الى مبنى المحكمة وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حماده.
وإستهل القاضي راي الكلام مبدياً ان “الغرفة ستستمع خلال الاسبوعين الحالي والمقبل الى الملاحظات الختامية النهائية بدءا بالادعاء ثم الى الممثلين القانونيين فمحامي الدفاع، بعد ذلك اعلن بصفتي رئيسا للمحكمة سأعلن نهاية الجلسات لتتداول الغرفة ونقرر إن كان كل متهم مذنبا او بريئا”. ثم تلا التهم الموجهة الى الاربعة الملاحقين غيابيا وهي المؤامرة لارتكاب عمل ارهابي، بما في ذلك قتل الرئيس السابق للوزراء رفيق الحريري في انفجار كبير في بيروت في 14 شباط 2005 .كما اتهم سليم جميل عياش باستعمال اداة متفجرة وقتل الحريري عمدا و21 آخرين ومحاولة قتل 226 شخصا. واتهم حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا وحسن حبيب مرعي بالتدخل في ارتكاب الجرائم الموجهة ضد عياش. وأوجز مجريات المحاكمة منذ بدئها في 16 كانون الثاني 2014 بعدما كفت الاجراءات ضد مصطفى بدر الدين بسبب الوفاة عام 2016 مع امكانية إستئناف الاجراءات ضده في حال تبين انه لا يزال على قيد الحياة.
وأحصى القاضي راي عقد الغرفة جلسات على مدى 406 أيام واستماعها الى 307 شهود بينهم 239 شاهدا للادعاء منهم 119 شاهدا ادلوا بافاداتهم في لاهاي او عبر نظام المؤتمرات المتلفزة من مكتب المحكمة في بيروت. وتلقت الغرفة 170 إفادة خطية.
اما فريق الدفاع عن عنيسي فقد قدم إفادات ستة شهود في المحكمة الى اربع إفادات خطية، كما استدعت الغرفة شاهدا واستلمت افادات 31 شاهدا للممثلين القانونيين المتضررين.وتسلمت الغرفة خلال المحاكمة 3131 بينة وثائقية منها 2478 للادعاء و599 للمتهمين الخمسة اي 39 بينة لفريق الدفاع عن عياش و90 لفريق الدفاع عن بدر الدين 75 لفريق الدفاع عن مرعي و157 لفريق الدفاع عن عنيسي و240 لفريق الدفاع عن صبرا. وقدم الممثلون القانونيون عن المتضررين 45 بينة والغرفة بينة واحدة. ويصل العدد الاجمالي لهذه البينات 144928 صفحة. ووصل عدد محاضر الجلسات 38670 بالانكليزية.
وذكر رئيس الغرفة ان” الجلسات توقفت اربعة اشهر مباشرة بعد بدء المحاكمة للسماح لفريق الدفاع عن مرعي الاطلاع على القضية والادلة وتحضير دفاعه”، مشيرا الى ان “المحاكمات الدولية تكون ابطأ عادة من المحاكمات المحلية نظرا الى سفر الشهود إضافة الى ان كل الاجراءات تترجم الى لغات المحكمة الثلاث وتقديم الفرقاء مذكرات وحجج خطية الى مذكراتهم الختامية. وأشار الى ان “الغرفة اودعت في السابع من ايلول الجاري قائمة من 53 سؤالا موجهة الى الادعاء والدفاع والممثلين القانونيين عن المتضررين للاجابة عنها 29 سؤالا موجها الى الادعاء، اربعة أسئلة الى الممثلين القانونيين عن المتضررين، وسؤال لفريق الدفاع عن عياش، واربعة أسئلة موجهة الى فريقي الدفاع عن عنيسي ومرعي، والاسئلة الباقية موجهة الى فريق الدفاع عن صبرا”.
