أكَّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّه مصمِّم على ممارسة الصلاحيات التي حددها الدستور لرئيس الجمهورية من دون زيادة ولا نقصان، وذلك انطلاقاً من القسم الذي أدّاه والخطاب الذي حدَّد فيه توجّهاته خلال ولايته الرئاسية.
وجدد عون التزامه اتفاق "الطائف"، داعياً إلى تطبيقه "من دون انتقائية واحترام مبادئ وثيقة الوفاق الوطني التي تحمي الوحدة الوطنية وتصونها وتحقق التوازن بين مكونات المجتمع اللبناني كافة".
وأبلغ رئيس الجمهورية وفد الرابطة المارونية برئاسة النقيب أنطوان قليموس الذي استقبله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا أنَّه لا يمكنه أن يتغاضَى عن المخالفات القانونية التي تحصل، لافتاً إلى أنّ "من يعرقل مسيرة الإصلاح لا يريد الخير للبنان واللبنانيين، كما لا يريد بناء دولة القانون والمؤسَّسات".
وقال: "إذا تخلى الحاكم عن الدستور والقوانين ماذا سيكون البديل لاتخاذ القرارات وادارة شؤون البلاد؟". وشدد على أنّ "الشارع لم يكن يوماً مكاناً لحل الخلافات السياسية، بل المكان الطبيعي هو المؤسسات الدستورية لأن اللجوء الى الشارع يؤذي الاستقرار الذي ينعم به لبنان وسط جواره المتفجر"، لافتاً الى أنّ "ما حصل في اليومين الماضيين يجب ألا يتكرر".
وقال عون: "سأبقى أعمل على تمتين الوحدة الوطنية مهما كانت العراقيل التي يضعها البعض أمامي، لأنِّي أدرك أنّ هذه هي رغبة اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وخياراتهم السياسية ولن نوفر جهداً إلا ونبذله في سبيل تلبية هذه الرغبة ولتحصين الموقف اللبناني في مواجهة التحديات على أنواعها وآخرها ما قاله اليوم وزير الدفاع الاسرائيلي عن البلوك رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية الذي لزّمه لبنان لأنّ مثل هذا الكلام يشكل تهديداً مباشراً للبنان ولحقّه في ممارسة سيادته الوطنية على مياهه الاقليمية، يُضاف الى سلسلة التهديدات والانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقرار 1701 في الجنوب".
وكان النقيب قليموس القى كلمة في مستهل الزيارة أكّد فيها على وقوف الرابطة المارونية الى جانب رئاسة الجمهورية إعلاء لمنطق الدولة الذي هو الاساس، رافضاً أن يكون الشارع مكاناً لبتّ الخلافات السياسية وردود الفعل عليها.
بيان الرابطة المارونية
وبعد اللقاء، أذاع النقيب قليموس بيان الرابطة المارونية، وفيه: "إن لقاء الرابطة المارونية بفخامة الرئيس جاء بناء على طلبها لعرض القضايا الوطنية، ولتأكيد ثقتها بحكمة رئيس الجمهورية في قيادة البلاد نحو الافضل وإيجاد حل لملف النازحين السوريين باعتباره اولوية ضاغطة.
إنّ الرابطة فوجئت كما جميع اللبنانيين بالمنحى الذي اتخذه السجال السياسي على خلفية مرسوم ترقية الضباط، وما كشفه من ثغرات سببها عدم الوضوح في الدستور أحياناً ووجود نوايا لدى البعض لتكريس اعراف بقوة الامر الواقع تناقض مبدأ الفصل بين السلطات وروحية الميثاق الوطني. وبمعزل عما ورد على لسان وزير الخارجية من كلام مؤسف بحق رئيس مجلس النواب الذي نحترمه بما يمثل ومن يمثل، تعتبر الرابطة المارونية أن الخطاب يقابله خطاب والخطأ لا يقابله خطأ أكبر. ولقد قيل الكثير سابقاً في حق البطريركية والطائفة المارونية وغيرها ولم تحصل ردّات فعل عنيفة في الشارع كالذي شهدناه. وبالمقابل، أن تجري استباحة الامن وترويع الناس وقطع الطرقات، فهذا أمر مرفوض يستوجب تحرك الاجهزة الامنية والقضائية ويستدعي العودة فوراً الى لغة الحوار وسحب فتيل الازمة من الشارع. فالاعتراض على أي أمر هو مبدأ ديموقراطي يمارس في اطار دستوري وحضاري، أما ممارسته في الشارع في ظل شعور بفائض القوة، فهذا أمر مرفوض ولقد آن الاوان لوضع حد لاستخدام الشارع لتجييش العصبيات او تصدير الخلافات الى بلاد الاغتراب، إذ إننا اليوم أحوج ما نكون لوقف التشنج ومعالجة قضايا الناس المحقة وفي مقدمها حل ازمة النفايات وتوفير فرص العمل لآلاف الشباب وإجراء انتخابات نيابية نزيهة وتثبيت منطق الدولة القوية والحاضنة لجميع مكوناتها. إننا على ثقة بأن فخامة الرئيس عون الذي تعالى عن كل الاساءات التي طاولته لن يسمح بكسر هيبة الدولة، وهو في الوقت نفسه حريص على كرامة جميع اللبنانيين وعلى حماية صيغة العيش المشترك والاستقرار الوطني".
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة
الى ذلك، كانت لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لقاءات وزارية تناولت عدداً من المواضيع الصحية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، استقبل عون نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني الذي أوضح انه وضع رئيس الجمهورية في اجواء مشاركته في منتدى الاقتصاد العالمي في مدينة دافوس، وما دار من مواضيع ونقاشات تناولت قضايا الساعة.
