خبر

الرياشي في إطلاق مؤسسة الياس مخيبر ملتقى حواري لتطوير السياسات: إيمانه إيمان نسر يعرف أن الفجر سينبلج قبل انبلاجه حتى

عقدت “مؤسسة الياس مخيبر – ملتقى حواري لتطوير السياسات والتشريعات في لبنان (EMIL)” مؤتمرًَا صحافيًا لإعلان إنطلاق عملها، في الذكرى السنوية الأولى لغياب المحامي الياس مخيبر، في حضور رئيسها الفخري وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، في فندق البستان – بيت مري.

وحضر النواب إدي أبي اللمع ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الياس حنكش ممثلا رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل، نديم الجميل، الوزيرة السابقة منى عفيش، خليل مارون ممثلا رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” دوري شمعون، وحشد من الحقوقيين والناشطين البيئيين، وممثلون لجمعيات ومؤسسات أجنبية.

لينا مخيبر

بداية النشيد الوطني، فكلمة ترحيب وتعريف بالمؤسسة ألقتها رئيستها لينا مخيبر، وقالت: “نجتمع اليوم، لا لنشهد على إطلاق مؤسسة الياس مخيبر EMIL، إنما للاحتفال بالحرية التي ترمز إلى النهاية كما إلى البداية، تعني التجدد كما التغيير”.

أضافت: “إن الأعضاء المؤسسين تعهدوا السير على الدرب نفسه الذي سار عليه عزيزنا الياس لبناء مجتمع حر ومستقل في لبنان”.

وتابعت: “الياس (49 سنة) هو إبن هذه الجمهورية الفتية ذات الخامسة والسبعين سنة التي علمته الشجاعة والنضال منذ أن كان في سن السادسة، مع اندلاع الحرب اللبنانية. وقد تميز بهاتين الصفتين في حياته الشخصية والقانونية والسياسية. علمنا أن الحب والعدالة ينتصران دائما. ونحن نعاهده اليوم بأن نحافظ على هذا الإرث عبر تأمين منبر مفتوح لكل اللبنانين في الداخل وخارج بلاد الأرز، للتلاقي، والتفكير معا، والمناقشة، والبحث والمشاركة في عملية بناء هذه الأمة اليافعة”.

وقالت: “إن مؤسسة EMIL تدعوكم اليوم لتكونوا جزءا من هذا التحدي: أن تخوضوا تحدي قول الحقيقة بقوة لأن الحقيقة هي القوة. الياس هو مثال النضال من أجل الحرية. لم يتوقع يوما أن يؤيد خصومه آراءه، لكنه كان يأمل دائمأ أن يدافعوا عن حريتهم الخاصة. لم يفاوض يوما بداعي الخوف، لكنه علمنا في المقابل ألا نخاف التفاوض. لذا دعونا نبدأ اليوم بداية جديدة، قائلين للجميع إن الحوار لم يكن يوما دليل ضعف، وإن الصدق هو دائما موضوع إثبات. EMIL سوف تعمل لإبقاء هذا النقاش مفتوحا”.

وأضافت: “هذا ما نتعهد به وأكثر. مؤسسة EMIL تدعو كل الأطراف في لبنان للتوجه نحو المشاكل التي توحدنا بدل التركيز على المشاكل التي تفرقنا”.

وختمت: “إن الاندفاع والموهبة والإيمان والتفاني التي نضعها في هذه المحاولة، نأمل أن تساعد في تحسين الوضع الراهن في لبنان وإنارة آفاقنا. تبقى في أيديكم فرصة نجاح أو فشل هذه المبادرة. كل ذلك لن ينتهي خلال مرورنا على هذه الأرض، لكن دعونا نبدأ”.

