نظمت حصرون ورعيتها “اليوم الإحتفالي الكبير للعلامة المطران يوسف سمعان السمعاني”، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفي حضوره، في مؤتمر ثقافي بعنوان العلامة السمعاني علامة فارقة في تاريخ الكنيسة وحاضرها في قاعة القديسة حنة في حصرون. وحضر عضو تكتل “الجمهوريّة القوية” النائب جوزف إسحق وعدد كبير من المطارنة والأساقفة ورؤساء الرهبنات والاباء العامين، رئيس البلدية جيرار السمعاني واعضاء المجلس البلدي والمخاتير في البلدة وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير من قرى الجبة وبلداتها وكهنة ورهبان وراهبات.
وتولت لجنتا المرأة واليوبيل استقبال البطريرك والمطارنة والمشاركين في المؤتمر الذي استهل بالنشيد الوطني ثم كانت كلمة للمونسنيور طوني جبران عرف بها عن حياة العلامة السمعاني وسيرته والمسؤوليات التي تسلمها في العديد من المجالات، والإفتراءات التي تعرض لها.
وركز على “ثقة البابوات بشخصه لذكائه الحاد وحكمته ولإتقانه للعديد من اللغات.
ثم كانت مداخلة للبطريرك الراعي الذي إفتتح المؤتمر وتحدث عن العلامة السمعاني الذي حرص على إعلاء شأن الكنيسة المارونية متفوقا في إيمانه وعلمه وثقافته، متقنا الفرنسية والعبرية والسريانية والكلدانية والإيطالية والإنكليزية وغيرها، وكان مترجما لها. وكان رسولا الى عديد من البلدان. وعين أمينا للمكتبة الفاتيكانية ومستشارًا للكنائس الشرقية، ومقررًا في هيئات التوقيع الرسولي. وعينه الملوك في أوروبا مستشارًا في هيئة التفتيش في الكنيسة. وعين مؤرخا وقاضيا. وكان متفوقًا في خدمة الكنيسة المارونية وخدمته الأهم هي إعداده النصوص لمجمع سيدة اللويزة 1936 والذي يعتبره حتى يومنا هذا بدستور الكنيسة المارونية وكان متفوقا في مؤلفاته العديدة.
وختم بأن السمعاني رجل غير عادي وهو فخر الكنيسة المارونية ولبنان وحصرون ويستحق هذا التكريم في مئويته ال250”. وشكر بلدة حصرون وهنأها ب”العلامة السمعاني التي أنجبت العديد من المطارنة والبطاركة على كتف هذا الوادي المقدس.
بعد ذلك، كانت كلمة للنائب البطريركي العام على الجبة المطران جوزف نفاع بعنوان “كلنا سمعانيون” تساءل فيها “ما الممكن الذي يزيده على ما سمعه وقيل بالعلامة السمعاني. وقال: “الكلام يطول ولا ينتهي بالحديث عنه وأهم ما قاله فيه أنه مثال يحتذى في الحفاظ على الكيان والإرث الماروني. فالسمعاني برزت براعته في روما وهو إبن بيئة حاضنة هي المدرسة المارونية، والتي كانت لكسر الحصار وقد تأسست في حقبة من الزمن عاش فيها أجدادنا في زمن العثمانيين في عزلة. فالمدرسة المارونية ليست هروبا من لبنان بل تشديدًا على انها مارونية بإمتياز وقد عمل السمعاني بشكل دؤوب للإنفتاح وكان جسر عبور بين الشرق والغرب. فهو إبن المدرسة المارونية حيث تميز بالفلسفة والقانون والتاريخ وإدارة الأزمات فكان له وجود في كثير من المجالات والميادين. فلم يقبل يوما أن يكون عمله ناقصا وكان رائدًا”.
وأضاف: “السمعاني مغترب أصيل، فهو لم ينس يوما أرضه ووطنه، لقد عرف السمعاني أنه سرياني شرقي وماروني. ودعا الى أن نكون سمعانيين. فالسمعاني رسم لنا خريطة على العالم مع الحفاظ على الهوية ودعا في نهاية المؤتمر الى تحقيق الأحلام حتى لو إقتضى الأمر ذهابك الى آخر القارات في العالم وهكذا تكون سمعانيا”.
وكانت كلمة لحافظ المكتبة المارونية الفاتيكانية وأرشيف الكنيسة الرومانية للمطران جان لوي بروغيس، وقال: “أنا أشكركم على الدعوة التي وجهت إلي للمشاركة في هذا المؤتمر العزيز. تعود تسمية الكنيسة الى البابا فرنسوا الثاني الذي لم تمتد سيامته الى 5 سنوات وكانت توجد أقبية وأمكنة للترفيه ضمن أسوار الفاتيكان. وكانت الحاشية تتمتع بالنشاطات المسرحية. وقد أكد البابا أن الكنيسة في حاجة الى مكتبة لذلك حول المكان (جنان الورود) وهي أعظم مكان للمكتبة الحبرية، وهذا السر الذي قادنا الى إنشاء المكتبة وفيها المكتبة المارونية الفاتيكانية (السمعاني). المكتبة الفاتيكانية الحبرية هي مكتبة إنسانية ومنها يمكن ان نفهم شخصية السمعاني. الطابع الانسانوي للمكتبة يقدر بمفاهيم وطرق عدة، فتكون القسم اللاتيني ثم العبري ثم العربي الذي هو الأهم في يومنا الحاضر”.
