خبر

باسيل في عين التينة والخرق الذي تسلّلت منه خطة 14 آذار الحكومية جرى إغلاقه

التزام تركي في سوتشي بإنهاء النصرة وتسليم الطريق الدولي للجيش السوري وتسهيل الحلّ السياسي

باسيل في عين التينة والخرق الذي تسلّلت منه خطة 14 آذار الحكومية جرى إغلاقه

الحريري يردّ على عون برفض أيّ علاقة مع سورية… والأمن العام ينقذ المصارف

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

يواصل المسؤولون الروس في سوتشي حياكتهم الهادئة للثوب التركي الجديد، بعدما نجح الجيش السوري بإيصال رسالته بالنار عن التحضير لعملية تستهدف جبهة النصرة وداعش في مدينة إدلب وريفها، في ظلّ التلكّؤ التركي عن تنفيذ تفاهمات أستانة وتحوّل الوجود التركي إلى احتلال غير مشروع للأرض السورية. فكانت محادثات سوتشي حول النازحين وإدلب مدخلاً لتجديد الالتزام التركي هذه المرة بخطة تتضمّن إنهاء «النصرة» وفتح الطريق الدولي بين حماة وحلب وصولاً إلى الحدود التركية وتسليمها للجيش السوري، وتسهيل الحلّ السياسي عبر دفع الجماعات المحسوبة على تركيا في تشكيلات المعارضة للانخراط بتسويات ميدانية مع الجيش السوري، وصولاً للمشاركة في العملية السياسية تحت سقف سوتشي، خصوصاً أنّ الهاجس التركي الذي صار ذريعة للبقاء في سورية، هو القلق من الانفصال الكردي، يبدو وقد سلك طريقه التفاوضي نحو تسليم مناطق سيطرة «قسد» للدولة السورية، ما يسمح بجدول تنفيذي للالتزامات التركية وصولاً للانسحاب من سورية بالتوازي مع تقدّم التفاهمات بين القيادات الكردية والدولة السورية.

الفرصة الممنوحة للأتراك محكومة بسقوف ومهل، وقد تشبه المهلة التي منحت للأميركيين في الجنوب وعندما انقضت كان الخيار العسكري جاهزاً. وكما صار على الأتراك وجماعاتهم التحسّب لضياع المهلة عليهم الاستعداد للاختيار بين مواجهة مع النصرة أو مع الجيش السوري وحلفائه، وفي حال واجهوا النصرة سيجدون الدعم من سورية وحلفائهم ويحجزون مقعداً في التسوية الشاملة في سورية، وفي حال اختاروا مواجهة سورية والحلفاء ستكون تجربة شبيهة بما حدث في الجنوب.

في لبنان، شكّلت زيارة رئيس تكتل لبنان القوي وزير الخارجية جبران باسيل، لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بمشاركة نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي فرصة لترميم الحلف الذي تصدّع عشية الانتخابات النيابية، وشكل تصدّعه الخرق الذي تسللت منه خطة الرابع عشر من آذار الحكومية للسيطرة على الثلث المعطل، بينما يشكل إغلاق هذا الخرق فرصة لإعادة التوازن للمفاوضات حول الحكومة، بحيث باتت اليوم أمام الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، أغلبية برلمانية من 74 نائباً هم 45 نائباً من قوى الثامن من آذار و29 نائباً لتكتل لبنان القوي، وهذه الأغلبية بالمعنى الدستوري معادلة الثقة التي تحتاجها أيّ حكومة لتحكم، وعليه أن يصغي لها وهي تقول، إنّ الحكومة يجب أن تعبّر عن نتائج الانتخابات النيابية، وإنّ حجم الرابع عشر من آذار مساوٍ لحجم الثامن من آذار، مقابل ثلث ثالث مساوٍ لهما يمثله تكتل لبنان القوي وحصة رئيس الجمهورية، فما هي صيغة الحريري لتمثيل متساوٍ لكلّ من الثامن والرابع عشر من آذار؟ وما هو جوابه على الرسالة التي وصلته من الأغلبية النيابية؟

هل يشكل كلام الحريري عن رفض حكومة الأغلبية رداً معناه أنه يعتبر حكومة الأغلبية هي الحكومة التي تطلبها الأغلبية؟ أم أنّ كلامه عن العلاقة مع سورية وقوله إنه لن يذهب إلى سورية مهما حصل، وإنْ استدعت المصلحة الوطنية ذلك فسيرفض ويقول فتشوا عن غيري، والردّ موجه ضمناً لرئيس الجمهورية الذي قال إنّ العلاقة بسورية مصلحة وطنية؟