كذلك اطلع حاصباني الرئيس عون على مسار النقاش في موضوع تمويل البنك الدولي للقطاع الصحي والذي تبلغ قيمته 150 مليون دولار، واصبح من الضروري البت به نظرا لآثاره الايجابية على الخدمات الصحيّة بشكل عام، اضافة الى الاطر الادارية المتصلّة به بهدف الاستفادة القصوى منه خلال السنوات الخمس المقبلة. واشار الى ان هذه الاطر سوف تكون النموذج لكيفية جعل لبنان يستفيد من دعم مماثل ويضعه موضع التنفيذ من خلال ادارة رشيدة ومؤسسات فاعلة.
وقال حاصباني إنّ البحث تناول أيضاً الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة.
وزير الصناعة مع وفد
وزارياً أيضاً، استقبل عون وزير الصناعة حسين الحاج حسن مع وفد من المسؤولين في الوزارة وجمعية الصناعيين اللبنانيين ومعهد البحوث الصناعية ومؤسسة " ليبنور"، حيث قدّم الوزير عرضا مفصلا للواقع الصناعي الراهن مشيرا الى الصعوبات التي تواجه الصناعة اللبنانية والى تراجع الصادرات. وقدّم الوزير الحاج حسن للرئيس عون تقارير تضمّنت مؤشرات الميزان التجاري (حركة الاستيراد والتصدير)، والدراسة المقارنة حول التبادل التجاري بين لبنان ودول الاتحاد الاوروبي، وتقرير عن العوائق التقنية التي تفرضها بعض الدول على الاستيراد، وتقرير عن المناطق الصناعية الحديثة، والخطة التشغيلية لوزارة الصناعة لعام 2018، والخطة الاستراتيجة لوزارة الصناعة حتى العام 2020، ومشروع وزارة الصناعة للسياسة الاقتصادية للتنمية المستدامة للعام 2025، والرؤية التكاملية لوزارة الصناعة: لبنان الصناعة 2025، والخطة التشغيلية لوزارة الصناعة لعام 2017.
ودعا الحاج حسن الى حماية الصناعة اللبنانية لاسيما بعدما تراجعت نسبة الصادرات الصناعية من 4.5 مليار دولار في عام 2012 الى 2.5 مليار دولار في العام 2017، لافتاً الى ضرورة اتخاذ قرارات تعيد الى الصناعة اللبنانية حضورها وتأثيرها الايجابي على الميزان التجاري. واقترح خطة طوارئ صناعية بالتنسيق مع كل الادارات المختصة. كما تحدث رئيس جمعية الصناعيين الشيخ فادي الجميل مؤكدا على القدرات الموجودة لدى الصناعيين اللبنانيين والتي تحتاج فقط الى اجراءات سريعة لتفعيلها والاستفادة منها.
وردّ عون منوها بالجهد الذي يقوم به وزير الصناعة ومعاونوه بالتعاون مع جمعية الصناعيين والعاملين في القطاع الصناعي من اجل تعزيز الصناعة اللبنانية، لافتا الى ان الخطة الاقتصادية التي يجري العمل لاقرارها، تعطي حيزا كبيرا للصناعة اللبنانية وقطاعات الانتاج الاخرى بعدما كان الاقتصاد اللبناني قائما خلال الاعوام الماضية على الاقتصاد الريعي. ولفت الى ان لبنان يعلق اهمية كبيرة على مؤتمر "سيدر" لدعم الاستثمار فيه الذي سيعقد في باريس خلال شهر نيسان المقبل، لاسيما وان من اولويات الحكومة اللبنانية طلب مساعدات اقتصادية من خلال مشاريع محددة ستقدم الى الدول المشاركة، كما سيطلب لبنان فتح المزيد من الاسواق امام الصناعة اللبنانية التي تتميز بالجودة العالمية. وقال الرئيس عون ان ورقة لبنان الى مؤتمر "سيدر" ستتضمن مشاريع تفيد اللبنانيين مباشرة وتخفف من الضائقة الاقتصادية التي اتت نتيجة تراكمات الاعوام الماضية.
النائب عاصم عراجي
والاوضاع الاقتصادية والزراعية في البقاع كانت محور بحث بين الرئيس عون والنائب عاصم عراجي الذي اوضح ان المنطقة تواجه صعوبات كثيرة، بعضها ناتج عن توزع النازحين السوريين فيها، لافتا الى أنّ بر الياس مثلاً تضم 10% من مجموع النازحين السوريين، وكذلك بلدة قب الياس. وذكر ان الوضع الزراعي في المنطقة يواجه صعوبات، مورداً مقترحات لمعالجته. واشار الى ان الرئيس عون مهتم باوضاع المنطقة البقاعية ويعمل على معالجة حاجاتها مع الادارات والمؤسسات المعنية.
الوزير السابق ماريو عون وبلدية الناعمة
وعرض عون، في حضور الوزير السابق ماريو عون، حاجات بلدة الناعمة مع وفد من بلديتها لاسيما ما يتعلق بالمشاريع الانمائية فيها وتلك التي وضعت مخططات لتنفيذها. كما تطرق البحث الى وضع الفلسطينيين في المنطقة وما ينتج عن هذا الوجود. وقد اكد الرئيس عون اهتمامه بمطالب اهالي الناعمة واوعز الى الجهات المختصة معالجتها.
أخبار متعلقة :