خبر

أزمة تشكيل الحكومة تتجاوز الخلاف على الحصص إلى صلاحيات الرئاسات؟

بعد مضي نحو شهرين على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة ، من دون أن يظهر أي بصيص أمل يوحي بولادتها في وقت قريب، قالت أوساط نيابية متابعة للإتصالات القائمة على خط مسار التشكيل، إن التعثر في عملية تشكيل الحكومة، لا يقتصر فقط على الحصص التي تطالب بها الكتل النيابية التي هي في غالبيتها مطالب محقة، وتراعي النتائج التي أظهرتها الإنتخابات النيابية لجهة تحديد نسبة المشاركة لكل كتلة في الحكومة وهي مسألة واضحة لا يمكن التنكر لها، ولو أن “التيار الوطني الحر” يحاول تظهير الخلاف على أنه يتعلق فقط بالحصص التي تطالب بها كتلتا “الجمهورية القوية” و”اللقاء الديموقراطي”، أو ما يسمى بالعقدة المسيحية والعقدة الدرزية.

لكن المصادر النيابية نفسها لفتت، عبر تصريحات إلى صحيفة “السباسة” الكويتية، إلى أن المواقف الأخيرة التي استتبعت ذلك وبالتحديد ما ركزت عليه مصادر القصر الجمهوري نقلا عن الرئيس ميشال عون ، وما أكد عليه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل من كفرذبيان في المهرجان الذي أقيم بمناسبة ذكرى إنتفاضة 7 آب، يشير بوضوح إلى اعتبار الأزمة القائمة، أبعد بكثير من وزير بالزائد ووزير بالناقص لهذه الكتلة أو تلك، لتضرب في عمق الصلاحيات التي منحها الدستور للرئيس المكلف، الذي عليه أن يختار أسماء حكومته وعلى رئيس الجمهورية توقيع مرسوم تشكيل الحكومة، وليس محاسبة رئيس الحكومة على كل فاصلة ونقطة وتحويله الى ماكان سائداً قبل الطائف.

ومن هنا يمكن أن يفسر الموقف الأخير الذي أعلنه مفتي الجمهورية الشيح عبد اللطيف بما يتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة، والذي كان قد سبقه إليه رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط برفضه المس بصلاحيات رئاسة مجلس الوزراء التي كلفت المزيد من الدماء لتحقيقها على حد قوله.

وذكرّت الأوساط المراقبة أن الرئيس المكلف قدم ما عنده من أفكار وطروحات بشأن التشكيلة الحكومية، وإن الرفض أتى من جانب رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الذي مازال يكابر في المطالبة بحقوق الذين فشلوا بتحقيق الإنتصار المطلوب في الإنتخابات ، وهو يسعى لإرضائهم بموجب النسب التي حصلوا عليها. كما هو الحال بالنسبة للنائب طلال أرسلان الذي جير له التيار ثلاثة نواب من كتلته كي يحق له أن يتمثل في الحكومة، على قاعدة من لا ينتمي الى كتلة من أربعة نواب لا يحق له المشاركة في الحكومات الثلاثينية، وهو ما حاول فريق “حزب الله” إبتداعه من خلال قيام ما يسمى بتجمع النواب السنة من خارج تيار “المستقبل” فيما هم بغالبيتهم ينتمون الى كتلتي “أمل” و”الوفاء للمقاومة”.

هذه العقد والفبركات التي بدأت تظهر بين الحين والآخر وخصوصاً المماطلة في لقاء الحريري – باسيل والمصافحة الفاترة التي ظهرت بين الرئيسين عون والحريري بمناسبة عيد الجيش، هي التي جعلت الأخير يضرب بيده على الطاولة ويقول كفى، أنا من يشكل الحكومة وليس غيري. ما يعني أن الخلاف بين الرئاستين الأولى والثالثة يتجاوز الحصص الوزارية ليصل الى صلاحيات الرئاسات، وربما للمطالبة بتعديل الطائف. فهل الوقت مناسب لهذه التعديلات؟ وهل الفريق المسلم مستعد للتنازل عما منحه إياه الدستور؟