مجزرة سعودية في الحديدة لتخريب خطة غريفيث… وتهديدات أنصار الله بالانتقام للمدنيين
إيران تضمن تسويق إنتاجها من النفط والغاز… وبومبيو يصبّ غضبه على كوريا
الحريري يؤجّل الحكومة لما بعد التطبيع السعودي السوري… المرجّح نهاية العام
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
الاختناق السعودي الناتج من الانتخابات الباكستانية التي تسبّبت بإرباك حسابات دول الخليج كلها، سواء في علاقات إيران داخل العالم الإسلامي من بوابة أكبر دولة إسلامية سنية، ونووية وفاعلة في ملفّات حساسة وتملك رصيداً من العمالة الضخمة في الخليج يجعل منها عنواناً من عناوين الأمن القومي لحكوماته، والآتي بعد تموضع تركي مقلق للسعودية، لم تستطع تحمّل النتائج التي خرجت من مناقشات مجلس الأمن الدولي حول اليمن، وما فيها من دعم لمساعي الحل السياسي التفاوضي على قاعدة وقف الحرب، وما يعنيه من قطع الطريق على مشروع الهجوم على الحديدة، في ظل خشية غربية من تداعيات هذا الهجوم باستهداف الملاحة النفطية في البحر الأحمر، ما دفع السعودية لارتكاب حماقة سياسية عسكرية تجسّدت في قصف الأحياء السكنية والأسواق في مدينة الحديدة بصواريخ ثقيلة ما أدّى إلى مجزرة مروّعة بحق المدنيين، ودفع بأنصار الله إلى التهديد بالانتقام للمدنيين. وهو ما يتوقع أن يؤدي لقصف صاروخي يستهدف منشآت استراتيجية في السعودية والإمارات.
على مستوى التجاذب المرتبط بالملف النووي الإيراني سجلت الأوساط المتابعة، تطوّرات هامة تتمثل بنجاح إيران في الوصول لترتيبات تجارية ومالية بالتعاون مع روسيا والصين وأوروبا تضمن تسويق إنتاجها من النفط والغاز، خصوصاً مع تشريع الرئيس الروسي لقيام شركات روسية في مناطق الأوف شور الروسية بتخطي العقوبات المصرفية في أعمالها التجارية، وتمسّك تركيا وباكستان بالمصادر الإيرانية لمستورداتهما من النفط والغاز، وحفاظ الصين رغم العقوبات على حصتها من النفط والغاز المستوردين من إيران. وفيما واصلت واشنطن غيظها من الانتهاكات التي تتعرض لها عقوباتها المفروضة على إيران، صبّت واشنطن بلسان وزير خارجيتها غضبها على كوريا الشمالية واتهمتها بالخروج عن تعهداتها السابقة، بينما يزور وزير خارجية كوريا الشمالية طهران الأسبوع المقبل.
لبنانياً، صار واضحاً الربط الذي أقامه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بين تأليف الحكومة والعلاقات اللبنانية السورية، حيث يحتل ملف النازحين والعلاقات التجارية بالعراق والخليج عبر سورية ودور لبنان في إعادة الإعمار في سورية، مكانة أولى في تطلعات اللبنانيين، ويرفض الرئيس الحريري علناً القيام بالاتصالات اللازمة التي تستدعيها المصلحة الوطنية، وقوله علناً ولو استدعت المصلحة الوطنية هذا التواصل فهو لن يقوم به. وتقول مصادر معنية بالملف الحكومي، هذا ليس الحريري الذي يتكلم والقطيعة مع سورية لم تأت بسبب قضايا تخصه أو تخص لبنان. وهو قد تجاوز ما يخصه ويخص لبنان من وجهة نظره في ذروة الأزمة، لأنه تلقى تمنياً من الملك السعودي، وزار دمشق
وأعلن علاقة استراتيجية بقيادتها، وتراجع عن اتهامها باغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، معلناً براءتها من الاتهامات. ما يعني طالما أن الحريري لم يطبّق النصف الثاني من كلامه عن إذا استدعت المصلحة الوطنية التواصل مع سورية فتشوا عن غيري، وهو يرفض الاعتذار عن تأليف الحكومة، فلا تفسير لتعطيل الحكومة سوى ربط تشكيلها بمعايير مقبولة، سوى تريثه لحين تطبيع العلاقات السعودية السورية وزوال الفيتو السعودي على ولادة حكومة لبنانية تسبق السعودية بالتطبيع مع سورية وتترأسها إحدى القيادات المحسوبة عليها.