ميقاتي

ثم تناول نائب رئيس المؤسسة زياد ميقاتي “الياس مخيبر، ذلك الإرث الثقافي الوطني والسياسي الذي يمتد من جذور هذه العائلة التي شمخت ولم تخضع لوصاية، مستقيم الرأي في آرائه. انه المحامي الغيور على وطنه الحلم لبنان، الياس مخيبر. ولأن هذا الحلم هو فعل إيمان انبثق من ايماننا بفكرة اصبحت اليوم مؤسسة فكرية وعملية هدفها وصية الياس لنا، أي لبنان الرسالة”.

أضاف: “في آخر حديث دار بيننا قال لي: لبنان لن يقوم إلا بجناحيه المسلم والمسيحي، ولكن على الجناحين أن يكونا بعافية وصحة جيدة. من هنا ولدت مؤسسة الياس مخيبر. غايتنا الرئيسية هي تطوير السياسات العامة بمشاركة فعالة من القطاعات والمواطنين المعنيين. تسعى المؤسسة الى تعزيز الحوكمة والمساءلة في المؤسسات العامة والخاصة والأهلية، وتعزيز مساحات الحوار المبني على الأدلة وحريات التعبير وقبول الرأي الآخر وتطوير وتعزيز فعالية المؤسسات الحكومية والمدنية”.

وفي الختام تطرق الى خطة عمل المؤسسة لسنة 2019 والتي ستركز على المواضيع التالية: حياد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، عودة النازحين السوريين، الإصلاحات الإقتصادية واللامركزية الإدارية.

سمير الياس مخيبر

بدوره استهل سمير مخيبر، نجل الراحل الياس كلمته، بشكر ميقاتي “على كلمته كما على كونه صاحب فكرة تأسيس هذه المؤسسة”. وقال: “لو أراد والدي اليوم أن أحفظ شيئا واحدا من فكره فهو أن أكون ابن وطن اسمه لبنان”.

أضاف: “كثر هم الشباب الذين هم مثلي وطنيون، لا يريدون هجرة هذا البلد، إنما البقاء فيه، ليستثمروا كل قدراتهم فيه ويطوروه. هذه الفئة من الشباب والصبايا تعبت من أن تشهد سلطة سياسية تتقدم في السن لا تمثل طموحاتها ولا نظرتها الى المستقبل، ولا تمثل تمسك هذا الجيل بالمبدأ الجوهري الذي هو التعددية في لبنان، والتي تشكل ثروة ثقافية نتيجة العيش المشترك بين ال18 طائفة التي يتكون منها المجتمع اللبناني”.

وشدد على “أهمية وجود الشباب أكثر فأكثر في القطاعات المختلفة، مما يمكننا من جعل ذلك المستقبل المشترك حلما يتحقق”. وقال: “في مؤسسة الياس مخيبر نتعهد أن يكون صوت هؤلاء الشباب والصبايا مسموعا في كل مشروع نقوم به، واليوم إن وجودي الى هذه الطاولة هو أول إثبات لهذا الأمر”.

وختم: “لطالما ردد الياس مخيبر عبارة “ممنوع لبنان يشيخ”.

قربان

وبعد عرض وثائقي عن الراحل مخيبر أنتجه الدكتور زياد الصايغ، تحدث البروفسور أنطوان قربان الذي شكر المؤسسة على إسنادها اليه “مسؤولية التكلم عن صديق وعن شريك في الوطن وفي العمل الوطني، المرحوم الياس”، وقال: “تعرفت الى المرحوم الياس مخيبر في ساحات 14 آذار وأنا أفتخر بهذا. في تلك الساحات التي لم تكن حدثا سياسيا بل وطنيا، حدث ولادة المواطن، ولادة الوطن، ولادة الدولة غير القبلية. حدث 14 آذار الذي كان يوما تاريخيا مجيدا، حيث تصالح الشعب اللبناني مع بعضه البعض، هذا كان يوم المصالحة”.

أضاف: “للأسف القيمون السياسيون على الأحداث لم يحسنوا التصرف، ولم ينجحوا في استغلال هذا الحدث الكبير، ولكن هذا اليوم هو صدى من أصداء ذلك اليوم لان هذه المؤسسة بكل فخر تكمل هذه الرسالة، التي ليست صراعا على السلطة بل على بناء وطن ومواطن”.