يحتفل لبنان اليوم بعيد الجيش في ظل حكومة تصريف أعمال. فالآمال التي كانت معلقة على تأليف حكومة قبل الأول من آب بدّدتها غيوم الصراع السياسي أواخر شهر تموز. ويبدو أن الحكومة لن تبصر النور قريباً. كل فريق متشبث بمواقفه وفق ما تقتضيه مصالحه. وبينما يلمّح كثيرون الى رغبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتأليف حكومة أكثرية وأقلية، فإن الردّ جاء بالمباشر من الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أعلن في دردشة مع الصحافيين بعد ترؤسه اجتماع كتلة المستقبل أنه حصد 112 صوتاً ليس لينجز حكومة أكثرية، بل حكومة وفاق، والمشاورات حصلت باتجاه حكومة وفاق»، مؤكداً أن «المعيار الوحيد هو معيار الشراكة الوطنية. والأساس أن كل واحد يستوعب الآخر والمشاكل التي تواجه التشكيل»، مشيراً إلى أن «المشكلات التي تواجه عملية التأليف مفتعلة من كل مَن يضع العراقيل»، قائلاً «بعض المطالب محقة»، في إشارة الى مطالب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي.

وبينما كان منتظراً أن يحطّ النائب البتروني في بيت الوسط، التقى الرئيس المكلف المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، وكان توافق على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية. في حين أكدت مصادر التيار العوني لـ «البناء» أن لقاء الحريري باسيل سيحصل عندما يوجه الرئيس المكلف دعوة لرئيس التيار الوطني الحر، مشيرة الى أن القنوات مفتوحة بين تيار المستقبل وتكتل لبنان القوي عبر الوزير غطاس خوري والنائب الياس بوصعب، فما يهمنا لا يعد تجاوزاً للدستور أو إقصاءً لأحد، فكل ما نطالب به ضرورة اعتماد الرئيس المكلف المعايير الواضحة في التأليف، لا سيما أن كل تجاوب وتساهل من قبلنا لمطالب القوات، يقابلهما وضع معراب العصي في دواليب الحكومة من خلال لجوئها إلى فرض شروط على نوعية الحقائب وغير ذلك، وكذلك الحال مع النائب السابق وليد جنبلاط الرافض حقيقة أن انتخابات 6 أيار خلقت واقعاً جديداً على الساحة الدرزية سيأخذ بالحسبان عند تأليف الحكومة، في إشارتها إلى حق النائب طلال أرسلان بالتوزير.

وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الحكومة ليست مكافآت، بل هي تمثيل يجسد نتائج الانتخابات، والنتائج معروفة فضعوا قاعدة النتائج وليتمثل كل بحسب نتائجه. وعندها ننطلق في التشكيل من قاعدة موضوعية بدلاً من هذا التأخير الذي تفوح منه الأوامر الخليجية، التي تمنع تشكيل حكومة تتوازن مع واقع لبنان ظناً منهم أنهم قد يربحون بالسياسة ما خسروه في الحرب والانتخابات، محمّلاً «من يؤخر تشكيل الحكومة مسؤولية التدهور الذي يحصل في الوضع الاقتصادي وفي كل الأزمات الموجودة في البلد».

من ناحية أخرى، دخل الوزير باسيل إلى عين التينة بعد قطيعة طويلة بدأت قبل الانتخابات النيابية عقب وصف وزير الخارجية رئيس المجلس بـ»البلطجي» في أحد لقاءاته الانتخابية في البترون، معلناً أن «فن اللقاء أفضل من استراتيجيات الصراع مع التسليم بالديمقراطية التي تحكم لبنان وتقتضي شروط التمثيل والعيش السياسي اللذين يتمّ من خلالهما تشارك الحكم بميثاقية وطنية كاملة أساسها التفاهم الوطني». وشدّد باسيل على أن «البحث تطرّق إلى تأليف الحكومة وملف النزوح»، مختصراً اللقاء بأنه «لقاء الخير».

وشدّدت مصادر أمل لـ»البناء» على أن زيارة باسيل الى عين التينة جاءت نتيجة مساعي أطراف عدة ترتبط بعلاقة جيدة بالطرفين، مشيرة إلى أن الزيارة طوت الصفحة الماضية وعادت العلاقة الشخصية الى سابق عهدها، مؤكدة أن التوافق على الثوابت الاستراتيجية بين الحركة والتيار موجودة في السابق ولا تزال لا سيما العلاقة مع سورية ومقاربة ملف النازحين وأن الخلاف على بعض الملفات الداخلية لن يؤثر على هذه العلاقة، مشيرة الى أن الرئيس بري كرّر أكثر من مرة أنه لم يصوّت للرئيس عون في انتخابات الرئاسة، لكنه سيكون داعماً للعهد في سبيل المصلحة الوطنية.

