ملاك عقيل – الجمهورية
يفضّل الرئيس سعد الحريري الوقوف الى يسار رئيس الجمهورية ميشال عون في إحتفال الذكرى الـ 73 لعيد الجيش في الفياضية بعد أيام بصفته رئيس حكومة وليس رئيساً مكلّفاً، وخلفه «طاقم» حكومة ما بعد الانتخابات وليس وزراء تصريف أعمال. المؤكّد حتى الآن أنّ العراقيل أكبر من أن تُحلّ بأيام. المتشائمون يذهبون الى أبعد من ذلك «ربما يحتفي العهد بعامه الثاني في 31 تشرين الأول بلا حكومة»!
على رغم كل ما أشيع عن توزيع ملفات ومحاور عمل داخل «التيار الوطني الحر» تسهيلاً لمفاوضات تأليف الحكومة، خصوصاً على خط بعبداـ «بيت الوسط»، لا يزال رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل يُمسك «بيد من حديد» تفاصيل «تفاصيل» الملف الحكومي.
يقول القريبون من باسيل: «صعوبة الالتقاء المباشر بينه وبين الرئيس المكلّف حتّمت توزيع المهمات وليس «سوء» العلاقة مع الأخير.
منذ البداية حاور باسيل الرئيس المكلّف بصفته مفاوِضاً عن تكتل «لبنان القوي» وعن «حصة» رئيس الجمهورية، محدِّداً بطريقه «أحجام» القوى السياسية الأخرى بما في ذلك «القوات اللبنانية» وحجم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط داخل «الحكومة الفعلية» للعهد. لم تكد تمضي أيام قليلة على انطلاق المشاورات حتى أدرك الحريري أنه أمام عقدة أساسية إسمها، ليس العُقدة المسيحية، بل «عُقدة عون-جبران»!
آخر أخبار التأليف لا تبشّر بولادة قريبة، فالعُقد على حالها وأشدّها وجعاً للرأس الدرزية ثم المسيحية. قبل أيام إستشعرت «القوات» هبّاتٍ إيجابية مصدرها بعبدا في ما يتعلق بتقبّل عون وباسيل للمطالب القواتية في الحكومة.
بعد لقاء وزير الإعلام ملحم الرياشي مع رئيس الجمهورية في بعبدا أمس كان لافتاً صدور موقف هو الأوّل من نوعه بُعيد إنتهاء إجتماع تكتل «لبنان القوي» حيث أعلن كنعان أن ليس هناك أيّ «فيتو» على إسناد حقيبة سيادية لـ«القوات اللبنانية» أو على عدد الوزراء»، داعياً الى «التوقف عن النفخ في العُقدة المسيحية». وقد كان لافتاً قوله: «نحن نُسهّل، ولا يُطالبنا أحد بأكثر من ذلك!».
يكمّل الصورة ما توافر من معلومات في الساعات الماضية عن تبلّغ الحريري موافقة عون وباسيل على منح «القوات» أربع وزارات بينها حقيبة سيادية، والبقية حقائب «دسمة» بينها واحدة «خدماتية»!
في الشكل، وُصفت هذه التطورات لدى «القوات» بـ«التسهيلات الإيجابية من جانب العهد». المطّلعون أكّدوا أنه لم يَجرِ البحث في نوعية الحقيبة السيادية، لكنّ «القوات» متسمرّة عند مطلب لا تزيح عنه: أما «الخارجية أو «الدفاع» وإلّا لا حكومة… والحريري على الموجة نفسها!» وعلى رغم وجود باسيل في لبنان من ضمن مروره السريع بين محطتي موسكو وواشنطن، فقد كان لافتاً ايفاد الرياشي الى بعبدا وليس الى لقاء مع وزير الخارجية في ترجمة حرفية للفصل الذي تتبعه «القوات» بتفضيلها التنسيق المباشر مع عون وليس باسيل.
مع ذلك، تشعر معراب بأنّ «التسهيلات» تكاد تكون «مفخّخة» وغير واقعية، لعلمها أنّ باسيل لا يزال يرفض بنحو قاطع إسنادَ حقيبة سيادية الى «القوات» إضافة الى الفيتو «البرتقالي» على إبقاء وزير قواتي نائباً لرئيس الحكومة.
ويبدو رئيس الجمهورية، في هذه الحال، كـ «كاسحة ألغام» أمام باسيل يزيح من طريقه كافة العوائق التي تصوّره كأنه المسؤول الأوّل عن تكبيل حركة الرئيس المكلّف وصولاً الى منعه من إعداد المسودّة الوزارية الرسمية الأولى وتقديمها الى عون، والأهمّ تطمين الحريري الى أن «لا أحد في وارد سحب التكليف منك».
وقد تحرّك باسيل عل خط الإيحاء بالقبول بجزء كبير من المطالب «القواتية»، وبالتالي «ترييح» الحريري الى أنّ العُقدة الأم ليست «عونية»، مع تسليمه بأنّ حلّ العُقدة الدرزية لا يزال مستعصياً. في الوقت الضائع، يحاول باسيل إستمالة الحريري الى ملعبه وتعويض ما خسره من خلال تبنّي «بيت الوسط» الواضح للحصة «القواتية» في الحكومة ولوجهة نظر معراب في شأن المسؤول عن «خرق» التفاهم العوني ـ القواتي.
لكن وفق المعلومات، قوبل «عرض» الحريري الأخير لحلّ العُقدة الدرزية برفض عون. تمسّك الرئيس المكلّف بالثلاثية الدرزية في الحكومة من حصة جنبلاط، داعياً عون المصرّ على توزير النائب طلال إرسلان الى منحه حقيبة ما يرفع عدد الوزراء الدروز في الحكومة الى أربعة، وينقّص الحصة المسيحية الى 14. ردّ فعل الأوّل لعون على الاقتراح «هل هكذا أستعيد حقوق المسيحيين!؟»
وفق المطلعين، العُقدة الدرزية تبدو الأكثرَ صعوية. فجنبلاط الذي عوّد الطبقة السياسية على تقلّباته المفاجئة في السياسة من غير الوارد لديه التنازل، لأوّل مرة، عمّا يعتبره «حقاً مشروعاً» غيرَ قابل للتفاوض عليه. في المقابل «سائق» كاسحة الالغام لن يتراجع: «كتلة نواب الجبل» تستحق وزيراً درزياً من حصة رئيس الجمهورية». أما سنّياً فعون وباسيل يرميان «المشكلة» على الحريري «فليحلّها بنفسه».