اهمية الملاحظات الختامية
واعتبر رئيس الغرفة ان “المرافعات الختامية تشكل جزءا مهما من المحاكمات في الاجراءات الجنائية الدولية لانها تسمح للادعاء والدفاع بتقديم حججهم ومرافعاتهم الختامية بالاستناد الى كامل الادلة التي عرضت امام الغرفة، وتمكن الممثلون القانونيون عن المتضررين بالتحدث عن شواغلهم وعرض حججهم امام المحكمة، وباستطاعة الادعاء والدفاع ان يشيروا في حججهم الشفوية الى أي أدلة ينبغي على الغرفة أخذها في الاعتبار. واوضح ان قضاة من الغرفة سيوجهون أسئلة الى الفرقاء خلال الجلسات لتتداول الغرفة في صددها وتقرر إن كان الادعاء قد أثبت قضيته ام لا. والاجابات عن هذه الاسئلة ستساعد الغرفة في مداولاتها ونقاشاتها. ولكن نكرر ان هذه الاسئلة هي مجرد أسئلة لا ينبغي ان نتعمق بها أبعد من ذلك. وتشدد الغرفة على ان المتهمين يتمتعون بقرينة البراءة وعلى الادعاء ان يثبت قضيته في حق كل متهم. وعلى الغرفة ان تقتنع بما لا يرقى اليه شك معقول بذنب كل متهم ويجب ان تتوصل الى هذه الخلاصة على انها الخلاصة المنطقية الوحيدة وإن كان أي إستنتاجات أخرى فعليها ان تبرىء المتهمين”.
فاريل
وأعطى رئيس الغرفة الكلام الى المدعي العام لدى المحكمة نورمن فاريل الذي إعتبر ان “أدلة الدفاع غير مدعومة”. ووصفها بانها “تكهنية”، مؤكدا ان “الهواتف التي نسبت الى المتهمين ستدفع الى إستنتاج أكيد انهم مسؤولون عن دورهم في الاعتداء ما سيؤدي الى إدانتهم”. وأمل ان “يكون مكتبه ساعد الغرفة في مداولاتها وساعدنا في إحقاق العدالة للبنان ودولة لبنان”. ثم تحدث المحامي الرئيسي في مكتب الادعاء أيغل بوفواس فرأى ان “الوزن القاطع والكبير للادلة التي عرضها الادعاء خلال الاعوام الاربعة الاخيرة لا تترك شكا معقولا بان المتهمين جميعهم مذنبون في ما يتعلق بالتهم الموجهة اليهم والدور الذي اضطلعوا به في هذه الاحداث التي تشكل جرما خطيرا وشنيعا “. وعرض بوفواس لوقائع الجريمة التي حملت في لحظة حصولها “الظلمة الحالكة على لبنان وسادت حال من الرعب. وكانت هذه النية تحديدا من وراء هذا الاعتداء الذي استهدف شخصية سياسية بهذا الحجم والاهمية “. وقال ان”المتضررين من هذه المأساة تنوعوا من الحريري وصديقه (النائب الراحل) باسل فليحان واعضاء في الموكب وعمال في مبان مجاورة ومارة . كانوا ضحايا من كل الطوائف والاعمار. والقصة التي أثرت فينا للطالبة الشابة التي قضت بينما كانت تمر في موقع الجريمة بعد انتقالها ساعة ونصف من قريتها الى بيروت لتلتقي بقريبتها”. ورأى ان “الشعب اللبناني برمته كان كله ضحية هذه الجريمة النكراء” . وأضاف ان “اعلان المسؤولية زورا عن الجريمة كان محاولة لتضليل التحقيق والشعب اللبناني والعالم في ما يتعلق بالمسؤولين الحقيقيين والاسباب الحقيقية الكاملة وراء هذا الاعتداء”، مفصلا مسألة “إستدراج (الفلسطيني) احمد ابو عدس على انه انتحاري سني نوى إغتيال الحريري لروابطه وصلته بالسعودية”. و” لتحقيق هذا الهدف السياسي قام الاشخاص المسؤولون عن هذه الجريمة بالقتل والجرح والترهيب والتضليل. وبرهنوا بذلك عن وحشية وجبن ولامبالاة مطلقة بالشعب اللبناني ولامبالاة مقززة لقيمة الحياة الانسانية”.
