خبر

القائد الـ14 لـ«اليونيفيل»: منحاز إلى إسرائيل أم إلى السلام؟

آمال خليل – الاخبار

 

 

أمام قائد القوات الدولية الجديد في الجنوب مهمّة شاقة بلا شكّ. تجربة الإيرلندي مايكل بيري لم تكن موفّقة مع انحياز الأخير التام إلى إسرائيل. فهل يستفيد القائد الجديد الإيطالي ستيفانو دل كول من تجارب أسلافه أم يغرق في رمال الجنوب اللبناني؟

يوم غد، يصبح الجنرال الإيطالي ستيفانو دل كول القائد الـ14 لـ«اليونيفيل»، خلفاً للجنرال الإيرلندي مايكل بيري، الذي أتم ولايته لعامين. دل كول، الذي انضم إلى كتيبة بلاده في «اليونيفيل» عام 2008، ليس غريباً عن الناقورة وجاراتها، وعُيّن قائداً للكتيبة الإيطالية وللقطاع الغربي في عامي 2014 و2015. حينها، كان الجنوب في «هدنة» مع القبعات الزرق، (في ظلّ ولايتين شبه هادئتين لمواطنيه الإيطاليين باولو سيرا ولوتشيانو بورتولانو)، فأي «يونيفيل» يتسلمها دل كول، وبأي أجندة؟

لم يعد لتغيير هويات قادة «اليونيفيل» وقع مؤثر جنوباً، بسبب تشابه الأداء الأممي. أثبت «الدوليون» أن أكثر ما يثير اهتمامهم هو انقضاء ولايتهم، من دون وقوع عدوان إسرائيلي على غرار ما حصل عند تولي الجنرال الإيرلندي وليم كالاهان قيادة قوات الطوارئ عام 1982. فيما عداه، لا يُتوقع الكثير من دل كول، الذي خَبِر كواليس المهمة وخطوطها الحمر. غير أن السؤال الأساسي، الذي يثير الاهتمام حول دل كول، هو إن كان الأخير يتنبه للفروقات الجذرية بين مهمة حفظ السلام في الجنوب ومهمات حفظ السلام التي شارك فيها حول العالم تحت الفصل السابع؟

من يراقب بعض الأداء اليومي لوحدات «اليونيفيل» المنتشرة جنوبي الليطاني، يستنتج دلائل على الإنحياز إلى إسرائيل. وعلى رأس هذه الدلائل، مشاركة قائدها المنتهية ولايته مايكل بيري في ما يعرف بـ«ذكرى شهداء الحروب التي خاضتها إسرائيل»، في فلسطين المحتلة، بالتزامن مع ذكرى مجزرة قانا الأولى في 18 نيسان الماضي. اللافت أن بيري الذي تباهى بمشاركته في الاحتفالات في جبل «هرتسيل»، على حسابه على «تويتر»، لم يكلف نفسه إزالة التغريدة أو الاعتذار من اللبنانيين. سلوك دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى رفض استقباله خلال جولته الوداعية على المسؤولين. في المقابل، منحه رئيس الجمهورية ميشال عون وساماً تكريمياً، في الوقت الذي لم يُصنّف بيري ما فعله كإهانة للبنانيين واستخفافاً بمشاعر أهالي شهداء مجزرة قانا على الأقل، بل «ممارسة لدوره بمساواة بين الطرفين»!.

«المساواة» نفسها دفعت «اليونيفيل» إلى عدم اعتبار تعديات العدو، قبل أيام، على الأراضي اللبنانية المتحفظ عليها في العديسة، خرقاً، بل «أشغال ضمن الخط الأزرق»، مع العلم بأن الجيش اللبناني طلب فوراً وقف الأشغال في جدار كفركلا – العديسة، بسبب خرق المنطقة المتحفّظ عليها!

على مدى سنوات، كان الغضب الجنوبي من تراكم السلوكيات المنحازة إلى «اليونيفيل» ينفجر بين الحين والآخر، إما بمقاطعة القوات الدولية من قبل بعض رؤساء البلديات والمخاتير والفعاليات، أو برفض دخولها إلى الأحياء السكنية في البلدات. وعلى الرغم من أن تنظيم الدوريات في الأزقة وتصوير المنازل والأهالي تسبّبا في وقت سابق بإشكالات عديدة، إلا أن بعض وحدات «اليونيفيل» تمسّكت بها.

آخر تجاوزات «اليوينفيل» ما حصل داخل أحياء مجدل زون (قضاء صور)، أول من أمس، مع دورية تابعة للوحدة السلوفاكية. فبحسب شهود عيان، لم يمتثل أفرادها لطلب الأهالي بمغادرة الأحياء ووقف التصوير، ما دفع بهم إلى ملاحقتها إلى الطريق الساحلي، فردّ عناصر الدورية بإطلاق النار في الهواء، ما استفزّ الأهالي الذين أوقفوا الآلية وصادروا أسلحة أفرادها وآلة التصوير، قبل أن يشعلوا النار في الآلية بالقرب من مقر الوحدة الإيطالية في المنصوري. الناطق باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي قال في بيان إنه «تم اعتراض الدورية من قبل مجموعة من المدنيين الذين ألحقوا أضراراً بآليات ومعدات اليونيفيل. وقد حضر الجيش اللبناني الى المنطقة، ومن ثم عادت دورية اليونيفيل الى قاعدتها. ولم يصب أحد من جنود اليونيفيل». الهدوء اللافت الذي اتّسم به بيان الناقورة والانحسار السريع لتداعيات الحادثة، لم يكونا كذلك في سلوفاكيا. وسائل الإعلام هناك تحدثت عن تعرض الدورية لهجوم من قبل مجموعة مسلحة، قبل أن يتمكن أفراد الدورية من الهرب من دون أن يصابوا بأذى.

هل سيتابع القائد الجديد سياسة الانحياز إلى إسرائيل كما كان سلفه؟ أم أن ديل كول سيكون قائداً لقوات هدفها حفظ السلام في الجنوب وليس حماية أمن إسرائيل، وبالتالي، عليه أن يرمي خلفه تجارب «الناتو» و«الفصل السابع» التي يستحيل صرفها في لبنان وجنوبه؟