وأضاف: “أريد أن أخبر أمرا نحن نعلم أن ما من علاقات ديبلوماسية بين الصين الشيوعية والكرسي الرسولي ولكن منذ 5 سنوات طلبت السلطات في بكين من المكتبة الفاتيكانية أن تعمل على توليف الأسر الحاكمة سابقا ضمن مجموعة واحدة. لذلك طلب من المكتبة التي تحتوي على آلاف المخطوطات ان تسمح للجمهورية الصينية إمكان ترقيم المخطوطات لذلك توجد ديبلوماسية الكتب. فالكتاب ليس بأمر مغلق، هو نافذة تسمح لنا بأن نرى العالم وأن نرى الخير فيه”.
وتابع: “لقد تحدثت عن الكنوز عندما إستدعاني البابا باح إلي بسرين، لقد كانت أمنيتي أن أتولى هذه المسؤولية والسر الثاني أئتمنكم على كنوز الكنيسة وجواهرها فكنوز الكنيسة هم القديسون والفقراء، ففي مكتبتنا نلتمس الإنسانية جمعاء. ففي مكتبتنا يحتل العقل الجهة اليمنى وفي الجهة اليسرى الإيمان. فالإيمان والعقل لا يتقدمان إلا بإستناد الواحد على الآخر”.
وقال: “لقد عاش السمعاني وأمضى حياته على هذا المنوال وطبعت شخصيته فيه. لقد دخل الى المكتبة صغيرا وكان متخصصا في اللغات السريانية والعربية. بقي السمعاني مرتبطا بالمكتبة الحبرية حتى وفاته وقد عين رئيس أساقفة صور. ونذكر أن مكتبته الخاصة لم ترد أن تستمر بعده فقد تعرضت لحريق صدم الإيطاليين. إن قدر كل المكتبات يمكن ان يكون مأسويا. لقد أدى السمعاني رسالة مهمة في خدمة الكنيسة وخدمة البشرية. ويقال أنه عرب العديد من الكتب الى العربية ونال ثقة البابوات وجلب العديد ممن المخطوطات القبطية والعربية والسريانية والتركية. لقد كان السمعاني الأول بين الشرقيين الذين تولوا مهمات الأدب اليوناني في عصره. في عصر الإستشراق عرف السمعاي كأول مرجع لكل الأدب اليوناني في تلك الحقبة. لقد كتب السمعاني جدولا من ثلاث مخطوطات يمكن أن يعتبر مرجعا بعد إجتياح نابوليون. وحصد له على الميداليات وقد أعيدت بعد مؤتمر فيينا، فيفضل جدول المخطوطات عرفنا ما هي الكتب التي كانت في المكتبة الحبرية.
وختم: “كان السمعاني من الأوائل الذين جعلوا المكتبة محورا للثقافة العالمية. فهو يعتبر نموذجا لمن يخدمون بهذه المكتبة من الناحية العلمية، كان محافظا على الصلابة الكنسية من خلال لباسه وحضوره. لقد نجح السمعاني أن يجعل الجسور بين الشرق والغرب والعلوم العلمية والإنسانية”.
وبعد إستراحة قصيرة، إستكمل المؤتمر بكلمة للمطران فرنسوا عيد الذي عرض لحال المخطوطات التي إستولى عليها نابوليون ولحال علماء الموارنة الذين بقوا في أوروبا وأصبحوا أساتذة جامعيين في جامعاتها وتراجمة وكتابا في اللغات الشرقية في مجالات وميادين عدة. وكان العلامة السمعاني هو من أشهر العلماء الموارنة وقد ذكر العديد من العمال الذين قاموا بها ومن بينها المدارس العديدة التي فتحوها في الشرق في القرى والأديار، وحتى في جميع المناطق في حلب وطرابلس ودير القمر من دون تمييز بين الناس.
ثم كانت مداخلة للمطران ناصر الجميل الذي شرح الدور النهضوي للعلامة السمعاني، مهنئا أهالي بلدته حصرون البلدة الشمالية التي تنافس بلدة إهدن في المدرسة المارونية في روما، فالبلدتان إهدن وحصرون تتزعمان الحركة الإنفتاحية في الكنيسة.
واعتبر العلامة السمعاني مبدعًا وعالمًا ومصلحًا، وأنه لا يمكن فهمه وقيمته إلا إذا وضعناه في البيئة آنذاك في أوروبا، فندرك فضله على العلم. ورغم المآخذ عليه بانه إعتمد اللاتينية أصبح فيما بعد لاعبا لدور مهم بين الللاتينية والسريانية.
وختم: “إننا ككنيسة مارونية نعيش في طلاق بيننا وبين ما كتبه السمعاني وإعتبر أن إستمرار كنيستنا وديمومتها لا يعود الى الوضع الإقتصادي لها ولا بكثرة مؤمنيها وقوتهم العسكرية بل الى الدور الثقافي الذي يؤديه أبناؤها على طول الأزمان”.
وإختتم المؤتمر بمداخلة للأباتي أنطوان ضو الذي تحدث عن السمعاني إبن حصرون مذكرا بأبناء حصرون وعلمائها، مطلقًا عليها اسم بلدة العلماء الذين نوروا الشرق والغرب بعطاءاتهم أمثال البطريركين عواد. وتوقف عند وادي القديسين وادي قنوبين الذي “تطل عليه بلدة حصرون التي تتنعم برائحة بخوره وعطر قداسته.
وتحدث عن الكتاب الذي جمعه عن يوميات السمعاني في المجمع اللبناني وعن الموارنة والفترات التي مروا بها ودور حصرون في إستقبال الموارنة وعلاقتهم بآل حمادة وباقي المذاهب وإستضافتهم وعلى رأسهم السمعاني.
وشكر المونسنيور جبران للمشاركين في المؤتمر وللحضور الذين حضروا الى حصرون من الإغتراب ومن الداخل اللبناني.
ثم وزع كتاب يوميات العلامة السمعاني في المجمع اللبناني للأباتي ضو والذي اصدرته لجنة اليوبيل.
أخبار متعلقة :