النقطة المحورية
وانتقل بوفواس الى الكلام عن “المسؤولين عن هذه الافعال “. فوصف بدر الدين(المتوفى) بانه ” العقل المدبر والمشرف على هذا الاعتداء. وتشير الادلة التي استمعت اليها الغرفة على مدى الاعوام الاربعة الى انه قاد مجموعة من الشركاء في المؤامرة بينهم المتهمون الاربعة. كلهم انيطت بهم ادوار أساسية وحساسة فيها. وكانوا نواة للتخطيط لهذه المؤامرة وتنفيذها. وكان عياش النقطة المحورية لعملية التخطيط والتنفيذ. وشارك فيها من البداية الى النهاية. فقاد ونسق مجموعة الاغتيال المؤلفة من ستة متآمرين ومجموعة اوسع من المتآمرين، بما في ذلك مراقبة تحركات الحريري وفريقه الامني لاربعة أشهر ، وقام بالتنسيق للاعمال التحضيرية للاعتداء بما في ذلك شراء الشاحنة المفخخة. وقاد فريق الاغتيال يوم الاعتداء، ونسق انتقال الشاحنة المفخخة الى مسرح الجريمة ليتم تفجيرها في مكانها”. ثم وصف الفعل الجرمي لكل من مرعي الذي كان مسؤولا عن إعداد شريط لاعلان المسؤولية زورا، فيما نسق أعمال الفاعلين الرئيسيين في هذا الجرم صبرا وعنيسي في اعداد الشريط وايصاله. عمل الثلاثة معا منذ البداية الى النهاية لاختيار والتعرف الى ابو عدس على انه كبش فداء في مقتل الحريري على انه الانتحاري. وقاموا باستدراجه وخطفه لاعلان المسؤولية زورا”. وذكر ان “رابطا بين المتهمين الاربعة هو دعمهم وصلتهم ب”حزب الله”. وعرج على “بدر الدين ” الذي كان قائدا عسكريا في الحزب من الدرجة الاولى. ولدى نبأ وفاته عام 2016 أشيد به في الضاحية ودمشق وطهران على انه شخصية مهمة وقائد وحتى بطل من أبطال المقاومة منذ لحظات انشائها على مدى 30 عاما. خبرته العسكرية وسجله سمحا له بالتطور في الصفوف قبل عام 2005 وبعده ليتولى القيادة العسكرية ل”حزب الله” في سوريا بحلول عام 2016″ . واعتبر ان “هذه الخبرة الواسعة لبدر الدين كأحد كبار العسكريين في الحزب تتجلى في الطريقة المتطورة والمتقدمة التي نفذ فيه المخطط، والطريقة المتطورة في التخطيط والتنظيم والوصول الى الموارد التي كانت ضرورية لتنفيذ جريمة بهذا التعقيد فهو كان فاعلا وقائدا عسكريا من الصف الاول”.
