خبر

عن «حزب الله» وبري والسيّد

عماد مرمل – الجمهورية

 

 

ليس خافياً انّ الكيمياء وكل أشكال التناغم الأُخرى مفقودة بين حركة «أمل» والنائب اللواء جميل السيّد، منذ ان كان «اللواء» مقيماً في السلطة وصولاً الى مرحلة ما بعد خروجه منها. ولكن المفاجئ هو أن تنفجر «خزانات» الاحتقان بهذه الحدة وفي هذا التوقيت بالذات، بعدما كان السيّد قد خاض الانتخابات النيابية على لائحة مشتركة مع «حزب الله» و«أمل»، ثم بادر بعد فوزه الى زيارة الرئيس نبيه بري في عين التينة، ما أوحى بأنّ «الجليد الساخن» قد انكسر بين الرجلين، ليتبيّن لاحقاً انّ هذا الإنطباع لم يكن في محله.

والمُحرَج، بل المتضرر الأكبر، ممّا يجري هو «حزب الله» الذي يربطه «حلف مقدس» ببري وتجمعه علاقة وثيقة مع السيد. وكما هي العادة عند اندلاع الحرائق في البيت الداخلي، يتجنّب «الحزب» ان يصبّ الزيت على النار ويُسارع الى بذل أقصى جهده لإخمادها، وغالباً ما يفعل ذلك بعيداً من الاضواء، متكتّماً على ما لا يستطيع البوح به علناً، ومحتفظاً في فمه بكثير من الماء الممزوج بالمرارة.

ومن المعروف انّ الحزب يعطي الاولوية الكاملة لمبدأ تحصين الساحة الشيعية ومنع إحداث أي شرخ في صفوفها، في اعتبارها خزان المقاومة وبيئتها الحاضنة، وهو يعرف جيداً انّ محاولات كثيرة جرت في الماضي القريب والماضي، وستجري في المستقبل لاختراق هذه الساحة والعبث بوحدتها ونسيجها الاجتماعي، تماماً كما حصل عشية الانتخابات النيابية، ومن بوابة البقاع تحديداً، حين واجه الحزب حملة منظّمة سَعت الى الايقاع بينه وبين جزء من الجمهور الحاضن له، عبر استغلال نقاط الضعف الانمائية في بعلبك ـ الهرمل وتحميل الحزب المسؤولية عنها.

لكن الحزب نجح آنذاك في استدراك الوضع قبل استفحاله، وبادر الى شنّ هجوم إعلامي وسياسي مضاد مكّنه من سد الثُغر في جبهته الداخلية وإعادة رص صفوفها تحت مظلة دعم المقاومة، ما سمح للائحة «الأمل والوفاء» بأن تربح 8 مقاعد نيابية من اصل 10. وبهذا المعنى، فإنّ ما أنجزه الحزب بالتحالف مع «أمل» خلال الانتخابات عموماً من نصر سياسي وتماسك شعبي لن يقبل بأن يخسره تحت وطأة «حرتقات» مناطقية وسجالات جانبية في الصف الاستراتيجي الواحد، وما لم يتمكن خصومه الداخليين والخارجيين من تحقيقه تحت الضغط، لن يسمح بأن يحصلوا عليه مجاناً أو أن يُقدّم لهم هدية على طبق من فضة.

وعلى هذه القاعدة، يتحرك الحزب في الكواليس لتطويق الاشتباك الكلامي بين السيّد و«أمل» واحتواء تداعياته، آخذاً في الاعتبار أنّ المرحلة لا تتحمّل تضييع البوصلة وخربطة الاولويات، وأنّ المعركة لا يجب أن تكون في أروقة البيت الداخلي، بل ضد سياسة الاهمال والحرمان التي ظلمت البقاع تاريخياً.

وينطلق الحزب في مسعاه من الركائز الآتية:

– الرئيس نبيه بري هو خط أحمر وليس مقبولاً أيّ تعرض له. وكما انّ الحزب انحاز الى جانب رئيس المجلس حين تعرض لهجوم الوزير جبران باسيل، فهو يقف الى جانبه بالتأكيد هذه المرة أيضاً.

– انّ التحالف بين «حزب الله» وحركة «أمل» ثابت وصلب، وغير قابل للاهتزاز او للتأثر بأيّ عوامل مستجدة، وبالتالي لا يمكن المساس به في أي ظرف.

– انّ اللواء جميل السيّد هو نائب مستقل عملياً وليس عضواً في كتلة «الوفاء للمقاومة»، وبالتالي فإنّ ما يصدر عنه يعكس رأيه حصراً، وليس صحيحاً انّ هناك توزيع أدوار بينه وبين الحزب.

– ضرورة وضع حد فوري للسجال، خصوصاً مع وجود جهات قد تستغله وتستثمره لخدمة أجندتها، علماً أنّ المتدخلين في معركة مواقع التواصل الاجتماعي ليسوا جميعاً من مناصري «أمل» أو السيّد، بل انّ هناك «متطفلين» و«مدسوسين» يتعمّدون النفخ في نار الفتنة.

وفي المعلومات انّ قيادة «حزب الله» أبلغت الى بري رسالة واضحة مفادها انّ موقف النائب السيّد لا يمثلها، كما أنها تواصلت مع «اللواء» في سياق السعي الى التهدئة وإعادة تصويب مسار الامور.