وتابع: “لقد كرمت ذكرى الياس مخيبر في لوريان لو جور بعد وفاته ذاكرا آية من المزمور 92 من الكتاب المقدس، فلطالما اعتبرت أن الياس كان صديقا (مع شد الدال) صادقا: والمزمور يقول إن الصديق كالنخل يزهو وكالأرز في لبنان ينمي” ويضيف الكتاب: “ويزهر الصديق كالسوسن ويضرب أصوله كلبنان وتمتد ذراعاه ويكون بهاؤه كالزيتون وله رائحة كلبنان، يعود الساكنون في ظله يحيون حنطة، ويزهرون ويكون ذكرهم كخمر لبنان والياس كان صديقا”.

وقال: “ثقافة الياس مخيبر، ثقافة رومية، أي ثقافة المدينة، ثقافة الإطار الذي يجمع المختلفين، لأن المدينة هي الوطن المصغر وفي المدينة الثقافة الرومية التي كان يجسدها الياس مخيبر، وكان يعتبر نفسه كمسيحي ملتزم إبن الكنيسة وليس إبن الطائفة، وكإبن للكنيسة التزامه المسيحي، ليس الوجود المسيحي أو الدفاع عنه، بمعنى عدد ما، وإنما وجود المسيح في الشرق كله، أي وجود رؤية وقيم، وركيزتها الأساسية الفرد، لأنه، أي الفرد، حجر الأساس للمدينة، للوطن ولكل الأوطان، لذلك كان الياس مخيبر من أول الذين تصدوا للقانون الأرثوذكسي وكان آنذاك مكبلا بالمرض”.

وأضاف: “لأنه مسيحي ملتزم كان شجاعا مؤمنا بأنه في آخر الطريق هناك شيء يسمى القيامة، ولذلك لن يخاف الموت، بل الموت يخافه لأنه عندما يراه سيرى نور القيامة على وجهه فيحترق ويتلاشى. هذه هي الأساسات الأخلاقية لعمله السياسي، لأن أمورا عملية وليست طوباوية تترجم بالحيز العام. الياس كان من أكبر المدافعين عن حقوق الإنسان وكرامته والمساواة، كلها نابعة من قناعات روحية”.

وختم: “إن المؤسسة التي تنبت اليوم هي تأبيد لذكره، وهي التي ستكمل الرسالة، رسالة الياس مخيبر، وهذه بركة للجميع لا لفئة”.

الرياشي

وفي الختام كانت كلمة الرياشي الذي قال: “باسم الياس مخيبر الله معكم، الياس مخيبر الحاضر بيننا اليوم في هذه القاعة بروحه، ومعه البير مخيبر وبشير الجميل وكثر من شهدائنا الابرار وبيار الجميل وكثر من الابطال الذين سقطوا يوما لأجل لبنان، ومن الجاهزين للسقوط لأجل قضية لبنان. قضية لبنان هي قضية الحرية، قضية الديموقراطية، قضية احترام الآخر، مهما كان هذا الآخر مختلفا، ومحبة الآخر وشجاعة التواصل ومد اليد لهذا الآخر”.

أضاف: “كان ميخائيل نعيمة يقول، والذي استشهد به الياس منذ قليل، “لستم بحاجة الى هياكل تصلون فيها، فمن لم يجد في قلبه هيكلا لن يجد قلبه في اي هيكل”، وأنا أقول: لستم بحاجة الى وطن للحرية، ومن لم يجد في قلبه هذه الحرية لن يجد الحرية في اي وطن، وأضيف، الياس مخيبر هو غصن من هذا الجذع الضارب في عمق الارض المتنية واللبنانية، البير مخيبر. ألبير مخيبر ذاك الرجل العظيم الذي دخل مجلس النواب يوما وقال حيث لم يجرؤ الآخرون “أطالب بجلاء الجيش السوري عن لبنان”.