وقاطع القاضي راي ممثل الادعاء لافتا الى ان ما ذكره عن “بدر الدين لم يكن ضمن الاسئلة ال 29 الموجهة منه الى الادعاء وربما كان يجب ان يكون السؤال رقم 30″. وسأله هل يمكنك ان تحدد ما الاستنتاجات التي يمكن ان تتوصل لها الغرفة في ما يتعلق ببدر الدين. ويمكنك الاجابة في وقت لاحق”. وتابع ممثل الادعاء “اضافة الى ذلك فان بدر الدين وعياش وعنيسي وصبرا لدى توجيه القرار الاتهامي في حقهم تم الاعتراف بهم من قادة حزب الله على انهم من أسرة في المقاومة وانهم من المقاومين الشرفاء”. وتوقف عند “الطريقة المتطورة التي ارتكبت بها الجريمة ليصعب على المحققين كشفها”، مشيرا الى ان “هذه القضية تستند الى حد كبير على ادلة الاتصالات”، مضيفا “لقد حرصوا على ان تكون آلاثار في مسرح الجريمة لا تخول الوصول اليهم كالشاحنة المشتراة من طرابلس من مجهولين وتعذر التعرف الى هوية الانتحاري من آثار الحمض النووي، واتخذوا خطوات استثنائية في اتصالاتهم ليحرصوا على ان تبقى هذه الهواتف مجهولة الهوية باستخدام اربع طبقات من الشبكات للاعداد والتنفيذ، وضمن الشبكات تلك الخضراء وهي شبكة حزب الله الامنية التي استخدمت من بدر الدين للتواصل مع عياش ومرعي. كانت تضم ثلاثة هواتف طبقت درجة عالية من الانضباط للفصل بين خطي الاتصال اي من مرعي وعياش الى بدر الدين. والشبكة الحمراء استخدمت لترك هدف خاطىء لتضليل التحقيق لجهة ان المستخدمين من طرابلس”.
الدول والمنظمات وأسئلة
وأوضح بوفواس ان “عدداً من الاستنتاجات متوفرة للغرفة وفق التقديرات الا ان الادعاء لا يسعى الى التوصل الى استنتاجات ضد الافراد الاخرين او الدول او المنظمات. وليست الغرفة في حاجة الى ذلك لادانة المتهمين. وما عنيته الاشخاص الذين لم يرد اسمهم في القرار الاتهامي. وتدخل القاضي راي “لربما تجيب عن السؤال رقم 4 اي ان الغرفة ليس عليها ان تعتبر ان المتهمين يعملون بناء على طلب أي منظمة او دولة او كيان لادانة المتهمين الاربعة. هو سؤال موجه الى الادعاء في ما يتعلق بالملاحظات التي ادلى بها نهاية عام 2014 في شأن الشهود السياسيين. في أي حال سنعود في الايام المقبلة لمعالجة هذا الموضوع بالتفصيل. وانت اشرت الى السؤال رقم 10. واقتبس من المذكرة حيث تشير الى ان شبكات الهواتف الاربع تحكم فيها الكيان نفسه. وما هو هذا الكيان؟ ولست متأكدا انك اجبت عن هذا السؤال وسنعود الى ذلك لاحقا. وانت ذكرت ايضا السؤال رقم 11″… “هل يزعم الادعاء الآن كما ورد في مذكرة فريق الدفاع عن صبرا ان الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس المخابرات السورية سابقا في لبنان رستم غزالي وايضا مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا هم مشاركون في مؤامرة اغتيال الحريري؟”. نهاية الاقتباس. لربما تجيب عن هذا السؤال لاحقا. وأعود الى السؤال رقم 21 “لم يزعم الادعاء في الفقرة الاستهلالية من المذكرة كيف ان هذا الاعتداء قد نفذ بقيادة جهة عسكرية فاعلة ومتقدمة ومتطورة. فما الذي تعنيه بهذه العبارة؟. نهاية الاقتباس. اطلب منك العودة الى هذه الاسئلة. وبالنسبة الى السؤال رقم 14، أقتبس: “دعم الادلة التابعة لتحركات شرق المطار . ورد ذلك في فقرات من المذكرة وان هذه المنطقة ملائمة بعض الشيء وتضمن بعض الانشطة التحضيرية السرية او الخاصة ببعض المعدات المرتبطة بالمؤامرة على غرار أعداد المتفجرة المحمولة على المركبة”.
وبعده تحدث محامي الادعاء كينيكوم عن نقاط تقنية تتعلق بالخليوي . وارجئت الجلسة الى اليوم للمتابعة.