لم يمر التقرير الذي بثّته قناة “فوكس نيوز” الأميركية منذ ايام، عن قيام إحدى شركات الطيران الإيرانية وتدعى Fars Qeshm Airlines (خطوط فارس قشم) بتهريب أسلحة إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي، لافتةً الى أن في الشهرين الماضيين اتبعت طائرتان تابعتان للشركة المذكورة مسارات جوية غير معتادة من طهران إلى بيروت، لـ”محاولة تجنب الكشف” مرورَ الكرام في عواصم القرار، التي توقّفت عنده باهتمام بالغ معربة عن قلقها من تحول المرفق الحيوي المدني هذا الى منصة لنقل الاسلحة والاعتدة العسكرية الى “حزب الله”، خاصة في هذه المرحلة حيث تبذل جهودًا استثنائية، لوجستيًا وسياسيًا، مع الاجهزة المحلية المعنية، لضبط الحدود الشرقية ووقف حركة الذهاب والاياب العسكري عبرها، وبالتالي فإنها لن تقبل ان ينتقل هذا النشاط الى المطار!
مصادر دبلوماسية مطّلعة تقول لـ”المركزية” ان هذه القضية التي راجعت فيها مراجع اوروبية المسؤولين اللبنانيين، أثارت ضجة في اوساط الكونغرس الاميركي في الايام الماضية، حيث ارتفعت اصوات مطالبة بفرض لبنان رقابة على الطائرات الايرانية المتجهة اليه كلّها وتفتيشها بدقّة، في حين اقترح بعض النواب الطلب الى ادارة المطار ان تمنع استخدام الطيران الايراني مدارجه وذلك كعقوبة على “ما قامت وتقوم به طهران من نقل أسلحة الى لبنان عبر مطار مدني”، على حد تعبيرهم.
المصادر تشير الى ان الرد الاميركي يبدو لن يقف هنا، فهي تكشف عن توجّه لدى أعضاء في مجلس النواب الاميركي، الى وضع مشروع قانون يقضي باتخاذ اجراءات في حق بيروت وطهران، اذا استمر استخدام المطار لاغراض عسكرية، قد يكون أحدها وقف ذهاب واياب طيران شركات عالمية عبر مطار رفيق الحريري.
وفي موازاة الاجراءات المرتقبة، تشير المصادر الى ان شركات طيران غربية قد يكون لها، هي الاخرى، موقف تصعيدي في المرحلة المقبلة، اذا لم يتحرك المسؤولون اللبنانيون ويتخذوا خطوات صارمة وحازمة لمنع تكرار ما جرى ووقف استخدام مطار “مدني” لاغراض “عسكرية”، خاصة أن في ما حصل، مخالف لقانون الطيران المدني.
أمام هذا الواقع، تقول المصادر ان قنوات الاتصال بين بيروت وواشنطن، وبين الاولى والعواصم الاوروبية، شهدت تفعيلا غداة التقرير، لا سيما على الصعيد “الأمني”، حيث انطلقت محادثات بين هذه الاطراف، تخللها تبادل معلومات حول ما حصل في المطار- خاصة أن المديرية العامة للطيران المدني، نفت اي حركة عسكرية في المطار، معلنة ان الطائرتين كانت احداهما فارغة والثانية حملت المواشي الى الدوحة – وكان ايضا بحثٌ في الاجراءات الضروري اتخاذها للحؤول دون خروج المطار عن الاهداف التي أنشئ من اجلها وهي بالطبع لا تشمل نقل الاسلحة.
وفي وقت تلفت الى ان تم ابلاغ لبنان صراحةً بضرورة وضع حدّ لاي استخدامات عسكرية ايرانية لمرافقه الحيوية، وقد تم تحذيره ايضًا من عواقب استسهال ما جرى في ظل الاصرار الاميركي على تطويق نفوذ ايران في المنطقة وخنق أذرعها العسكرية المنتشرة في اكثر من دولة عربية ومنها “حزب الله”، اذ قد يضع بيروت في مواجهة مع المجتمع الدولي ويعرّضها لعقوبات أميركية، تشير المصادر الى ان عيون العالم مفتّوحة اليوم على المطار وترصد بدقة الحركة التي يشهدها، ويبقى ان تتشدد السلطات المعنية في مراقبة ما يتم نقله عبر مدارجه، تفاديًا لاقحام لبنان في مأزق جديد هو في غنى عنه، تختم المصادر.