وتابع الرياشي: “أتذكر قبل ذلك التاريخ في العلم 1998 حين كنا الياس مخيبر وانا الى جانب البير مخيبر، وأتت ستريدا جعجع مع ادي ابي اللمع لزيارة بيت مري وكان الى جانب البير مخيبر باقة من الورود الحمراء، فنزع الباقة بكاملها من المزهرية وقدمها الى ستريدا قائلا لها: “هذه الباقة مني لك وللحكيم من قبلي”. فأجابته: “هذه الباقة من مكانها تصل الى الحكيم، اعتبر أنها وصلت محبة ووردا وسيادة وحرية للبنان”. وفي هذه اللحظة بالذات اقترب مني الياس هامسا: ما زلنا بحاجة الى وردتين، واحدة لي وأخرى لك”.

وقال: “كان الياس صاحب قلب كبير، صاحب نكتة جاهزة، صاحب ذكاء متوقد، صاحب حضور علمي وفكري وأكاديمي دائم، صاحب كاريزما شعبية نادرة ولكن من سلالة مستمرة، من جذر ألبير مخيبر”.

وأضاف: “لا أستطيع الإسهاب في الحديث عن الياس، لأنه صديق ورفيق عمر، لكني أستطيع القول إن أهمية هذه المؤسسة تكمن في أنها ستحقق أمرين وستمتلك أمرين: أولا ستمتلك قاعدة ومنصة تواصل للاحترام ولمحبة الآخر، للتعددية، لإلغاء شبه الدولة المتهالكة منذ زمن، والتي جربناها حتى في الحكومة وأهلكتنا أكثر، وأتعبتنا أكثر، وعانينا محاولة إيجاد قاسم مشترك بين طموحات تشبه القرن الحادي والعشرين وجسم، للأسف، يعود الى القرن التاسع عشر”.

وأكد أن “الياس موجود في هذا المكان بالذات، الياس مؤمن بهذا المكان بالذات، الياس كما يقول طاغور، كالعصفور، وإيمانه إيمان النسر الذي يعرف أن الفجر سينبلج قبل انبلاجه حتى، لكنه يكون متأكدا من أن الفجر سينبلج والشمس ستشرق”.

أضاف: “باسم مؤسسة الياس مخيبر التي لي الشرف أن أكون رئيسها الفخري، لي الشرف أن أكون دائما الى جانب هذه العائلة التي هي عائلتي والتي ترعرعت في منزلها، وتعلمت السياسة من مدرسة ألبير مخيبر. شرف كبير أن أقول لكم إن يدنا بيدكم لأجل لبنان أقوى وأفضل معا، يدا بيد، الى كل الشركاء والأشراف في هذا الوطن، وهم كثر، ولكن قد نرى في بعض الأحيان السيئ كرؤيتنا لنقطة حبر على ثوب العروس، بالرغم من ذلك يبقى ثوب العروس أبيض، وقلب العروس يبقى أبيض كثلج لبنان وأرز لبنان الذي ستزودنا به لينا لدى خروجنا من هنا، هو كهذا الثوب الأبيض وكثلج لبنان”.

وختم الرياشي: “كلمة أخيرة الى الياس مخيبر في الذكرى السنوية الأولى لغيابه: صديقي الياس، قد يأتي خريف كثير وتقع على قبرك أوراق صفر كثيرة، ويمر ثلج كثير، ويسقط ثلج على قبرك، وتأتي ذئاب كثيرة الى لبنان، في الثلج وفي الصيف وفي كل الأوقات، لكن عندما تنظر، كما تنظر مع الذين يجلسون أمامك هنا، ومن ضمنهم ترى سمير (نجل مخيبر) ستدرك أن لبنان باق ولا خوف عليه”.

غرسات أرز

ختاما، وزعت غرسات أرز على الحاضرين تخليدا لذكرى مخيبر، وشرب نخب المناسبة.