الحريري يُكمِل انقلابه على عون…
خيّم الجمود التام يوم أمس، على مشهد التأليف الحكومي وسط غياب كامل لحركة الاتصالات واللقاءات عن بيت الوسط، في وقت غادر الرئيس المكلف سعد الحريري بيروت مساء أمس، في إجازة خاصة، وسبقه رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع الذي غادر برفقة زوجته النائب ستريدا جعجع في زيارة خاصة إلى الخارج.
وإذ تتجمّد الاتصالات الحكومية الى حين عودة الحريري وجعجع المفترضة منتصف الأسبوع المقبل، فشلت مشاورات ومفاوضات الأيام الأخيرة بحلحلة العقد، وإذ أكدت مصادر «البناء» أن «الحكومة دخلت في المجهول وقد يطول أمدُ التأليف حتى الخريف المقبل وأن الظروف الاقليمية لم تنضج لولادتها وما يجري من حراك داخلي لا يعدو كونه مناورات تفاوضية وسياسية»، أشار إعلام 14 آذار نقلاً عن مصادر مطلعة على ملف التأليف أن «العقد في مكانها وتزداد تعقيداً خاصة الدرزية منها، وعقدة «القوات اللبنانية»، مشيرةً الى أن «رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ليس ضد إعطاء «القوات اللبنانية» 4 حقائب ولكن المشكلة ليست عنده بل عند آخرين». في وقت أكدت مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ «أل بي سي» «تمسك الحزب بالوزراء الدروز الثلاثة ومن اخترع العقدة الدرزية يمكنه حلها». أما مصادر التيار الوطني الحر فأشارت لـ»البناء» الى أن «مطالبة القوات اللبنانية بخمسة مقاعد ليست سهلة التحقق، لكن الإيجابية المستجدّة تقتصر على اقتناع القوات، بأن نائب رئاسة الحكومة من حصة رئيس الجمهورية». ولفتت الى أن «التيار لا يضع فيتو على أي حقيبة، لكن مسألة منح القوات حقيبة سيادية تبحث مع الرئيس المكلف وليس من حصتنا». ونقلت المصادر عن الرئيس عون عتبه على الرئيس المكلّف بسبب أدائه في ملف التأليف، كما أبدت استغرابها الشديد «إزاء رفض الحريري التواصل مع الوزير جبران باسيل لمحاولة تذليل العقد في الوقت الذي يستقبل فيه الحريري كل الأطراف لا سيما رئيس القوات»، مشيرة الى أن «من واجب الرئيس المكلف أن يبادر للتواصل مع كافة الأطراف لتأليف الحكومة والوزير باسيل مستعدّ لتلبية الدعوة للحوار».
وفي وقت ترفض مصادر رئيس الحكومة التعليق على نتائج لقاءات الحريري الأخيرة، صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري الآتي: «يتداول بعض وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية معلومات منسوبة لمصادر بيت الوسط ولأوساط مقربة من الرئيس المكلف بشأن تشكيل الحكومة. يهمّ المكتب الإعلامي تأكيد عدم صحة ما يتم يتداوله، خلاف ما صدر ويصدر عن الرئيس الحريري وفريق العمل المكلف متابعة الشأن الحكومي».
وقد أظهرت مفاوضات الأيام الأخيرة تمسك الرئيس المكلف بمطالب الثنائي جعجع جنبلاط، وفقاً للحلف الثلاثي المستجدّ وتجاهل رئيس الجمهورية، الأمر الذي رأت فيه مصادر سياسية استكمال للانقلاب الحريري على عون بإرادة سعودية، وما يؤكد تثبيت هذا الحلف هو زيارة رئيس القوات الأخيرة الى بيت الوسط ثم زيارة النائب وائل أبو فاعور الخاطفة الى السعودية ثم قيام جنبلاط بإيفاد النائب هادي أبو الحسن الى معراب، ما فضح الخيط الرفيع بين مواقف القوى الثلاث الذي هو خيط سعودي، ما يعود بالذاكرة الى عشية الانتخابات النيابية حينما أبلغت السعودية المعنيين أنه بمعزل عن نتيجة الانتخابات فإن المملكة ستُعيد ترسيخ حلفها التقليدي في لبنان الحريري – جنبلاط – جعجع وبدا واضحاً تدرُّج مواقف جنبلاط السورية منذ أزمة النازحين ثم أحداث السويداء كجزءٍ من أوراق الاعتماد للمملكة، ثم تغريدات جعجع عن معركة الحديدة كجزء من الانخراط بالحلف مقابل حلف في الصراع القائم في المنطقة. وقد قالها نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بوضوح بأن قوى إقليمية تضغط لعدم تأليف الحكومة.