وأمل رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية «أن يوفق الرئيس نبيه بري بمساعيه في هذا الإطار للوصول الى الحلّ المطلوب». ولفت الى أن «تشكيل الحكومة يواجه عقبات والبلد يحتاج الى إيجابية. وهذه المنافسة السلبية التي ما زلنا نعيش فيها منذ سنين هي المشكلة، حيث نلجأ بكل شيء الى السلبية للحصول على مطالبنا»، مشدّداً على أن «معالجة الوضع الاقتصادي تحتاج إلى دولة ومقوماتها و«نفضة».

وفي سياق الحرب المستعرة على جبهتي الرابية المختارة، شنّ النائب السابق وليد جنبلاط، هجوماً على باسيل ووزير الطاقة، مستشهداً بخطوة إقالة وزير الطاقة العراقي الذي هدر 40 مليار دولار»، قائلاً «البنك الدولي ينصح لبنان بالتخلي عن البوارج العثمانية وبناء معامل». متسائلاً «أليست هذه فرصة أيضاً لإقالة الوزير الحالي ومعلمه لحل عقدة الوزارة والكهرباء معاً، وأرقام الهدر تتساوى تقريباً بين العراق ولبنان؟»، علماً ان جنبلاط نفسه يعي ان الوزيرين جبران باسيل وسيزار ابي خليل هما في حالة تصريف الأعمال، إلا أن تغريدته أتت، بحسب المقربين منه، لتؤكد المؤكد أن الأمور على حالها، وأنه لن يتراجع قيد أنملة عن مطلبه.

واشارت مصادر بري لـ»البناء» إلى أن رئيس المجلس بانتظار تأليف الحكومة ولن يدعو الى جلسة تشريعية في الوقت الراهن كي يؤثر على مسار التأليف، لكن في حال طال أمد ولادة الحكومة، فإنه قد يلجأ إلى هذا الخيار كي لا تترك البلاد من دون مؤسسات فاعلة تواجه الازمات وتواكب الاستحقاقات لا سيما المالية والاقتصادية. وبالتالي يمكن ان يسد المجلس النيابي بعض الفراغ الحكومي حتى تولد الحكومة الجديدة مؤكدة بأن المجلس يحق له التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال ولا يمنع الدستور ذلك.

ولفتت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» إلى أن التكتل سيكون مؤيداً للتشريع خلال مرحلة تصريف الأعمال إذا قرّر بري الدعوة الى جلسات عامة لهذا الشأن، من منطلق أن الوضع يستوجب إقرار مشاريع واقتراحات عدة لمواجهة التحديات.

وفي سياق آخر، في ذكرى شهداء الجيش أكد الرئيس العماد ميشال عون أن لا شيء يعوّض خسارة الاستشهاد سوى متابعة النضال في سبيل الوطن الذي حلم به شهداؤنا واستشهدوا من أجله. وأكد قائد الجيش في أمر اليوم، متوجهاً الى العسكريين بالقول «أدعوكم إلى مزيد من اليقظة للحفاظ على جهوزيتكم الكاملة، وضمان وحدة الوطن وسلامة أراضيه وسلمه الأهلي. وإذا كان لبنان قد حقق نصراً حاسماً على الإرهاب، فإن ذلك لا يعني إطلاقاً أنه أصبح بمأمن. فالعدو الإسرائيلي هو المستفيد الأول من الإرهاب في المنطقة، وعينه على أرضنا وثرواتنا الطبيعية، وهو لن يوفر فرصة إلا وسيحاول من خلالها تحقيق أطماعه، لكن لبنان القوي بجيشه المحصّن بشعبه، سيدافع عن حقه في أرضه وكيانه وثرواته، وسيتصدّى لأي محاولة لمسّها أو الانتقاص منها مهما غلت التضحيات».

من ناحية أخرى، نجح الأمن العام اللبناني في تسجيل إنجاز جديد بالتعاون مع الاستخبارات العراقية عبر توقيف شبكة مؤلفة من عراقيين تقوم بتزوير وثائق حول أرصدة مفترضة بملايين الدولارات ونشر أخبار ملفقة بغرض ابتزاز عدد من المصارف اللبنانية.

وأكد مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم أن «حجم الاستهداف للمصارف اللبنانية بلغ حوالي مليار دولار»، مشيراً الى أن «الشبكة مؤلفة من عراقيين ولبنانيين، دور العراقيين أساسي فيما اللبنانيين ثانوي». وأوضح ان «التحقيقات في العراق يجب أن تكشف عن هذا الاستهداف للقطاع المصرفي في لبنان».