هيام القصيفي – الاخبار
بعد أزمة العلاقات بين لبنان والفاتيكان، يستعد السفير الجديد فريد الياس الخازن لتسلم منصبه، في أعقاب مجيء السفير البابوي الجديد الى لبنان جوزف سبيتيري في حزيران الفائت
بعد توتر هو الأول من نوعه في العلاقات بين لبنان والفاتيكان، وبعد تأخير إداري، يستعد السفير اللبناني الجديد الدكتور فريد الخازن لتسلم منصبه سفيراً في الفاتيكان بناءً على طلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«عدم اعتراض» وزير الخارجية جبران باسيل، علماً بأن الأخير كان منحازاً للسفير جوني إبراهيم الذي رفضه الفاتيكان واعترض على إصرار لبنان عليه وإثارة الموضوع إعلامياً. ومن ثم كانت لديه أسماء لم تنل رضى رئيس الجمهورية الذي اختار الخازن. كان الأخير قد أبلغ رئيس الجمهورية أنه لن يترشح إلى الإنتخابات (في أيار المنصرم) بسبب اعتراضه على قانون الانتخاب الجديد، فاقترح عليه عون منصب السفير في الفاتيكان، ووافق مجلس الوزراء قبل أن تتحول الحكومة الى تصريف أعمال. في هذا الوقت، كان الفاتيكان يتريث في إرسال سفير الى لبنان، اعتراضاً على تعامل لبنان معه وعلى تعيين سفير موقت لديه، حتى تبلغ تعيين الخازن، فأرسل موافقة سريعة خلال أسبوعين، طاوياً صفحة التوتر الفعلي مع لبنان، التي عبر عنها بدبلوماسية فائقة، وتأخير متعمد بإرسال السفير البابوي جوزف سبيتيري الى بيروت.
من الطبيعي أن تكون أولى مهمات السفير الجديد، كما يقول الخازن لـ»الأخبار»، تزخيم العلاقة مع الفاتيكان بعدما شهدت تراجعاً في الفترة الأخيرة، وإعادة مستوى الاهتمام الى سابق عهده. لأن الفاتيكان لا يريد شيئاً من لبنان، بل العكس. قد يكون الدولة الوحيدة التي تعطينا ولا تأخذ منا، وتريد تقديم كل مساعدة للبنان، كما كانت عادتها منذ سنوات طويلة، ولا سيما خلال سني الحرب الأهلية.
يبدأ الخازن الآتي الى الدبلوماسية من عمله الأكاديمي أستاذاً جامعياً، والسياسي في قرنة شهوان والنيابي في تكتل الإصلاح والتغيير، مهمته بمبادرة يعمل عليها، فـ»السفير إما أن يقوم بمبادرات أو يمارس عمله الدبلوماسي العادي»، لكن الخازن فضّل المبادرة ووضع تصوراً ينطلق من أمرين، «الأول، كلام البابا يوحنا بولس الثاني عن لبنان الوطن الرسالة، فإذا كنا كذلك، فما هي رسالتنا. وإن لم نكن، فكيف السبيل الى تحقيق ذلك؟ وأنا مقتنع بأن للبنان رسالة وخصوصية، ولا سيما في محيطه الإقليمي العربي والإسلامي. أما الأمر الثاني، فيأتي في سياق المشروع الذي أطلقه رئيس الجمهورية من على منبر الأمم المتحدة ودعا فيه الى أن يكون لبنان مركز دائم للحوار بين الحضارات والأديان والأعراق، مؤسسة تابعة للأمم المتحدة».
يعتبر الخازن أن التوقيت الحالي مناسب لهذه المبادرة وللتصور الذي سيعرضه في الفاتيكان، لأن لبنان «قادر على أداء هذا الدور في ظل الأوضاع الإقليمية المأزومة سياسياً ودينياً ومذهبياً واجتماعياً، والتوتر على مستوى العلاقات بين الدول ومكوناتها. فتجربة الحوار في لبنان غير مفتعلة، ولا يعني ذلك أن لا خلافات بين المكونات المسيحية والإسلامية، لكن تجربة الحياة المشتركة غير مفروضة على اللبنانيين من فوق».
من الطبيعي أن يكون الخازن قد عرض تصوره مع رئيس الجمهورية، وهو التقى قبل سفره المرجعيات الروحية والسياسية، وناقشه معها وما يمكن أن يساعد به الفاتيكان لبنان. «فالفاتيكان دولة لا تتدخل في السياسة مباشرة، لكن علاقاتها مع كل الدول التي تتمثل فيها من خلال دبلوماسييها، ما عدا السعودية التي بدأت معها حوارات وزيارات، تسمح لها بممارسة نفوذ كبير وتأثير إيجابي في ملفات دبلوماسية من دون طبل وزمر. إضافة الى الرغبة الفاتيكانية الدائمة بمساعدة لبنان ودعم كل مكوناته وحماية الاستقرار فيه».
وعن احتمال زيارة البابا فرنسيس للبنان ودعوته إليه، قال الخازن «تحليلي الخاص أن زيارة البابا لأي دولة تستدعي أسباباً كبيرة وأساسية، كما حصل خلال الزيارتين البابويتين للبنان سابقاً، والزيارات التي قام بها البابا الحالي تمّت هي أيضاً وفق موجبات أساسية. في لبنان اليوم، لا أخطار ولا أزمات طارئة، ولا مجازر ولا حروب تهدد وجود الإنسان فيه كما كانت عليه الأوضاع سابقاً. أي أن لبنان ليس مهدداً بالخطر على وجوده وعلى حياة الإنسان فيه. وهذا لا يمنع طرح زيارة البابا، علماً بأن الفاتيكان لا يبرمج زيارات البابا لدول في فترات زمنية متقاربة، سبق أن شهدت زيارة بابوية، وهو يحدد الأولويات وفق برنامج عمل مدروس، علماً بأن البابا فرنسيس مهتم بلبنان ويعرفه، ولديه علاقات مع رجال من الإكليروس الماروني واللبناني بفعل وجودهم في دول أميركيا اللاتينية».
يمثل الخازن الدولة اللبنانية في الفاتيكان، لكن هذا لا يمنع بحكم علاقته التنسيق مع المراجع الروحية، وفي مقدمها بكركي، «لكن أنا أمثل الدولة اللبنانية ومصالحها. من الأكيد أنني التقيت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وسائر المرجعيات الروحية المسيحية والإسلامية، هناك بعض التقاطع في العلاقات لما تمثله بكركي تحديداً، والطوائف التي لديها أديرة ومقارّ في روما، لكن أنا في النهاية سفير لبنان لدى الفاتيكان».