خبر

الخنشارة تحتفي بشعرائها: حناجر الأبناء “تقاوم” زمن الجفاف

كان السبت الفائت يوم المفارقات في بلدة الخنشارة المتنية: فقد توزع ابناء البلدة التي ترتفع ١١٠٠ متر عن سطح البحر بين حقل مستحدث للنسخة الثالثة من مسابقة سنوية في الرماية على الاطباق، وبين الطبقة السفلية لمبنى المجلس البلدي في السوق الرئيسي للبلدة، والمخصصة لمكتبة عامة تنشط في الآونة الأخيرة في جمع الاهالي صغارا وكبارا في نشاطات ثقافية وترفيهية.

هناك على الحدود المتاخمة لبلدة عين السنديانة صدى اصوات طلقات بنادق الصيد الاوتوماتيكية، وهنا في القلب النابض للبلدة، في المكتبة، استعادة لنشاط ثقافي كانت تتولاه جمعية ادبية رائدة في البلدة في منتصف القرن الماضي حملت اسم “الربى الخضراء”.

والمناسبة تكريم عدد من شعراء البلدة الذين تركوا مؤلفات لم توزع على نطاق واسع، لكنها أرخت لواقع البلدة المُعَاش في حقبات مختلفة من تاريخها الحديث. وقد حضرت اطياف المحتفى بهم الراحلين الذين سبقونا الى “هناك”، بحسب استاذ اللغة العربية المتقاعد ميشال اديب الرياشي الذي ادار الندوة، متحدثا في البداية عن نقطة التقاء بين الذين رحلوا “ومن بقي هنا… وبما انهم لم يعودوا بعد، فاللقاء مؤجل الى حين نذهب نحن اليهم”.

من المكرمين حضر واحد فقط هو القائمقام السابق الياس سليم رياشي (٨١ سنة)، فيما حضر فادي قاصوف “صوتيا” بقصائد مسجلة، وتولى مدير الندوة القاء قصيدة لأحد شعراء الجيل الجديد من شعراء البلدة وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال ملحم الرياشي او “رسول السلام” كما سمته المشرفة على المكتبة امال رياشي.

وطغت “القفشات” التي تشتهر بها القرى اللبنانية على النصوص المختارة التي تلاها اولاد الشعراء، او اقربائهم، او بعضهم بالصوت من مكان اقامته في الخارج.

البداية مع شعر شفيقة الهنود ألقته غادة رياشي وذكريات محببة عن استاذة اللغة العربية الراحلة التي خرجت اجيالا. ثم توالت القراءات لأنيس كنعان والاخوين جان وجبرايل رياشي والياس سليم رياشي واسد سماحة الذي ردد الحضور بيته الشهير “يا نجمة ال بالدار حاميكي اسد”، وايضا انطوان نعوم سماحة الذي قرأ له ابنه الراقص المحترف ايفان، وبهيج رياشي التي قرأت قصيدته عن الخنشارة صونيا القاصوف وجميل رياشي والبير سجيع رياشي وفادي قاصوف… وللكويت حصة مع اكثر المكرمين فكاهة في قصائده جبرايل الرياشي الذي امضى فيها فترة لا بأس بها من حياته، ولم ينس شكر “ابن العم القائمقام الياس” على اهدائه كتابه، علما ان الاثنين ينتميان الى “جب” (فرع خاص بالعائلة) آل جحي المعروف بفكاهته في البلدة. تحت مبنى البلدية كانت الاصوات اقوى من الطلقات في الجهة الجنوبية للبلدة، وكانت الحناجر “تقاوم” على طريقتها زمن الجفاف الشعري الذي نعيشه حاليا.