وتشير مصادر في 8 آذار لـ»البناء» الى أن «السعودية تضغط لإعادة حضورها في لبنان من خلال إجبار الحريري على الانقلاب على نفسه وعلى الذين ساعدوه في فك أسره من سجنه السعودي وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون، فكان المطلوب افتعال العقد الثلاث، عقدة مسيحية تتصل بالقوات وأخرى درزية تتعلق بجنبلاط وثالثة سنية ترتبط بالحريري وسنة المعارضة، بهدف تجويف نتائج الانتخابات والالتفاف على موازين القوى النيابية التي تظهّرت جلياً بانتخاب النائب إيلي الفرزلي بـ 80 صوتاً نائباً لرئيس المجلس النيابي». وتلفت المصادر الى أن «الفريق السعودي في لبنان يريد إما تأليف حكومة تؤدي الى فرط موازين القوى الجديدة أو منع التأليف لخلخلة عهد الرئيس عون أو ضرب الحكومة التي قال عون إنها حكومة العهد الأولى. وفي كلتا الحالتين تتحقق النتيجة المرجوة التي يسعى إليها هذا الفريق. فإذا تألفت الحكومة بناءً على شروط الحلف الثلاثي يعني نسف الموازين النيابية الجديدة وإذا لم تُؤلف، فينتهي الأمر الى إسقاط عهد عون وضرب الرئيس القوي وحكومة العهد الأولى».
وتحذّر مصادر 8 آذار بأن «البلد معلّق على لائحة الانتظار، حيث تم ربطه سعودياً بالصراع في المنطقة بهدف تجميع أوراق الضغط على إيران خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. والملف الحكومي أحد هذه الأوراق المستخدمة»، وتشير الى «أننا أمام مدى مفتوح في التأليف تتخللها مواقف طائفية لمنع حكومة أكثرية والحؤول دون انتزاع التكليف من الرئيس المكلف. وهنا يندرج موقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بهدف منح الرئيس المكلف الغطاء الطائفي لاستمراره في التكليف والتأليف كجزءٍ من منظومة الضغط على الرئيس عون».
وترى المصادر بأن «العلاقة مع سورية أحد أوجه الخلاف بين فريقي 8 آذار ورئيس الجمهورية من جهة وفريق 14 آذار من جهة ثانية. وهذا ينعكس على التأليف حيث من المعروف أن للحكومة أجندة وأولويات في إطار الإدارة السياسية للبلد، وأكبر مهمتين تواجهان الحكومة: التعامل مع سورية المنتصرة وفتح الملفات على مصراعيها لا سيما ملف النازحين السوريين».
وتؤكد المصادر بأن «حزب الله يراقب مسار التأليف، لكنه لا يتدخل بل يترك الأمر لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكن فريق المقاومة يراهن على تمرير مرحلة الضغط الدولي والإقليمي على محور المقاومة مع إدراكه بشكل دقيق موازين القوى في الإقليم والانتصارات التي يحققها في جبهات عدة ويعرف بأن الضغط الأميركي هدفه إجهاض نتائج نصر سورية والحديدة والالتفاف على توازنات العراق الجديدة. وبالتالي عندما ينجلي المشهد الإقليمي حينها ما لم يقبله فريق 14 آذار حكومياً الآن ومن خلفه السعودية، سيقبلون أقل منه الى ذلك الحين».
وفي سياق ذلك، غرّد النائب اللواء جميل السيد، عبر «تويتر»، بالقول: «كما هي، يرى بعض العرب بالرئيس عون حليفاً لحزب الله! اشتكى جعجع وجنبلاط بأن الحريري مستميت لرئاسة الحكومة وأنه سلم البلد للرئيس عون أي للحزب! تلقى الحريري إيعازاً بتلبية طلبات ج – ج في تشكيل الحكومة وإلا. انقلب الحريري على الرئيس عون تجنباً للقصاص ونام تأليف الحكومة».
على صعيد آخر، بدأت تداعيات تأخير تأليف الحكومة تنعكس على الملفات الحياتية والاقتصادية، لا سيما تفاقم أزمة الكهرباء وسط تقنين قاسٍ يطال مختلف المناطق اللبنانية، في حين دعت كتلة التنمية والتحرير ومكتب الشؤون البلدية في حركة أمل الى «وقفة احتجاجية استنكاراً للتعامل الجائر من كهرباء لبنان بحق مناطق الجنوب ». أوضح وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل أنه «جرى اجتماع تقني اليوم في مؤسسة كهرباء لبنان وسيتم نقل الباخرة من الجية إلى الزوق والتي ستصل وتبدأ العمل الأربعاء وستؤمن من 22 الى 24 ساعة تغذية».